يستقبل طلاب المدارس هذه الأيام الاختبارات النهائية لهذا الفصل الدراسي، وهم في حاجةٍ إلى توجيههم وإعانتهم من قبل آبائهم؛ ليجتازوا الاختبارات بالدرجات المرتفعة، وثمة أمور ينبغي التنبيه إليها: أولاً: أنْ يُحسِن الطالب نيَّته في دراسته، فيتعلم تلك العلوم طلباً للعلم، ورفعاً للجهل عن نفسه، وتزوداً من العلم النافع، قال تعالى لسيِّد المرسلين: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) قال ابن القيم -رحمه الله: (وكفى بهذا شرفًا للعلم، أنْ أمرَ نبيَّه أنْ يسأله مزيدا منه) وقال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: (أي: زدني منك علمًا، قال ابن عيينة -رحمه الله-: ولم يزل -صلى الله عليه وسلم- في زيادة حتى توفاه الله -عز وجل-) اهـ. وقد قيل: ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيءٍ إلا في العلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) متفق عليه، وينبغي أنْ يخلص الطالب في طلبه للعلم، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في كتاب العلم: «ومن إخلاص النية في طلب العلم أنْ ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره من الأمَّة، وعلامة ذلك أنَّ الرجل تجده بعد طلب العلم متأثرًا بما طلب، متغيرًا في سلوكه ومنهاجه، وتجده حريصًا على نفع غيره، وهذا يدل على أنَّ نيته في طلب العلم رفع الجهل عنه وعن غيره، فيكون قدوة صالحاً مصلحًا، وهذا ما كان عليه السلف الصالح، أما ما عليه الخلف اليوم فيختلف كثيرًا عن ذلك، فتجد الأعداد الكبيرة من الطلاب في الجامعات والمعاهد، منهم من نيته لا تنفعه في الدنيا والآخرة، بل تضره، فهو ينوي أنْ يصل إلى الشهادة لكي يتوصل بها إلى الدنيا فقط، وقد جاء التحذير من الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة أي ريحها». ثانياً: على الطالب أنْ يجتهد في دراسته، ويوليها اهتمامه، لأجل أنْ يحصل المقصود من تلك الدراسة، ولا يكون همه متى تنقضي لأجل أنْ يلهو ويلعب، ولا يعنيه ما حصَّل من علومٍ نافعة، بل عليه أنْ يحرص على الاستفادة من تلك العلوم خصوصاً العلوم الشرعيَّة وما يتبعها من علومٍ نافعةٍ، وينشرها بين الناس، ويحرِّك بها أذهان الجلاس. ثالثاً: على الطالب أنْ يحذر من أصدقاء السوء الذين يزينون له السهر والمواصلة أيام الاختبارات، ويسهِّلون عليه الحصول على حبوبٍ مخدِّرةٍ مثل الكبتاجون وغيرها، من السموم التي تسري في الجسد حتى تهلكه، ومن المصائب كثرة رواجها هذه الأيام؛ لأن بها السم الزعاف، فأيام الاختبارات موسمٌ ينشط فيه مروِّجوها؛ ليصطادوا أكبر عددٍ ممكنٍ من الطلاب وغيرهم، وبفضل الله فإنَّ للجوازات ومكافحة المخدرات ورجال الأمن ورئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهود كبيرة في محاربة هذه السموم الخطيرة التي تستهدف هذا البلد المبارك وأهله، فعلى الطالب أنْ يصاحب أصدقاء الخير والصلاح، ويراجع دروسه جيداً، وينام مبكراً؛ فإذا صلى الفجر مع الجماعة راجع المهم مما سيختبر فيه، ويسأل الله الإعانة والتوفيق. رابعاً: أنْ يحذر الطالب من الغش في الاختبار في جميع المواد، ويتجنب أي وسيلةٍ في ذلك، فإنَّ النجاح بالغشِّ ليس نجاحاً حتى ولو حصل على الشهادة؛ لأنه غشَّ نفسه وغشَّ غيره وفعل محرَّماً يأثم عليه، قال صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا). إنَّ الناجح حقاً وصدقاً هو الذي ينجح عن جدٍّ واجتهادٍ وصبرٍ ومصابرةٍ في تعلم العلم وحفظه وفهمه، وسيحصد ثمرة تعبه بما ينسيه ذلك التعب والاجتهاد. خامساً: أنْ يعلم الطالب أنَّ ما تعلَّمه من علمٍ سينتفع به طيلة حياته، خصوصاً العلم الشرعي الذي يحتاجه إلى مماته، ولا يظن أنَّه بمجرد اختبار المقرر فإنَّه لن يحتاج إلى ما فيه من علمٍ مستقبلا، فإنَّ علم العقيدة والحديث والتفسير والفقه علومٌ مهمَّةٌ في حياة المسلم، يحتاج إليها باستمرار، وهي رفعةٌ له متى أخلص النية لله تعالى. سادساً: على الطلاب أنْ يكثروا من الدعاء في جميع أحوالهم، ومن ذلك أنْ يدعو لأنفسهم بالتوفيق والنجاح والتسهيل والتيسير. سابعا: على أولياء الأمور من الآباء وغيرهم أنْ يعينوا فلذات أكبادهم بما استطاعوا، وينصحوا لهم، ويعينوهم على ترتيب أوقاتهم، وأنْ يخصوهم بالدعاء، فدعاء الوالدين مستجاب. أسأل الله أنْ يوفِّق جميع الطلاب والطالبات في اختباراتهم، وأنْ ييسر أمورهم، وأنْ يعنيهم على المذاكرة والمراجعة، وأنْ يجعل طلبهم للعلم لوجه الله تعالى، لا لأجل تحقيق أمرٍ دنيوي.