حمل عدد الخميس الماضي في هذه الجريدة تصريح وزارة الشؤون البلدية بأن موضوع (فرض الرسوم على الأراضي البيضاء المملوكة للغير) خارج اختصاصها له عدة اعتبارات قانونية وشرعية، كما أن له عدة جوانب، مؤكداً أنه في حال صدور أي توجيه حول هذا الموضوع ستقوم الوزارة بتنفيذ ما يخصها في ذلك. ولايزال موضوع فرض رسوم سنوية على "الأراضي البيضاء" وهي الأراضي غير المطورة والتي لم يجر وضع مخططات لها سواء سكنية أو صناعية يحظى بردود فعل ونقاشات واسعة ومتباينه بين المهتمين من عقاريين واقتصاديين. ونحن كمواطنين نتفهم جيداً هذا الموقف وهذا التصريح من وزارة الشؤون البلدية، كما أننا نفهمه قبل وبعد هذا التصريح. لكن الموضوع جرى بحثهُ بجدية عبر سنين مضت ولا بد أن نسمع ممن يدعون بأحقية الدولة في الأخذ بتطبيق حراك لا يدخل في صميم أركان الدين، وولي الأمر ومن يستشيره من الأخيار في بلادنا يجوز له الأخذ بما هو واضح وذي فائدة بينة للبلاد والعباد مالم يأت التطبيق على مخالفة شرعية صريحة. ويحيلني الموضوع إلى أكثر من موروث إداري في بلدنا. وهو أن المؤسس رحمه الله عبدالعزيز آل سعود أراد أن يُطبق الجمارك على البضائع التى تُعتبر من وسائل الترف، وليس لها طابع عيشة، وقد لاقى رحمه الله من المعارضة الكثير. لكنه استشار أهل العلم والدين وأخيار البلد، ثم طبق نظام الجمارك بدءًا بالسجاد الفاخر الذي يأتي من الشرق. فكان لدي منفذ (قرية) واسمها الآن "العليا" جهاز ربط أطراف السجاد برصاص مختوم لا يمكن العبث به لأنه جرى ختمه والرصاص في حالة ذوبان نتيجة حرارة حالية. وكل سجادة تُستعمل أو تُعرض للبيع تحمل تلك العلامة غير القابلة للتقليد. وسارت الأمور على أبسط ما يكون. وزاد دخل جهاز الدولة الإداري نتيجة الرسم. وتقبل المعارضون ذلك لكون العملية ليست تحريفا للثوابت. عندكم إيقاف عملية الرقيق والجواري التي رأى الملك فيصل رحمه أنها لا يمكن أن تتواءم مع العصر، لا سيما أن بيع وشراء أناس لم يكونوا غنيمة جهاد ضد معتد على البلاد والدين. فأبطل المرحوم الملك فيصل ذلك العرف الجاري، ومنع المحاكم من تسجيل عقد بيع أو شراء يكون الطرف فيه بشر. قبل ذلك كله أوقف الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدّ السرقة إذا رؤي أن السارق سرق ليأكل. وذلك عندما حل بالمسلمين قحط ومجاعة.