نحمدك الله على نعمك، ونشكرك على عظيم آلائك، ونصلي ونسلم على خاتم رسلك وصفيك وخليلك .. وبعد: فواقع أمة الإسلام والعرب واقع محزن، والمتغيرات التي تمر بنا هي مهددات لوحدة أوطان المسلمين، تداعت الأمم علينا، والأخطر في هذه المرحلة تلكم الانقسامات والفرقة التي تحصل بين الأشقاء، والتأزم الذي يكون في المواقف، لأن آثارها في ظل ما أشرنا إليه بعيدة المدى، وفي خضم هذه النزاعات والتحولات تبرز الأهمية البالغة لموقف حكيم، ورأي سديد، وإسهام يجمع الكلمة، ويؤلف الصف، ويقطع الطريق على المتربصين، وهذا ما رأيناه في هذا العصر المبارك والعهد الميمون الذي امتن الله علينا فيه بإمام فذ، ووال عادل, وحاكم حكيم بل هو عراب الحكمة ورائدها، رأينا في عهده الميمون المبادرات العالمية، والإسهامات النوعية التي صارت تطرح منطلقاً للأعمال الدولية، وأصبحت الدول العظمى تحسب لموقف مملكتنا الغالية بقيادته وحكمته، وتنظر إلى ما ينسجم مع ذلك، وهذا شأن برز في المبادرات التي أطلقها للحوار بين أتباع الديانات، والحوار المذهبي، والحوار الداخلي، وفي دعم كل قضية للعرب والمسلمين، في شتى الأقطار العربية والعالمية، ويسجل التأريخ، وتسطر أحرفه وتتحدث صحائفه في هذا المنعطف بمواقف ومباردات تتجاوز بها أمة العرب والإسلام ما حل ويحل بها، وتستعيد بها مكانتها وموقعها اللائق بها، ففي فترة مضت مرت مصر العروبة بأحداث ومتغيرات كادت أن تدخلها في أتون الفتن والمشكلات، وكانت بعض المواقف التي أثرت على علاقتها ببعض الدول، فكانت المملكة حاضرة بثقلها وتأثيرها وسداد رأي ولاة أمرها ليكون في مثل هذه المواقف ما يرضي الله عزّ وجل ويحمي وحدتها من الخلل والفرقة تفاعلاً مع تلك الأحداث بما لا يشكل تدخلاً بشئونها وأحوالها، وإنما يدعم المواقف التي تراعي الأبعاد المختلفة، وتستمر المواقف من عظماء الرجال، لأنّ تاريخ العظماء لا تصنعه الكلمات وإنما تصنعه الأفعال والمواقف الكبار، وإن عظمة المواقف من عظمة أصحابها، فها هو خادم الحرمين الشريفين يسطر موقفاً آخر ويسجله له التأريخ وذلك في الإصلاح بين الشقيقين مصر وقطر، ليعكس عظمة قائد عظيم راشد، ومكانة دولة عريقة، وكرم شعب أبي أصيل، وعقيدة إيمانية صافية راسخة، ووعي كامل بكل ما يحاك لأمتنا الإسلامية والعربية من مكائد ومؤامرات ودسائس تفرق وحدتها وتشق صفها، وليؤكد بهذا الموقف أنّ المملكة العربية السعودية دولة الإسلام المباركة، وستبقى أبد الدهر ذلك المركز الديني والحضاري الذي تهفو إليه قلوب المسلمين من كلكان، حيث أكرمها الله سبحانه وتعالى بجمع كلمتها تحت راية التوحيد الخالدة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). فكلمة التوحيد هي الأساس التي قامت عليه هذه البلاد شعاراً ومنهجاً، وأصلاً لحياتها ولنظام الحكم فيها، كما قامت على خدمة كتاب الله وسنة رسوله وتطبيق شرع الله في كافة شئونها، وخدمة قضايا العرب والمسلمين من ثوابتها التي لا تحيد عنها منذ أن قيض لها من يجمع شتاتها، ويوحد أجزاءها، ويرفع كلمة الله فيها، ويتخذ من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- دستوراً لها، ومنهج حياة يطبقه في جميع شئونها، ويتعهد بالدعوة إلى الله، وخدمة المسلمين في كل أنحاء العالم. إنه مؤسس المملكة العربية السعودية، الإمام الراشد والملك الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- الذي أرسى قواعد هذه البلاد على أصول عقيدة التوحيد الخالص، وخط لها المنهج السليم الذي تسير عليه، فجزاه الله خيراً، وأجزل له المثوبة، وأسكنه فسيح جناته. ثم سار أبناؤه البررة على منهجه، فتابعوا المسير، فلم يغيروا أو يبدلوا حتى آل الأمر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- فحمل