لا أقول عن واقع العالم العربي إنه لا يعاني من عدة مشاكل، باستثناء مملكتنا، التي قفزت إلى موقع كفاءة القدرة الذاتية، وبالتالي التعامل المشترك عبر استفادات متبادلة.. العالم العربي.. وهذا معروف، وتكرر في الكتابة.. منذ ما لا يقل عن السبعين عاماً.. وهو يتجه إلى هبوط، ثم يتخبط باحثاً عن حلول لما يعانيه من تعدد مشاكل.. وسبق أن قلت بأن من الأسف عدم وعْي المواطن بطبيعة ما يحدث في حاضره وما يحتاجه من طبيعة واقعية لما يريده في مستقبله، أو على الأقل يرى كيف قفزت دول غير عربية من حوله إلى مكانات قدرات اقتصادية.. إن لم تصل بها إلى أولوية دولية، فهي على الأقل قد وصلت بها إلى كفاءة مقدرات واقعها الذي تعيشه.. كيف كانت بعض تلك الدول بالأمس البعيد والقريب؟.. لا شيء.. والمؤلم الجارح في عالمنا العربي أنه تواصل وجود تخلّفات وأساليب ممارسات غادرها العالم الثالث منذ سنوات عديدة.. السودان مثلاً.. ما يحدث به الآن.. وهنا أقصد أسلوب معالجة ما يحدث.. لا نجد أنه يتم بموضوعية واحترام متبادل بين قوى المجتمع، وإنما نجد أن رجلاً عسكرياً فرض لنفسه موقع سلطة عسكرية تضعه رئيس دولة، ولم يحدّد متى يجب أن يستقر في بيته فقط.. أين السودان القديم؟.. السودان الذي كان ينافس مصر القديمة في جزالة كفاءة قدراتها ومستواها الحضاري.. هو الآن في واقع متخلف جداً، لأن مسار السلطة أصبح طريقه انتزاع السلطة والهيمنة عليها.. لا نحتاج في سوريا إلى حرف واحد مما سبق، لأن سوريا القديمة جداً - قبل السبعين عاماً تقريباً - هي التي انطلقت منها ممارسات وأفكار القدرات الأكثر كفاءة وليس الأقسى سلطة.. ماذا يحدث الآن؟.. الرجل أتى وواصل باسم محدودية سلطانية يرى أنها خاصة به.. وكأنها نتيجة تعليمات ديانة.. خذ عدد الأشخاص الذين يمر بهم القتل المباشر في العراق، في تونس، في السودان، في ليبيا.. وستجد أن مَنْ يقتلون وبقسوة لا تطالها قسوة أخرى بخصوصية سوريا والعراق في ذلك هم في عدد المئات غالباً أثناء نتائج مناسبة الصراع الواحد.. والمضحك أن العرب ينتظرون موقفاً أمريكياً يعيد لهم السلطة ويتم استبعاد سوريا من واقعها، وهم هنا لا يعرفون أن أمريكا أصبحت تعاني تراجعاً اقتصادياً مخيفاً لم تمر به روسيا التي كنا نعتقد أنها بعيدة عن الازدهار الأمريكي.. فإذا العكس يحدث في ذلك.. وحدهم العرب الذين لا يدركون ذلك، وبالتالي لا يدركون أي موضوعية للاتجاهات.