عارف الصاوي-نيروبي طفل من أطفال الحرب في أفريقيا، هرب من الأهوال قبل نحو عقدين، ليعود اليوم إلى القارة السمراء نجما سينمائيا بغية علاج والدته المريضة. "قير ديوني" حمل السلاح قبل 18 عاما، لكنه وصل نيروبي اليوم متحدثا عن الفيلم السينمائي الذي شارك فيه وكانت قصته محورها. وقد عرضت دور السينما العالميةفيلم "الكذبة المتقنة" (the good lie) في يونيو/حزيران الماضي، وهو يحكي قصة أطفال عايشوا فظاعة الحرب في السودان وهاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية، واستمر الفيلم في بعض دور العرض حتى مطلع يناير/كانون الثاني 2015. وتناولالفيلم قصة خاصة عن أطفال الحرب الأهلية في السودان والمعاناة التي تعرضوا لها خلال تسعينيات القرن الماضي. وأخرج الفيلم المخرج الكندي فيليب فالارديو الذي زار معسكر كاكوما شرق كينيا للاجئين من جنوب السودان قبل أكثر من عشر سنوات، وحين وجد سيناريو كتبته مارغريت ناغل تذكر الأيام التي قضاها في المعسكر وقرر تبني هذا العمل سينمائيا. ديوني رفقة ويذرسبون في مشهد من مشاهد فيلم "الكذبة المتقنة" (الأوروبية) رحلة الهروب تبدأ قصة الفيلم من قرية في نواحي بحر الغزال، حيث تحلق طائرات الأنتونوف التابعة للجيش الحكومي السوداني فوق سماء قرية صغيرة حينما كان "قيراماهيا" فتى صغيرا يلعب مع إخوته وأصدقائه، فقصفت الطائرات القرية ونزل الجنود برا يطاردون أهلها، ليهرب الفتى الصغير وينجو مع رفيقيه "بول" و"أبيتال" و"ماميري" بعد مقتل أسرته وعدد كبير من الأهالي. واتجه الأطفال إلى إثيوبيا، وفي الطريق وقع أخوهم الأكبر في أسر القوات الحكومية، كما اندلعت مطلع التسعينيات الحرب الإثيوبية التي اضطرت اللاجئين لتحويل المسار إلى كينيا. ويقضي الأطفال سنوات في معسكر كاكوما للاجئين بكينيا، قبل أن ينتقلوا إلى الولايات المتحدة حيث تستقبلهم كيري -التي جسدت دورها نجمة هوليوود ريز ويذرسبون- لمساعدتهم في إيجاد عائلة تتبناهم، وإيجاد وظائف لهم من أجل إدماجهم في الحياة الأميركية. قير ديوني في نيروبي أثناء لقائه بمراسل الجزيرة نت(الجزيرة) لقاء خاص في مقهي مونيكا بنيروبي، التقت الجزيرة نت مع "قير ديوني" أحد الممثلين الرئيسيين في فيلم "الكذبة المتقنة". وحينما بدأ يسرد قصته الحقيقية، كانت الأحداث تتطابق تطابقا كاملا مع قصة الفيلم. عاش ديوني طفولته متأثرا بأوضاع الحرب في السودان، وحينما هرب إلى إثيوبيا ظنا منه أنها مكان آمن اندلعت الحرب الإثيوبية فعاد إلى السودان عام 1992 وهو في عمر 16 عاما، ليكتشف انشقاق حركة الثوار الجنوبيين ويضطر إلى حمل السلاح كواحد من الأطفال المجندين وقتها، إلى أن قرر بعد عامين الهرب من الحرب إلى كينيا، حيث كان معسكر داداب نقطة انطلاقه إلى أميركا ضمن برنامج الأمم المتحدة لإعادة التوطين. والآن يعود ديوني إلى نيروبي للإشراف على علاج والدته التي رآها لأول مرة عام 2011 بعد 18 عاما من الفراق. ويقول قير ديوني للجزيرة نت "حينما ذهبت إلى الولايات المتحدة بدأت ألعب كرة السلة وبرزت فيها، وقد مكنني ذلك من القيام بأشياء كثيرة كأن أحصل على منحة لإكمال الجامعة". وحينما شرع المنتجون في هوليود بالبحث عن ممثلين لأدوار ثانوية لمهاجرين من دول تعيش أوضاع الحرب، كان ديوني أحد المرشحين الرئيسيين، حيث انتقل إلى نيويورك وأصبح عارض أزياء. وفي عام 2003 بدأ مشواره مع ديفد روسيل مخرج ومنتج فيلم "آي هيرت هاكبيس" (I Heart Hukabees)، وكان هذا أول فيلم يشارك فيه. وعن فيلم "الكذبة المتقنة" يقول للجزيرة نت "حينما مررت على قصة الفيلم قبل عشر سنوات، وجدتها تشبه إلى حد كبير القصة الحقيقية التي تعرضت لها وتعرض لها معظم أطفال الحرب في معسكرات اللجوء، وكانت هذه أول مرة أشعر فيها بنص سينمائي يتحدث بشكل حقيقي عن قصتي".