راية هذه البلاد بقوة، و تمسك -حفظه الله- بثوابتها، وشيد معالم نهضة شاملة أبهرت العالم، غلفها بإنسانية فريدة شملت أمم الأرض فضلاً عن أمة الإسلام. ولما كان الإسلام ولا يزال وسيظل -بإذن الله- أهم العوامل المؤثرة في مسيرة هذه الدولة المباركة وفي تحديد رسالتها وأهدافها وسياستها فقد سعت ومنذ نشأتها إلى حشد وتكريس قدراتها ومواردها وتسخيرها لخدمة قضايا الأمة الإسلامية، وتحقيق أسباب ترابطها وتضامنها استناداً إلى حقيقة الانتماء إلى عقيدة واحدة، وأن التكافل والتضامن الإسلامي هو السبيل لاستعادة المسلمين لمكانتهم وعزتهم. وإن الموقف التاريخي الذي قام به خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- ليدل على عمق العلاقة التاريخية مع مصر الشقيقة منذ عهد المؤسس -طيب الله ثراه-.. فالمملكة شرفها الله بحمل رسالة الإسلام الخالدة التي أنارت العالم أجمع.. ومصر التي أثرت التاريخ بما قدمت من معالم الحضارة؛ قطبان كبيران في العمل العربي والإسلامي الموحد. فمصر هي وصية المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حيث وضع جذور هذه العلاقة فقال: (وما كنا لننسى مصر الكريمة وصلاتها بشقيقتها المملكة العربية السعودية فكان من حظ البلدين توثيق الروابط بينهما وتوحيد جهودهما في سياستهما وإقامة تعاون بينهما على أوثق الدعائم). كما كان حريصاً على تقوية العلاقات مع مصر حيث قال: (إن العلاقة بمصر وتوثيقها هي قدوة وأمل جميع العرب) وقال: «لا عرب بدون مصر ولا مصر بدون عرب»، ومما لا شك فيه إن المملكة ومصر كان لهما الدور الرئيس آنذاك وحتى اليوم في قيادة العالم العربي. وقد سجل تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين اهتمام أبناء الملك المؤسس بتنفيذ هذه الوصية، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز له مواقفه المشرفة تجاه مصر وأهلها. وبالأمس القريب يتذكر الجميع الوقفة الشجاعة لخادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في إزالة الخلاف مع مصر في كلمة تاريخية اشتملت على دلالات ومعالم ومضامين قطعت كل طريق على أرباب الباطل الحاقدين الذين يريدون تمزيق الأمة والقضاء عليها، ولقد تجلى ذلك حين قال لوفد مصر الشقيقة آنذاك: «إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها، بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها». هكذا تتجلى عظمة القائد، ويبرز وعيه العميق، وصدق إيمانه الراسخ بسمو العلاقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية وشقيقتها مصر، تلك العلاقة القائمة على أسس راسخات رسوخ الجبال الرواسي وأعظم هذه الأسس: وحدة الدين والنصرة في الحق، والتاريخ المشترك بين البلدين لهو خير شاهد على ذلك. وقطر إحدى منظومة دول الخليج العربي، ولها أثرها العميق في وحدة الخليج والعرب والمسلمين، فهي إذاً ليست علاقة عابرة بين منظومة هذه الدول لمجرد المصالح المشتركة وإنما هي علاقة دينية إسلامية تدور في فلك الحق، فديننا الإسلامي يدعونا للوحدة والاعتصام بحبله المتين يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم).. ويقول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). وقد برهن خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- بحق عن عمق العلاقة التاريخية بوضع أساسها المتين القائم على «وحدة الدين ونصرة الحق».. ثم بين - أيده الله بتوفيقه - بأن الخلاف بين الأشقاء الذين جمعتهم وحدة الدين والنصرة ليس من الخلاف المذموم الذي يفرق ولا يجمع، وإنما هو عتاب الأشقاء فالعلاقة بين المملكة وأشقائها وجيرانها تقوم على أساس العتاب لا الخصومة يقول -أيده الله-: «فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة». كلمات