×
محافظة المدينة المنورة

«ريتشارد مورتيل» يؤرخ لمدن الحجاز

صورة الخبر

لم أرغب في هذا الموضوع ذكر أسماء بعينها وليست كتابتي هنا من أجل المقارنات والحديث عن المستويات؛ بقدر الاشارة الى حال التأثير والتأثر الذي ظهر في الاعوام الاخيرة على نحو واضح ومباشر في عدد من الاعمال التي لقيت رواجا في السوق على الخصوص. من الطبيعي ان يترك بعض الفنانين تأثيرا على بعض زملائهم، والتأثر له اسباب؛ من بينها واهمها الخواء وعدم الثقة في النفس وفي ما يمكن ان يُنتج وكذلك نجاح اعمال المؤثر واستقطابها المشاهدين او المقتنين او المحكمين ومانحي الجوائز وقاعات العرض وغيرها. وتجربتنا المحلية لا تخلو من ذلك فقد حاول وسعى الفنان الراحل عبدالحليم رضوي بعد عودته من اسبانيا وتقلده رئاسة جمعية الثقافة والفنون بجدة فرض اسلوبه على عدد من ابناء منطقته؛ إما بالاشارة الى بعضهم في احاديثه الصحفية او عرض اعمالهم في معارض ينظمها او يشرف عليها او غير ذلك، وقد نجح بالفعل في التأثير على بعض الفنانين الذين واكبوا مسيرته واعتبروه استاذا لهم، وهو كذلك، استاذ اجيال، وبذلك وجد عدد منهم اهتماما واضحا منه، وخلق ذلك بينه وبين اخرين خصومات، لعل الحوارات الصحفية التي اجريت معه او بعض المعارض تؤكد ذلك، لكن الفنان في حقيقته لا يحتاج دوما ان يكون تبعا او نسخة من احد، ولا يحدث ذلك الا مع محدودية المعرفة وقلة الخبرة وقلة الاطلاع على انتاج الاخرين من الداخل والخارج، ومعظم المتأثرين نجد انهم قليلو الاطلاع والخبرة والارتحال والمشاهدة الحقيقية للاعمال الفنية الاصلية، وربما طمعهم ايضا في البروز والظهور ولفت الانظار والمنافسة على الكسب، كسب الجوائز والاقتناء او استرضاء زملائهم او من يعجبهم مثل تلك الاعمال وغير ذلك. لم تخل اعمال بعض الاجيال من تأثير زملائهم او زميلاتهم وربما يكون ذلك طبيعيا في البدايات حيث الاطلاع او التعلم من خلال ورش او دورات او حتى مشاهدة المعارض المحلية وحضور ندوات او قراءات لاهمية هذا التيار او ذاك، لكن الاشكال ان نبقى مقلدين. في المعارض الاخيرة التي نظمتها وزارة الثقافة والاعلام واهمها معارض الفن السعودي المعاصر واقيمت منذ اعوام اطلعت على دليل احد هذه المعارض ووجدت ان نسبة كبيرة من الاعمال متشابهة ومعلومة المصدر، وقد كتبت حينها عن ذلك فقد توجه عدد من المشاركين الى صيغ احد زملائهم الذي كان اكثرهم حيوية وحضورا وارتباطا بالخارج وبمناسبات محلية وجد فيها اهتماما باسلوبه، بل ومُنح الجوائز في عدد من المعارض المحلية، واقبل بعض مرتادي المعارض على اقتناء اعماله، والواقع ان هذا الفنان الذي لم يزل يشكل حضورا في معظم المناسبات والمعارض. طوّر ادواته بنفسه ومن خلال اطلاعاته وعلاقاته وجديته، واسلوبه الفني او صيغه لم تأت وليدة الصدفة؛ فهو ايضا بدأ متأثرا بصيغ رآها في معارض خارجية لكنه مع وعيه بذلك سعى للتخلص من كل ما يربطه بغيره سريعا؛ ليعلن استقلاليته، ويترك اثره في غيره من زملاء مسيرته ممن هم في عمره او يصغرونه. اتابع ما ينشره بعض الفنانين والفنانات الشباب في بعض وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك، واشاهد مقدار العلاقة بين اعمال هذا الفنان واعمال اخرين تتراوح مستوياتهم بين الجيد والضعيف وبين من يبحث بفهم ومن يقلد ببلادة. وان تصل او تحقق اسلوبك الخاص او شخصيتك الفنية المستقلة ليس أمراً هينا؛ فعدد من الرسامين تنتهي اعمارهم دون ان تعرف لهم شخصية او اسلوبا فنيا يميزهم، وما أراه من اعمال ليست قليلة لم تزل تتخبط هنا وهناك بين هذا الفنان وذاك، وقد يزعج احدهم ان تشير الى اسم ما، تأثر به او ان بينه وبين هذا الاسم التقاء او مصدر ومرجعية واحدة، وكأننا نقلل من قيمة اعماله او مستواه، والفن اذا لم يواكبه وعي وفهم وثقافة واطلاع وبحث ومغامرة يبقى محدودا وبسيطا ولا يترك اثرا او يحمل معنى الفن الحقيقي.