خلف بوابات سوداء وأسوار عالية تراقب عناصر الأمن الوطني العراقي 200 امرأة وطفل. يلعب الأولاد والبنات في الساحة ثم ينطلقون إلى كبائن يقيمون فيها بداخل معسكر سابق للجيش الأمريكي كان في يوم من الأيام مقرا لمسؤولي صدام حسين في مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل العراقية. ولا يرغب الأطفال والنساء في أن يكونوا ضيوفاً على هذا المكان، إذ تم جمعهم مع أقاربهم الذكور أثناء عملية شنتها ميليشيات "الحشد الشعبي" مع الجيش في أكتوبر/ تشرين الأول، بمدينة جرف الصخر أحد معاقل تنظيم "داعش". وبعد اعتقالهم أبعدت قوات الأمن الرجال واتهمتهم بأنهم مقاتلون في صفوف "داعش". ولم يعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. وتقول قوات الأمن: إن النساء والأطفال يخضعون للتحقيق لكنهم لم يمثلوا أمام المحكمة. ويشير وضعهم إلى مدى التغيير الذي يطرأ على المناطق التي يعيش فيها الشيعة والسنة معاً في وسط العراق. وفيما تضغط ميليشيات "الحشد الشعبي" لدخول أراض يسيطر عليها التنظيم المتشدد يفر الكثير من أهالي ديالى خوفاً من الاشتباكاتن فيما يصر قادة الميليشيات على ضرورة عدم السماح لتنظيم "داعش" بالهجوم عليهم مجدداً ولا العودة إلى مناطق تركها التنظيم، فيما تقرر الميليشيات الآن من يمكنه البقاء في مجتمع ما، ومن يجب أن يرحل ومن يجب تدمير منزله وأي المنازل يمكن أن يبقى، فعلى سبيل المثال أعادت المليشيات رسم جغرافيا وسط العراق فشق طريقاً بين المناطق في محافظة ديالى ومدينة سامراء. وقالت لجنة الإنقاذ الدولية: إن أكثر من 130 ألف شخص أغلبهم سنة فروا من وسط العراق عام 2014 مع احتساب الأراضي الزراعية بحزام بغداد ومحافظة ديالى بشمال شرق العراق فقط. "أنا حبيسة" وتحدث تغيرات درامية بالفعل على الأرض. فبالنسبة للنساء والأطفال من جرف الصخر كان الأمر يعني الاحتجاز لفترة غير محددة. وعندما خرجوا من منازلهم في أكتوبر/ تشرين الأول رافعين رايات الاستسلام البيضاء فرقت قوات الأمن بين النساء وأقاربهن الذكور. والآن تخشى المحتجزات في الحلة على مصيرهن. وقالت أم محمد، وهي تبكي بحرقة، أثناء زيارة قامت بها رويترز، الأسبوع الماضين، للمجمع الذي يحظى بحراسة أمنية مشددة "أنا حبيسة هنا أعيش على الصدقات دون أن أفهم، لماذا حصل لنا كل ذلك، كل ما أتمناه هو عودة زوجي لي وأن نرجع إلى مزرعتنا الصغيرة." ويقول مسؤولو الأمن: إن النساء والأطفال لم يمثلوا أمام المحكمة، ولن يطلق سراحهم قريباً. وقال فلاح الراضي رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة بابل: "هذه العوائل كانت ملتحقة بـ"داعش" أو توفر ملجأ لأفرادها. "القضاء هو من سيقرر مصيرهم." مصادرة الأراضي وبينما يطوق قادة الميليشيات وحلفاؤهم من رجال القبائل قرى في وسط العراق، قال قيادي في ميليشيا عصائب بيت الحق "نحن نتلقى الأوامر من الحكومة: كل من يعمل مع "داعش" سنقوم بمصادرة أراضيهم. هؤلاء الذين ليسوا مع "داعش" سنسمح لهم بالعودة." وأضاف: "أنه يتصل بمصادر في المناطق التي تسيطر عليها "داعش" وينتظر حتى يفر كل المدنيين قبل مهاجمتها وتحريرها"، ومع ذلك يقول لمن فقدوا منازلهم: "إن الميليشيات لا تفرق تقريباً بين الجهاديين والمدنيين حينما تجتاح هذه المناطق". منظمة بدر وطريق سامراء وتشرف منظمة بدر وهي حزب سياسي بارز يرتبط بإيران على الطريق الجديد الذي يؤدي إلى سامراء. وهو ما يعني أن بدر يمكنها إعادة إمداد القوات التي تحرس سامراء التي يحيط بها تنظيم "داعش" حالياً. ومؤخراً قام هادي العامري الأمين العام لمنظمة بدر بتفقد الطريق الممتد 35 كيلومتراً ووضع الأقماع البرتقالية التي توضع في مواقع البناء ووجه تعليماته لسائقي الجرافات. وقال محمد ناجي النائب في البرلمان عن منظمة بدر: إن لهذا الطريق أهمية استراتيجية للقضاء على "داعش" في أطراف ديالى وزيادة الضغط عليهم في صلاح الدين، مضيفاً "هادي العامري هو من اقترح إنشاء هذا الطريق وهو الذي يشرف عليه يومياً على الرغم من كل المخاطر." ويمر طريق سامراء عبر منطقة مضطربة تسمى الحاوي تعتقد بدر أنها معقل لخلايا تنظيم "داعش".