غريبة هي حَـال الإنسان (دائماً) ما تتقافز الكلمات على لسانه، وتتسابق للخروج من فِـيْـه، ولكن ما أنْ يُـصَـابَ بصدمة كبيرة وهزة عنيفة إلا ويشعر بِـأن لُـغَـتَـه بخيلة أو عاجزة حتى عن إسعافه ببضعة من حروف!! تلك الحالة تَـلَـبّـسَـتْــنِـي، صباح أمس الجمعة عند الإعلان عن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته! فقد فَـقَـدتُ أدوات التركيز، ودخلت في نوبة من الحزن والذهول، حاولت بعدها أن أستنهِـضَ قُـواي، وأن أجمع شتات تفكيري، باحثاً عن حروفي وكلماتي الهاربة! وبعد عدة محاولات أعاد لي شيئاً من توازني ظاهرة لمستها في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وأدواته وقنواته، التي أجزم أنها تُـسَـجّــل تلك الظاهرة للمرة الأولى في تاريخها! وأنا أعني هنا ذلك المطر المنهمر والغزير من الدعوات الصادقة التي احتضنها الثلث الأخير من ليلة الجمعة المباركة، دعوات مخلصة للملك عبدالله نبضتْ بها قلوبُ وكلماتُ شعْــبٍ أحبه!! فتلك الدعوات الصادقة والمشاعر النبيلة أراها ترسم صورة إنسانية رائعة، وتقدم أنموذجاً فريداً من علاقة الحبّ المتبادل بين شَـعب وقائده أو مَـلِـكه! (فالملك عبدالله غفر الله له) كان إنساناً صادقاً شَـفّـافَـاً؛ ولذا صَـافح المواطنين بتواضعه وبقربه منهم وببساطته وعفويته وحرصه وسَـهَـره على خدمتهم؛ فبادلوه الحبّ، حتى سَـكَــن أرجاء أفئدتهم ودماء عروقهم، صغيرهم قبل كبيرهم! (أبو متعب)؛ إضافة لصدقه وإنسانيته التي أَسَـرَ بهما شعبه قدم خلال سنوات حكمه ملحمة وطنية في البناء والتنمية في شتى الميادين الداخلية، وكان رَجُــلاً بِـأُمّــة؛ فله أدواره وإسهاماته الحكيمة في نشر السلام والمحبة والوئام خليجياً وعربياً ودولياً! فبحكمة بالغة وباتزان وتوازن قَاد مجتمعه ووطنه نحو التغيير للأفضل، وِفق متغيرات الـعَـصر ومستجداته مع المحافظة على المُـسلمات والثوابت الشرعية، محققاً معادلة حُـقّ للتاريخ أن يرصدها بمداد من نور، وتلك حكايات (نتركها للـغَـد)، ولكن قبلها هذه دعوة صادقة بأن يُـوَفّـق اللهُ خادمَ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبد العزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف ، وأن يُـعِـينهم على مواصلة رحلة العطاء والنماء، وأن يُـدِيْــمَ على بلادنا نعمة الإسلام والأمن والاستقرار والرّخاء!! aaljamili@yahoo.com