وصف خالد التويجري، المبعوث الخاص للعاهل السعودي، ورئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأنه كان إيجابيا للغاية. وأكد أن تجاوب الرئيس السيسي والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، مع المبادرة السعودية «رائع جدا»، وقال: إن «الأيام تثبت حرص الملك عبد الله على استقرار مصر وأمنها». وكان الرئيس المصري استقبل بمقر رئاسة الجمهورية، يوم أول من أمس (السبت) كلا من التويجري، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، المبعوث الخاص للشيخ تميم، وذلك لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين، الخاصة بدعم دول مجلس التعاون الخليجي لمصر. وقال التويجري في مداخلة مع برنامج «القاهرة اليوم» التلفزيوني: إن «الرئيس السيسي يتميز بدماثة الخلق، وكان تجاوبه مع مبادرة الملك عبد الله رائعا جدا، والأمر نفسه بالنسبة لسمو أمير دولة قطر الشيخ تميم». وأضاف أن «هذا ليس مستغربا، لأننا اعتدنا على هذا الأمر خاصة وأن المبادرة جاءت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يحظى بقبول كبير وتقدير من أشقائه سواء في الدول العربية أو الإسلامية»، مشيرا إلى أن هذه ليست أول مبادرة للملك عبد الله. وشدد التويجري على أن الانطباع «الذي خرجت به من لقاء فخامة الرئيس المصري كان إيجابيا جدا، ولم يتردد لحظة واحدة في تحقيق أي أمر يساعد في إنجاح هذه المبادرة». وأضاف: «لكن أريد أن أعلق على أمر واحد.. كما جاء في بيان الديوان الملكي الذي يمثل حديث الملك عبد الله، أو مناشدة الملك عبد الله.. الآن الدور هو دور الإعلام، سواء في دولة قطر الشقيقة أو في دولة مصر الشقيقة»، لافتا إلى دور الإعلام وتأثيره المهم في العلاقات بين البلدين. وأضاف: «أرجو في المرحلة المقبلة أن يشارك الإخوة الأشقاء في الدولتين في تهدئة الأوضاع وفي طرح الأمور الإيجابية والابتعاد عن صغائر الأمور.. هذه أمور ستساعد كثيرا». وقال: «كما أن للسياسة دورها فللإعلام دوره». وكشف عن أن اللقاء مع الرئيس السيسي استمر نحو 3 ساعات أو أقل قليلا، مشيرا إلى أنه لمس في الرئيس المصري «سعة البال وسعة الصدر» بشكل كبير جدا. وعما إذا كان يتوقع خطوات إيجابية أخرى خلال الأيام المقبلة من الجانب القطري بعد أن أبدى البيان القطري الرسمي يوم أول من أمس لغة طيبة بشأن مصر، قال التويجري: إن «الأيام المقبلة تحمل خطوات إيجابية»، مشيرا إلى أن البيان القطري المشار إليه لم يأت مجرد بيان مفرغ من المضمون، ولكن بالتأكيد هناك خطوات إيجابية «إلا أنني لا أستطيع أن أقول ما هي الخطوات التي ستليها». وأكد أن خادم الحرمين الشريفين كان متابعا لكل صغيرة وكبيرة لهذه المفاوضات.. وقال إن «العامل الأساسي هو تجاوب القائدين لمبادرة خادم الحرمين الشريفين». وعما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد لقاءات بين مسؤولي البلدين أو اجتماع قمة بين الرئيس السيسي والشيخ تميم، قال التويجري: «هذا الأمر لا أستطيع أن أبت فيه، لكن بالتأكيد هدف خادم الحرمين الشريفين هو أن يصل هذا الاتفاق إلى هذا المستوى، وإن شاء الله سيحدث، مع النيات الحسنة، إلا أنني أؤكد مرة أخرى أن الإعلام، سواء في مصر أو قطر.. هو أساسي ويستطيع أن يساعد على إنجاح هذه المهمة، ويستطيع كذلك أن يفشل هذه المهمة». وتابع موضحا: «أنا على يقين، بحول الله، أن الإعلاميين والمفكرين وغيرهم من العلماء، في مصر وفي دولة قطر (سيقومون بذلك).. هناك رجال وأعتقد أن سمو الشيخ تامر، رئيس مجلس إدارة (الجزيرة)، بالتأكيد سيدرك هذا الأمر وهو شخص نبيل، وسيبادر بهذا الأمر في توجه آخر، بحول الله». وعما إذا كانت