أشاد الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج، مساعد الأمين العام للجامعة العربية رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، برعاية خادم الحرمين الشريفين المؤتمر البحري الأول الذي انعقد بالسعودية أخيرا، وبالتعاون مع مصر في مختلف المجالات، وبدعم المملكة والدول العربية لمصر، مؤكدا في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» وضع كل إمكانات الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، كمنظومة تعليمية، في خدمة المشاريع الاستراتيجية والحيوية بالدول العربية، خاصة في مجال النقل البحري وفق الضوابط والمعايير الدولية. كما كشف عن الكثير من الخطط المستقبلية للعمل العربي المشترك وتحدث عن زيارة رئيس المنظمة العالمية البحرية للأكاديمية خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل تقديرا لمسيرتها العلمية والتزامها الضوابط والمعاير الدولية في التعليم، كما أبدى الاهتمام بالتفكير في إنشاء مقر للأكاديمية بمدينة الغردقة المصرية لخدمة الدول المطلة على البحر الأحمر، كما تحدث عن ملابسات زيارة عماد الأسد إلى مصر بصفته مواطنا سوريا يعمل موظفا بالأكاديمية العربية مشرفا على فرعها بمدينة اللاذقية بسوريا، وقال إن الأكاديمية منظومة علمية تعمل تحت مظلة الجامعة العربية وليس لها علاقة بالسياسة، مؤكدا أن الخارجية المصرية أصدرت بيانا واضحا في هذا الشأن: والى نص الحوار: * شاركت في المؤتمر السعودي البحري الأول وترأست إحدى جلساته أخيرا، ما أبرز الموضوعات التي حظيت بالاهتمام؟ - الأكاديمية، بحكم أنها منظمة عربية تعمل تحت مظلة الجامعة العربية وكبيت خبرة عربي، تحاول دعم العمل العربي المشترك على أرض الواقع من خلال تخصصها، ومن بين أحد المجالات الرئيسية بها النقل البحري والدولي واللوجيستيات والهندسة البحرية، بالإضافة إلى أنشطة المختلفة. وللتذكير، قبل انعقاد هذا المؤتمر سبق أن نظمت الأكاديمية في 3، و4 سبتمبر (أيلول) 2014 المؤتمر الدولي العلمي الأول في الهندسة البحرية وهندسة المنصات البحرية في السعودية بالتعاون مع وزارة النقل والمؤسسة العامة للموانئ، وشرف المؤتمر بأنه كان تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، وهذه الرعاية حظيت باهتمام غير مسبوق ودقيق في الإعداد والتحضير والحرص على الخروج بنتائج متميزة، ومن ثم عرضنا أجندة المؤتمر والخبراء المشاركين من دول العالم كافة في أميركا وكندا وأوروبا وأساتذة جامعات وعمداء كليات ورؤساء أقسام متخصصة في الهندسة البحرية وهندسة المنصات البحرية. وهذه صناعة تخدم البترول والنقل في الوقت نفسه، وقد افتتح هذا المؤتمر المهم وزيرا النقل في مصر والسعودية بمدينة الجبيل الصناعية، وقد لفت انتباهي وسعادتي في الوقت نفسه أن المؤتمر بدأ بحضور مكثف من كل الدول العربية والجامعات الأجنبية المشاركة طيلة فترة الانعقاد حتى الجلسة الختامية، وهذا يعكس أهمية الأبحاث والدراسات التي تمت مناقشتها، وقد اقترح وزير النقل المصري عقد المؤتمر الثاني في مصر لترسيخ مبادئ العمل المشترك وهذا أمر يشرفني وفخر لنا. * ما النتائج العملية في تقديركم لتوظيف العلم فيما يخدم مصالح الدول الاستراتيجية والحيوية؟ - كلها تصب في إنشاء مشروعات مشتركة تخدم الدولتين مع الاهتمام بتكامل الموانئ بين مصر والسعودية، خاصة في موانئ البحر الأحمر، وكذلك دعوة رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية للمشاركة في المشروعات التي ستتم في تنمية محور قناة السويس. وكما نرى أن كل الأشقاء العرب يتسابقون في دعم مصر بأكبر قدر في المرحلة الحالية، وأعتقد أن هذا الدعم نابع عن قناعة كاملة بمصر وقيمتها وقوتها ودورها. وفى تقديري هذا الدعم من الأشقاء العرب سيستمر، لأن العائد يشمل المجموعة العربية ولصالح الجميع. * مشروع تطوير قناة السويس، هل يمكن أن يستوعب العمالة البحرية المصرية؟ - بكل تأكيد، لا بد من إضافة عنصر الشباب لضخ دماء جديدة للعمل في قناة السويس من خلال إيجاد مجال لعمل خريجي الأكاديمية البحرية في قناة السويس، وهناك وعد من الفريق مهاب مميش بذلك، وقد تحدثنا معا في هذا الأمر خلال انعقاد مؤتمر لرجال الأعمال العرب، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، حضره المهندس إبراهيم محلب ووزراء النقل والاتصالات والتموين التجارة، وقد وعد الفريق مميش بأنه سيعطى فرصة لخريجي الأكاديمية بالعمل على السفن العابرة لقناة السويس من خلال ترتيب عمل الضباط البحريين في بعض السفن العابرة، ومع تراكم هذا الإجراء مع الوقت سيكون لمصر عمالة بحرية قوية على مستوى العالم كله، ولدينا أمثلة ونماذج في هذا المجال - عندما نجد أن أحد مصادر الدخل القومي الرئيسي لدولة الفلبين هو العمالة البحرية، وعليه أتمنى من الفريق مميش أن ينفذ وعده، وقد تحدثت معه مرة ثانية وأبلغني أنه يعمل على هذا الموضوع. وأعتقد أن هذا في صالح الأفراد وتوفير فرص عمل لشباب مصر فقط إنما سيزيد من الدخل القومي لمصر، كما تهتم الأكاديمية بكل أبناء الوطن العربي الدارسين بها في كل مجالات التخصص وتعتبرهم قوة وثروة لدولهم. * متى ستتم زيارة الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية؟ - بالفعل، يعتزم الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية زيارة الأكاديمية العربية يوم 23 يناير (كانون الثاني) المقبل، وكما هو معروف تعد هذه المنظمة أكبر سلطة بحرية على مستوى العالم، حيث تقوم بوضع التشريعات البحرية ومتابعة التنفيذ والالتزام بالاتفاقيات، وكذلك كل المعايير الخاصة بالسلامة والبيئة والأمن البحري. ومعروف أن مقر هذه المنظمة في لندن ومن ثم الزيارة لها أكثر من هدف منها – أن هذه المنظمة لها مجلس تنفيذي – ومصر كانت موجودة به منذ السبعينات - لكن بكل آسف في عام 2013 فقدت مصر مقعدها في المجلس التنفيذي، وبالطبع وجود الأمين العام للمنظمة، وهذه الشخصية البحرية العالمية رقم واحد في العالم مستر ساكابيزو، يساعد القيادة السياسية في مصر لدعم ملف مصر في المنظمة البحرية الدولية وعودتها مرة أخرى في انتخابات عام 2015، وأعتقد أن هناك تنسيقا وتخطيطا جيدا من قبل الحكومة المصرية والخارجية ووزارة النقل ورئاسة الوزارة لعودة مصر إلى المجلس التنفيذي للمنظمة. * ماذا عن رؤية ومشاركة الأكاديمية في العمل اللوجيسيتي بقناة السويس؟ - هذا تخصصنا، وقد حققنا التميز المطلوب في العمل اللوجيسيتي، ولدينا الكلية الوحيدة في هذا التخصص، ونشرف بتكليفنا من الجهات الرسمية في مصر والدول العربية للمساعدة في مشاريع تخدم هذا التخصص، ولا أريد تسمية مشروعات بعينها، إنما هناك مشروعات محددة في مصر والسعودية، نعد حاليا الدراسات اللازمة لتنفيذها. * هل تفكر الأكاديمية في فتح فروع لها جديدة بعواصم عربية؟ - الأكاديمية تعتز بأنها موجودة في مصر دولة المقر، وقد احتضنت الأكاديمية لأكثر من 40 عاما ولم تبخل عليها بشيء. ومعروف طبعا أن الأكاديمية لها فرع في اللاذقية بسوريا، وكذلك معهد للدراسات التقنية في الدمام بالسعودية، ومركز إقليمي للتدريب في بورسودان، وهناك توجهات كثيرة للوجود في الكثير من الدول العربية خاصة في المرحلة الأخيرة، لكن إنشاء الفرع الكامل ليس بالأمر البسيط، لأن الأكاديمية كيان كبير ونظام الإدارة، به إجراءات معينة لإنشاء الفرع، تبدأ بموافقة الجمعية العامة للأكاديمية وهي أعلى سلطة وتتكون من جميع معالي وزراء النقل العرب، ولا بد أن تتم موافقتهم على إنشاء أي فرع للأكاديمية في أي دولة، وبعد وضع دراسة الجدوى تأتي مرحلة الشروع في التنفيذ. * ماذا عن ملابسات زيارة رئيس فرع اللاذقية عماد الأسد لمصر؟ - الأكاديمية منظمة علمية عربية تعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية وتلتزم كل الضوابط التي تحكم هذا العمل، ومعروف أن سوريا لا تشارك في اجتماعات جامعة الدول العربية ومن ثم هي لا تشارك أيضا في اجتماعات الجمعية العامة للأكاديمية، إنما عماد الأسد موظف بشخصه في الأكاديمية منذ عام 2004 بفرع اللاذقية ومشرف على الفرع هناك، والموضوع بسيط وقد تم تضخيمه من خلال وجوده في مصر، وقد دخل إليها بتأشيرة رسمية وبمن ثم زيارته لم تتم بشكل سري، وأعتقد أن الرد الرسمي لوزارة الخارجية كان واضحا وكذلك رد الأكاديمية، وأتمنى دائما أن يتم وضع هذه الأمور في حجمها الطبيعي، لأننا نتعامل مع عماد الأسد كمواطن سوري، كما لدينا منظمات عربية يرأسها سوريون ويعمل بها موظفون سوريون، ومن ثم لا يجب تسييس العلم والعمل، وكما هو معروف وثابت أن الأكاديمية لا تعمل بالسياسة، وغير مسموح لأي موظف بالأكاديمية العمل في السياسة، لأنها بيت خبرة عربي متخصص في التعليم والتدريب والبحوث والاستشارات، وغير مسموح التفريق على أساس الدين ولا على أساس العراق، ولذلك استطاعت الأكاديمية خلال الفترة الصعبة جدا التي يمر بها العالم العربي أن تحقق الاستقرار لأبناء الأكاديمية من كل الدول العربية، وهم يمارسون حياتهم العلمية بشكل طبيعي وبمنتهى الإخاء والتضامن العربي رغم الاختلافات السياسية التي طرأت بين بعض الدول، إلا أن الجانب التعليمي لم يتأثر، ولذلك دائما يقول الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، إن المنظومة الصحيحة للعمل العربي المشترك هي الأكاديمية العربية، منضبطة في التزاماتها، وكان هذا إصرارا مني على أن تمر هذه الفترة الصعبة بسلام. * في ظل الأوضاع الصعبة داخل سوريا، هل تأثر فرع اللاذقية بما يحدث، خاصة استقرار الدراسة؟ - من المؤكد أنه تأثر، وكل سوريا متأثرة، لكن ما زال يعمل ويقوم بدوره في التعليم والتدريب والدراسة منتظمة. * هل يشهد عام 2015 إضافات جديدة في إطار التطوير الذي تقوم به؟ - قمنا بإنشاء كلية جديدة متخصصة في الاستزراع السمكي والمصايد، وهذا الموضوع مهم جدا، وقد بدأنا بدفعة صغيرة نحو 20 طالبا، لأن الهدف ليس مجرد تحقيق أرباح وفتح الباب لتسجيل دفعات كبيرة، لأننا لا نهدف إلى الربح وإنما للربط ما بين التعليم والعمل بتقنيات حديثة، ولذلك قمنا بتخفيض الأعداد التي تسجل في النقل البحري من آلاف إلى أكثر من المائتين بقليل حتى نعطي الطالب حقه في التدريب واستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا في كل المراحل، وقد افتتح أخيرا وزراء النقل العرب المحاكيات الجديدة في الأكاديمية. * لديكم مبنى متكامل للمحاكيات؟ - هذا المبنى على مستوى الأكاديمية كلها يستخدم في التدريب والبحوث، إنما ما فعلته هو ما تمنيته، وقد تحقق بأن يكون لكل طالب محاكى مينى بريدج يقف عليه ويتعلم كأنه يقف على مركب كاملة، ومزود بكل الأنشطة كي يتعرف الطالب على كل الأجهزة التي سيراها بعد التخرج، وهذا النموذج من التعليم نقوم به حتى نتفادى ما حدث من إخفاقات قديما في مجال التعليم والعمل، على سبيل المثال نهدف من إنشاء كلية الاستزراع السمكي إلى استخدام التكنولوجيا في العمل من خلال التعليم، لأن الصيد الخطأ يدمر الثروة، السمكية وكل الدول العربية بلاد غير حبيسة وكلها تمتلك شواطئ وإطلالة على البحار ومن ثم الأكاديمية تفكر في هذا.