بسيطة عبرت عن طبيعة العلاقة وعمقها، فهي لا تعدو العتاب الذي يقرب ولا يفرق، ويداوي الجرح ولا يدميه، فالمملكة لا تخاصم جيرانها وإنما تقدر ظروف الجميع وتحصر الخلاف في حدود العتاب. وهكذا تتجلى حكمة وحنكة القائد وبعد نظره المتمثل في وأد الفتنة وقطع طريقها وسد كافة ذرائعها ووسائلها، والعمل على لم الشمل ورأب الصدع وقطع الطريق علي أرباب الفتن وأهل السوء والفساد من أعداء الأمة في الداخل والخارج. إن هذا الموقف التاريخي العظيم من خادم الحرمين الشريفين لرأب الصدع بين الشقيقتين مصر وقطر، انطلاقاً من قواعد الشرع الحنيف، و من مقاصده في حفظ الأمة الإسلامية في دينها، وأمنها، ووحدتها، وتآلفها، وبعدها عن الفرقة والتناحر والتنازع، امتثالاً لأمر الله عزّ وجل في قوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله سبحانه: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ} وقوله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. ويتكلل المسعى بالنجاح، ويعود الود والصفاء والتصالح بالقلوب قبل الأيدي، ويصدر البيان من الديوان الملكي حاملاً الخير للأمة، وقاطعاً لكل سبل المفسدين المتربصين بالأمة فمما جاء في هذا لبيان المبارك: (... وحرصاً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على اجتماع الكلمة وإزالة ما يشوب العلاقات بين الشقيقتين جمهورية مصر العربية ودولة قطر في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات، وبخاصة ما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، المرتبطة بالدولتين الشقيقتين. وتأكيداً على ما ورد في اتفاقي الرياض - المبرمين في 19-1-1435هـ الموافق 23-11-2013م وفي 23-1-1436هـ الموافق 16-11-2014م - المتضمن التزام جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بسياسة المجلس لدعم جمهورية مصر العربية والإسهام في أمنها واستقرارها. وتقديراً من قبل الأشقاء في كلتا الدولتين لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود التي دعا فيها أشقاءه في كلتا الدولتين لتوطيد العلاقات بينهما وتوحيد الكلمة وإزالة ما يدعو إلى إثارة النزاع والشقاق بينهما -إن شاء الله- وتلبية لدعوته الكريمة -أيده الله- للإصلاح، إذ الإصلاح منبعه النفوس السامية والكبيرة فقد استجابت كلتا الدولتين لها للقناعة التامة بما انطوت عليه من مضامين سامية تصب في مصلحة الشقيقتين جمهورية مصر العربية ودولة قطر وشعبيهما الشقيقين. وقد أبدت المملكة العربية السعودية مباركتها للخطوات الجارية التي من شأنها توطيد العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر ومن ضمنها الزيارة التي قام بها المبعوث الخاص لسمو أمير دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى مصر. كما تؤكد المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- دعمها وحرصها على فتح صفحة جديدة بين البلدين ليكون كل منهما -بعد الله- عوناً للآخر في سبيل التكامل والتعاون لتحقيق المصالح العليا لأمتينا العربية والإسلامية، آملاً -يحفظه الله- من جميع الشرفاء من الأشقاء من علماء ومفكرين وكتّاب ورجال إعلام بكافة أشكاله إلى الاستجابة لهذه الخطوة ومباركتها؛ فهم العون -بعد الله- لسد أي ثغرة يحاول أعداء الأمة العربية والإسلامية استغلالها لتحقيق مآربهم). مضامين واسعة، وموقف تأريخي ينبع من الدين الإسلامي والسمات العربية الأصيلة، ومواقف النخوة والشجاعة، ولذا يشعر كل مسلم وكل مواطن بالفخار وهو يقرأ هذه الكلمات النابعة من القلب، والتي لها دلالاتها الأكيدة على الشعور بشعور الجسد الواحد، والسعي للهدف الأسمى، والتوحد ضد المخاطر التي تهدد جسم الأمة العربية الإسلامية، والحرص