الصحافة اهم وظائفها التي تقوم بها في اي مجتمع انساني وهي ان تكون عينا له على كل ما يجري داخله ، تكتشفه وتبينه حتى يكون من يهتمون بشأنه على علم تام بكل ما يجري في صالحه من الناحية الايجابية وما يجري فيه في غير صالحه من سلبيات اذا لم ينتبه لها بمجرد حدوثها فقد تتراكم هذه السلبيات بحيث تصبح معالجتها امراً صعباً للغاية، لهذا اعتبر المفكرون المعاصرون انها السلطة الرابعة ، ويراها البعض في النظام الديمقراطي الحديث السلطة الثانية بعد السلطة الثالثة المتمثلة في "البرلمان" او المجلس التشريعي الذي من بعض وظائفه مراقبة السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومات فالصحافة هي المراقب الأهم في الدولة الحديثة قد يضعف دورها في بعض الدول لظروف محيطة بها الى حين ولكن ضعفها لا يستمر الا في الدول التي لا تتوافر فيها قوانين تضبط ادوار مؤسسات الدولة رسمية كانت ام اهلية. ولاشك ان من مصلحة الدول ان يكون دور الصحافة محمي بقوانين يجعل منها رقيباً حقيقياً في المجتمعات الانسانية لان النقد سياسيا كان ام اقتصاديا او اجتماعيا هو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف الخلل والقصور في المجتمعات المؤدي حتما لاضطرابها وعدم وصولها لغاياتها واهدافها التي تسعى لتحقيقها. فكل المجتمعات الانسانية تدرك هذا ولاشك خاصة اذا بلغت من النضج غايتها، ومن ادراك المصالح بوضوح همها الاساسي وطبعا هذا لا يتحقق الا اذا كان سعي المجتمع للتقدم حقيقياً انما اذا كان المجتمع لايزال في أطواره الأولى لاقامة دولته الحديثة وكثير من دولنا العربية والمسلمة لاتزال لم تتعد هذه الاطوار الاولى ولهذا لن تجد فيها صحافة تقوم بمهامها بالصورة التي ترضي العاملين فيها وكتابها بل ولافراد المجتمع كله. ولهذا يرضى الناس في دولنا من الصحافة ببعض ما تقوم به من وظائف آملين في ان تنضج وتصبح صحافة حقيقية تقوم بكل ادوارها خاصة دورها الرقابي المتمثل في نقد موضوعي ونزيه. وطبعا اذا ذكرنا الصحافة فلابد لنا من الحديث عن اهم اداة توجد هذه الصحافة وهي حرية التعبير لأنها المعيار الوحيد لوجود صحافة وطنية تقوم بمهامها الحقيقية بوجود حرية بسقف عال مرتفع ومساحة كبيرة لايحدها الا المصالح الوطنية المتفق عليها في سائر دول العالم. ولذا كلما ارتفع سقف هذه الحرية ومساحتها كانت الصحافة في اي بلد تقوم بالمنتظر ان تقوم به في أي قطر في العالم وبقدر ما ينتقص منها بقدر ما تختلف صحافتها عن مهامها الحقيقية والاصلية وهذا هو الملاحظ اليوم في شتى دول العالم فما يسميه الاقتصاديون السياسيون الدول النامية او الدول الساعية للنمو حيث ترتقي فيها الصحافة بحسب ما يتاح لها من حرية التعبير وتتدنى كلما غابت هذه الحرية وترتقي كلما توفر قدر اكبر منها. وفي بلادنا نرى ذلك بوضوح فكلما اتسع مدى حرية التعبير في ساحة العمل الصحفي كلما أرتقى الى دور اعلى للقيام بمهمة الصحافة الرقابية ونتطلع الى اتساع مجال الحرية للعمل الصحفي في الوطن ليرتقي العمل الصحفي الى المقام الذي يجعلنا نحكم بان الصحافة قد اصبحت تقوم بدورها الرقابي وفق الانظمة التي نرجو ان تتحسن في القادم من ايامنا. كما اننا نرجو ممن يعملون فيها ان يستفيدوا من مساحة الحرية في التعبير التي أخذت تتسع يوما بعد يوم وألا يصبحوا هم عائقاً في سبيل اتساع مجال حرية التعبير بما عمر رؤوسهم من دور رقابي يمارسونه دون ان يؤذن لهم به رسمياً فلا يعوق ارتقاء العمل الصحفي في بلادنا الا بعض العاملين في الصحف المتحفزين دوماً لمنع هذا المقال او ذاك من النشر او هذا التحقيق او ذاك وايضا منع هذا التقرير او ذاك من النشر لمجرد اوهام الرقابة المسبقة التي الغيت منذ زمن طويل, فلن يطور العمل في صحافتنا الا العاملون فيها من ذوي الرشد الصحفي ولعلهم يتكاثرون فهو ما نرجو والله ولي التوفيق. ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043