أكد رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعتبر الداعم الرئيسي لأمن واستقرار ووحدة وسيادة ليبيا، موضحا أن هناك تنسيقا على أعلى مستوى بين المملكة وليبيا لرسم ملامح علاقة قوية ومتينة وبما يخدم مصالح الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وقال رئيس الوزراء الليبي في حوار شامل أجرته عكاظ إن الجماعات الإرهابية تحالفت مع بعضها لتقويض الدولة الليبية المعترف بها دوليا والاستيلاء على الحكم وتطبيق رؤيتهم بقوة السلاح، مؤكدا أن هذه المجموعات الإرهابية الموجودة في درنة تبنت فكر تنظيم داعش الإرهابي. وكشف الثني عن وجود دعم خارجي لهذه المجموعات الإرهابية وهناك أدلة على وجود هذا الدعم، مشيرا إلى أن جميع المحاولات لتغيير المسار الديموقراطي في ليبيا محكوم عليها بالفشل، وهي قادمة من كيانات غير شرعية. وأكد الثني أن ليبيا لا تتجه نحو التقسيم، والمجتمع الليبي متجانس بيد أنه قال إن ما يحدث الآن هو نتيجة لأفكار وايديولوجيات طارئة وغريبة علينا ويرفضها الشعب. وهنا نص الحوار: * بداية كيف تنظرون لمستقبل العلاقات السعودية الليبية خاصة في جوانبها السياسية والأمنية وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف؟ * * في الواقع أن مستقبل العلاقات الليبية السعودية هو مستقبل واعد وهناك تنسيق على أعلى مستوى بين البلدين الشقيقين لرسم ملامح علاقة قوية ومتينة وبما يخدم مصالح الشعبين، وليبيا تدرك جيدا مدى أهمية المملكة سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي وهي بالتالي حريصة على تطوير العلاقات معها لتشمل كافة المجالات ووجدنا نفس الحرص من الجانب السعودي الشقيق. الملك عبدالله داعم للاستقرار * خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان ولا يزال حريصا على وحدة وسيادة وآمن واستقرار ليبيا.. كيف تنظرون إلى دعمه لليبيا ورؤيته للحفاظ على الكيان الليبي موحد وآمن؟ * * بداية، أسجل شكر وتقدير الشعب الليبي والحكومة المؤقتة للشعب السعودي الشقيق وقيادته الحكيمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للدعم غير المحدود الذي يقدمونه للشعب الليبي وموقفهم الأخوي، وهذا ليس بغريب على الأشقاء في المملكة المعروف عنهم وقوفهم إلى جانب أشقائهم في مختلف الظروف، والمملكة نكن لها كل الاحترام وهي دولة كبرى في الوطن العربي ولها وزنها السياسي والاقتصادي في المنطقة وتحظى بالاحترام والتقدير في المحافل العالمية. نرفض الإرهاب * مكافحة الإرهاب والتطرف أصبح هو الهاجس الرئيسي في المنطقة العربية على ضوء تمدد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق.. كيف تتعاملون مع ملف الإرهاب بجوانبه الخارجية والداخلية؟ * * كما تعلمون أن الشعوب العربية هي بطبيعتها ضد الإرهاب، الذي يناقض أسس وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى المعاملة بالحسنى وينهى عن العنف، والإرهاب والتطرف ظواهر غريبة علينا جاءت من ثقافات أخرى لضرب النسيج الاجتماعي في دولنا، وبالتالي فإننا نرفضه جملة تفصيلا ونسعى لمحاربته بكل الوسائل لإعادة الأمن والاستقرار لبلادنا وإصلاح ما تمزق من النسيج الاجتماعي بسبب هذه الأعمال الإرهابية. نرفض استخدام السلاح * هل هناك تواجد لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا وهل تتلقى المليشيات المسلحة في ليبيا أي دعم عسكري من التنظيمات الإرهابية من الخارج؟ * * ما يحدث في ليبيا حرب من جانب مؤسسات الدولة المعترف بها ضد جماعات إرهابية مختلفة تحالفت مع بعضها لتقويض الدولة والاستيلاء على الحكم وتطبيق رؤيتهم بقوة السلاح، فهنالك تحالف بين عدة تيارات تدعي زورا وبهتانا الإسلام وهي بعيدة عن الدين الإسلامي الحنيف وليس بغريب وجود ما يسمى بداعش من بين هذه التنظيمات، وكلها جماعات مارقة خارجة عن القانون ولا تريد بناء دولة القانون والمؤسسات، وقد تبنت المجموعات الإرهابية الموجودة في درنة فكر داعش الإرهابي، وأعلنت أنها تابعة له، ومؤخرا تبنت ما يسمى بداعش ليبيا التفجير الذي استهدف مقر الأمن الدبلوماسي في طرابلس، أما بخصوص الدعم الخارجي فهناك أدلة على وجود دعم خارجي لهذه الجماعات المتطرفة من عدة دول. حكومتنا معترف بها دوليا * يتساءل الجميع ماذا يجري في ليبيا، في ضوء حل البرلمان، ومن ثم الحكومة، حكومتان وبرلمانان؟ * * بالعكس حكم الدائرة الدستورية الذي صدر مؤخرا لا يعني حل البرلمان ولا يعني عودة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، والموجود في ليبيا مؤسسة منتخبة معترف بها دوليا متمثلة في مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه، وما عدا ذلك لا يعد إلا محاولات فاشلة لتغيير المسار الديموقراطي في ليبيا محكوم عليها بالفشل، وهي كيانات غير شرعية وغير معترف بها سواء محليا أو دوليا. ماضون إلى الأمام * إلى أين تمضي الدولة الليبية وسط هذه الفوضى؟ * * إننا على ثقة كاملة بأنها تسير إلى الأمام وفي الطريق الصحيح بإذن الله، ونحن متفائلون بالمستقبل بفضل شجاعة ومثابرة أغلبية أبناء الشعب الليبي وحرصهم على مستقبل بلدهم. * الرأي العام يريد أن يعرف من يحكم ليبيا الآن، ولمن تخضع القوات المسلحة والشرطة وغيرهما من المؤسسات؟ * * الذي يحكم ليبيا الآن هي السلطة التشريعية وهي البرلمان المنتخب من الشعب في انتخابات حرة ونزيهة بشهادة العالم، والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه وهي تمثل السلطة التنفيذية، وكلاهما معترف به محليا ودوليا وكافة مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش والشرطة تخضع له وتحت سلطته. الدعم الدولي لتجاوز المحنة * ما الذي طلبتموه من المجتمع الدولي ولم يستجب له، وما نوع الدعم الذي تريدونه؟ * * كل ما نطلبه من المجتمع الدولي هو مساعدتنا في تجاوز هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد من خلال الخبراء والمختصين وتزويدنا بكل ما نحتاجه لبناء دولة القانون والمؤسسات دون تدخل في شؤوننا الداخلية أو فرض الوصاية علينا، ونتوقع من المجتمع الدولي مساعدتنا في بناء جيش قوي، ولاؤه لله ثم للوطن من خلال التدريب والتجهيز، باعتبار هذا الجيش الركيزة الأولى في بناء الدولة، وكذلك تكوين جهاز شرطة على أعلى مستوى يسهر على أمن وأمان المواطن. * باعتقادكم من يقف وراء عدم تسليح الجيش الليبي لمواجهة المليشيات المسلحة وجماعات العنف؟ * * هناك جهات محلية ودولية تقف وراء عرقلة بناء الجيش الليبي لمصالح أنانية ورغبة منهم في استمرار الفوضى حتى يتسنى لهم تحقيق أهدافهم، المجموعات المسلحة الخارجة عن شرعية الدولة ترى في الجيش والشرطة أداة لفرض النظام والقانون وبالتالي فهم سيفقدون السلطة غير الشرعية التي يتمتعون بها الآن باعتبارهم يملكون السلاح، ونحن نرى بوجوب نزع السلاح من هذه المجموعة لفرض القانون على الجميع، ويجب العمل من قبل المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإجبار الدول التي تدعم هذه الجماعات على إيقاف هذا الدعم الذي يؤجج العنف في ليبيا. لا لتقسيم ليبيا * ثمة تحليلات تذهب إلى أن ليبيا تسير بقوة نحو التقسيم، فهل شبح التقسيم يلوح في الأفق؟ * * لا تسير ليبيا نحو التقسيم؛ لأن المعطيات على الأرض تقول عكس ذلك، فالمجتمع الليبي متجانس إلى أقصى حد ومترابط. فليبيا مجتمع ليس به مكونات لا طائفية ولا دينية ولا عرقية فكلنا ليبيون ومسلمون وسطيون بالإضافة إلى تجانس الرقعة الجغرافية لليبيا، أما ما يحدث الآن في ليبيا فهو نتيجة لأفكار وايديولوجيات طارئة وغريبة علينا ويرفضها الشعب ويحاربها بالتعاون مع الحكومة ومجلس النواب، وهي في طريقها إلى الزوال بإذن الله. السلاح للمليشيات * ومن يقف وراء تسليح مليشيا العنف في ليبيا، من أين تحصل هذه المليشيات على السلاح والعتاد؟ * * تحصلت المليشيات على السلاح من عدة مصادر منها ما أخذ من مخازن الجيش الليبي إبان ثورة 17 فبراير، بالإضافة إلى التسليح الذي جرى أثناء الثورة من عدة دول وجهات. ورفضت العديد من التشكيلات المسلحة تسليم سلاحها بعد انتصار الثورة وبقيت متمسكة به مما جعلها هدفا للاستقطاب من قبل العديد من أصحاب الأجندات الخفية سواء داخليا أو خارجيا. دعم عربي لليبيا * كيف تقيمون الموقف العربي من الوضع في ليبيا، ومن حربكم على الإرهاب؟ وهل توجد دول بعينها تدعم الفوضى في ليبيا سواء عربية أو إقليمية؟ * * الموقف العربي من الوضع في ليبيا جيد جدا، وخصوصا دول الجوار، فالكل يسعى بكل جهده لاستقرار ليبيا وازدهارها، وخصوصا أن ليبيا تتوسط الوطن العربي، وبالتالي سيكون لها تأثير على محيطها سلبا أو إيجابا، هذا إلى جانب موقفهم الإيجابي وتعاونهم معنا في محاربة الإرهاب، كانت لدى بعض الدول العربية علاقات مع بعض المجموعات المسلحة ودعمتها بالسلاح والخبراء، وهو الأمر الذي أجج الصراع وجعله يستمر كل هذه المدة، ولكن أخيرا بعد زياراتنا لبعض هذه الدول ومناقشة الوضع الحالي في ليبيا ومدى تأثيره السلبي على دول الجوار تمكنا من تقوية العلاقات بين هذه الدول والسلطات الشرعية، وبعض هذه الدول تم إقناعها إقليميا بخطورة موقفها من تأجيج الصراع في ليبيا وبضرورة تغيير موقفها، ونأمل أن تتغير هذه المواقف الداعمة لبعض المجموعات المسلحة لتكون مع السلطات الشرعية التي تدعمها أغلب دول العالم والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة. الحوار هو الحل * دعوتم إلى الحوار، فكيف جاءت الاستجابة لهذه الدعوة، وهل يمكن للقوة أن تحل الوضع المعقد في البلاد؟ * * بين كافة أبناء الشعب الليبي هو الحل الوحيد للخروج بليبيا من هذه الظروف الصعبة، وقد عملت الحكومة منذ البداية في هذا الإطار، وطلبت في كل المناسبات من كافة الأطراف الجلوس للحوار، ومازلنا مستمرين في هذا النهج، والحل العسكري لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة. أما ما يحدث حاليا فهو أمر مشروع وهو مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون فهذه المجموعات لا حوار معها ما لم تتراجع عن موقفها وتترك السلاح. تحرير طرابلس قريبا * متى تعود حكومتكم إلى طرابلس؟ وكيف ستحررونها من مليشيا فجر ليبيا؟ * * ستعود الحكومة إلى العاصمة طرابلس فور تحريرها من الجماعات الإرهابية المستولية على مؤسساتها بعد تأمينها وإعداد خطط لتأمين العاصمة بعد إخراج كافة التشكيلات المسلحة منها وتسليمها للجهات الأمنية الشرعية للدولة الليبية المتمثلة في وزارة الداخلية والجيش الليبي، والجيش الليبي الآن في طريقه لتحريرها ويحرز تقدما كل يوم بفضل التحاق أبناء الشعب معه وستكون الأيام القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت. * تأخير تعيين وزير للدفاع، هل له علاقة بتردي الأوضاع في البلاد؟ * * ليست هناك علاقة بين تأخير تعيين وزير للدفاع بتردي الأوضاع في البلاد، والحكومة قدمت مقترحاتها للبرلمان لاعتماد وزير الدفاع ونحن في انتظار ذلك، وفي كل الأحوال هناك وكيل لوزارة الدفاع مكلف بتسيير أعمال الوزارة إلى حين تعيين وزير لها، أي أن الوزارة ليست شاغرة الآن. مصر جارة وشقيقة * كيف تنظرون إلى تعاون مصر معكم في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا؟ * * مصر الجارة الكبرى والدولة الشقيقة التي تربطنا بها وشائج القربى والدم والتاريخ المشترك، وهي تتعاون معنا في مختلف المجالات وتسعى بكل جهد للمساهمة في استقرار الأوضاع في ليبيا، وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر والتقدير وبالغ الاحترام لجمهورية مصر رئيسا وحكومة وشعبا على وقوفهم الدائم مع ليبيا في المحنة التي تمر بها. * ما هي رؤيتكم لحل الأزمة الليبية المعقدة في المستقبل؟ * * الحل في ليبيا يكمن في الحوار بين مختلف الأطراف ووضع خارطة طريق للخروج بليبيا من هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه، وهذا لا يتأتى إلا بحسن النوايا والشعور بالوطنية وتوفر الإرادة السياسية من مختلف الفرقاء. * ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه دول الجوار في إنهاء الأزمة الليبية؟ ماذا عن دور الجامعة العربية؟ * * دول الجوار تتأثر بما يجري في ليبيا، وهي حريصة كل الحرص على أمن استقرار ليبيا الذي سينعكس على أمن واستقرار المنطقة، وهناك مؤتمر لدول جوار ليبيا يعقد دوريا، وآخر انعقاد كان في المدة الماضية بالعاصمة السودانية الخرطوم، والهدف من هذه الاجتماعات هو لتنسيق الجهود بين كل دول الجوار لمساعدة ليبيا في الخروج من أزمتها.. أما دور الجامعة العربية فهو محوري لتنسيق جهود الدول العربية ومتابعتها، وهو الدور الأساسي للجامعة.