على مصر العروبة والإسلام، وقطر الجوار والإخاء، لتعود المياه إلى مجاريها، وتنتظما في وحدة الصف العربي، ومسؤوليتنا تجاه هذا الموقف القوي الصارم الشجاع الصادع بالحق، الذي نرى قوته فيما تضمنه من حكم وأحكام موافقة لهذا الشرع، ويمكن تأصيل فقراته بما لا يسع المجال لتفصيله هنا مما يعلمه أهل العلم، وإذا كان بهذه المثابة فإننا مسؤولون أمام الله أن نقرأ ما فيه من معانٍ ودلائل؛ لأنها مما جاء به الدين، وصادرة من ولي أمرنا الذي أمرنا بالاجتماع إليه، والسمع والطاعة له، والتعبد لله بذلك، وأن نتوحد خلفه فيما يتخذه من مواقف تأكيدًا لهذه الأصول التي ذكرناها في صدر هذا المقال، وأن يكون قدوتنا في هذا علماؤنا ودعاتنا ونخب مجتمعنا من مسؤولين، فإن المسؤولية لا تنحصر في الفتيا والبيان، وتحقيق هدف الدولة في المؤسسة المعينة، وإنما كل أولئك نخب المجتمع وقدواته، وقد ائتمنهم الله على مصالح في الدولة، والمصالح الكبرى التي تخدم وحدة هذا الوطن في مقدمة هذه المسؤوليات، ولذا يجب عليهم من البيان والتوضيح وربط المجتمع بولاة أمرهم ووطنهم ما لا يجب على غيرهم، وذلك بصورة واضحة، وبشفافية عالية، وطرق وأساليب حكيمة مقنعة تعزز مقاصد الشرع في التوحد والاجتماع والألفة، كما أن المنابر الشرعية وقنوات التوعية والإرشاد، ومؤسسات التربية والتنشئة عليها من المسؤولية ما لا يخفى، كيف لا وفئات المجتمع تتلقى الخطاب الشرعي من خلالها، فالمنابر تأثيرها لا يخفى، وقوة الخطاب فيها إلزام الشرع بالإنصات إليها، ولاسيما منبر الحرمين الشريفين الذي ينتظره المسلمون في العالم، ومسؤوليتها في أوقات الفتن والأزمات أعظم من غيرها، ومؤسسات التربية تصنع عقول الشباب، وتوجههم لما ينفع في الدين والدنيا، ومن أعظم ما يضرهم أفكار الجماعات والتأثير عليهم بالعواطف، وتشويه صورة وطنهم وتجرئتهم على نقد ولاة أمرهم وعلمائهم، واتخاذ مواقف بناء على ذلك، فالمسؤولية تجاه هؤلاء النشء من خلال مؤسسات التعليم والتعليم العالي كبيرة، أما مؤسسات الإعلامفهي القوة الناعمة، والمحرك الفاعل، المؤثر القوي على العقول، ولذا فالمسؤولية عليها عظيمة، وتجسيد هذه المسؤولية يجب أن يشمل كافة قنوات التأثير المرئية والمسموعة والمقروءة، وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، وعندي أن هذه الوسائل إذا استقطبت العلماء المؤثرين، والمسؤولين في قطاعات الدولة، والدعاة الناصحين، وتوالت مشاركاتهم في إطار مضمون هذا الخطاب مع ما يصاحب ذلك من ديانة ونصح فإننا سوف نجني من ذلك خيراً عظيماً، وسيجد المجتمع بفئاته أنهم أمام أصول شرعية يتلقونها بكافة وسائل وأساليب التأثير، وهذا سيقطع الطريق على المزايدين والمشككين وغيرهم ممن يرون مصلحتهم في استهداف وحدة هذا الوطن الغالي وأمنه, والتشكيك فيما يتخذه ولاة الأمر من مواقف ومبادرات. وأخيرًا: ما سطرته هنا جزء من هذا الواجب، والمسؤولية عظيمة، والخطاب تأريخي استثنائي نحتاج مضامينه لمواجهة دعاة الفرقة والفتنة والاختلاف، ونحن نقول لمليكنا المفدى وإمامنا الموفق، نصحت فأسمعت، وقلت فوفقت وسددت، وقولك النابع من قلبك الكبير لامس شغاف قلوب الملايين، وأصلحت فنعم العمل ونعم النتيجة، فسر ونحن معك وأرواحنا فداء لديننا ووطننا وستهزم قوى الظلام والشر والتدمير في وطننا العزيز، وفي مصر الشقيقة وفي كل بلد. وأسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأمننا، وأن يرد عنا كيد الكائدين، وإرهاب المعتدين، وضلال الحزبيين، وأن يحفظ لنا مليكنا وقائدنا، ويديم عليه نعمه، ويسبغ عليه فضله، ويلبسه لباس الصحة والعافية، كما أسأله أن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفهم ويعيذهم من الأهواء إنه سميع مجيب.