قناة «الجزيرة» ستغير من نبرتها تجاه مصر في الفترة المقبلة قال التويجري: «إن شاء الله»، لكنه أضاف: «ونأمل من الأخوة وأشقائنا في مصر، في بعض القنوات، أن يبادلوا هذا الأمر بنفس الطريقة»، مشيرا إلى أن الكثير من القنوات المصرية سوف تعي أبعاد هذه المبادرة وأنها ستعود بالنفع لكل الأطراف. وقال إن «حب الملك عبد الله بن عبد العزيز لمصر يغني عن أي حب آخر.. أنا رجل مشاعري تجاه مصر واضحة، لكن مشاعر الملك عبد الله وحرصه على استقرار مصر أكبر من أن أعلق عليه». وأضاف: «أثبتت الأيام أن الملك عبد الله كان حريصا جدا على استقرار مصر وأمنها وشرعيتها». على صعيد متصل واصلت القوى السياسية المصرية الترحيب بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لإنهاء الخلافات بين مصر وقطر. وقال المستشار قدري الشاذلي، رئيس حزب النصر الديمقراطي وعضو المجلس الرئاسي لائتلاف «تحيا مصر»، إن زيارة مبعوث خادم الحرمين الشريفين مع المبعوث القطري لمصر، كان من نتائجها إذابة الخلافات التي استمرت بين القاهرة والدوحة منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. ووصف التقارب المصري القطري بأنه جاء «تتويجا لجهود خادم الحرمين الشريفين والتي أطلقها منذ القمة الخليجية الماضية لتحقيق المصالحة بين البلدين»، مشيرا إلى أن «المصالحة مع قطر أمر مهم في سبيل التماسك العربي والوحدة في مواجهة العدو الغربي الذي يحاول تقسيم الدول العربية وعلى رأسها مصر إلى عدة دويلات ونشر الفتنة بين مواطنيها حتى يتمكن من إضعافهم والسيطرة على خيرات العرب». ودعا الشاذلي قطر إلى «رفع الغطاء عن عناصر الجماعة الإرهابية من ناحية، والتوقف عن تقديم أي تمويل للإخوان في مصر، والسعي لمصالحة فعلية جادة مع الجانب المصري». ورحب الدكتور نبيل دعبس رئيس حزب مصر الحديثة بالمبادرة السعودية لجمع الشمل بين مصر وقطر، وقال إن «حزبه يدعم مبادرة السعودية لتحقيق المصالحة، وإن مصر بتجاوبها مع جهود خادم الحرمين الشريفين أكدت أنها قلب العروبة والشقيقة الكبرى لجميع الدول العربية، وإن الأيام المقبلة سوف تشهد عدة خطوات لترجمة هذه المصالحة، منها مشاركة قطر في اجتماعات المؤتمر الاقتصادي في مارس (آذار) المقبل». وكان المهندس محلب علق على العلاقات المصرية القطرية بقوله في تصريحات تلفزيونية إن «مصر هي منارة المنطقة ومظلة العرب، والبعد عنها دائما لا يطول لأنها الأمان للمنطقة العربية». ويأتي هذا وسط توقعات بتعاون مصري قطري في المستقبل القريب، يتضمن مشاركة قطرية في المؤتمر الاقتصادي بشأن مصر الذي سينعقد في القاهرة في مارس المقبل. وقال الدكتور علاء فاروق، رئيس وحدة دراسات آسيا الوسطى بمركز القاهرة للدراسات التركية: «لا أتوقع تطبيع العلاقات بين مصر وقطر بشكل كامل». وأعرب عن اعتقاده في أن قطر «كعادتها تتميز من الناحية السياسية بالبراغماتية»، مشيرا، مع ذلك، إلى أن «الرسائل الإعلامية التي ترسلها قناة (الجزيرة) أصبحت تتسم بالتخفيف من حدة الانتقادات للسلطات المصرية أو وصف ما حدث (من عزل للرئيس الأسبق محمد مرسي) بالانقلاب». وقال: «أرى بوادر إيجابية، وفقا لما جرى من لقاء للرئيس السيسي مع المبعوث القطري، تحت رعاية السعودية، وهذه البوادر تؤكد أن هناك بداية تصالح كون أن الدولة القطرية وجدت نفسها فيما يشبه الحصار الخليجي المؤيد للنظام المصري». لكنه أضاف أن «التراجع القطري حتى الآن ما زال خجولا». ومن جانبه أبدى محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، والباحث في الشؤون الخليجية بمركز الأهرام للدراسات، شكوكا تجاه نيات قطر بشأن مصر، وقال إن «سياسات قطر معروفة مسبقا وهي تسعى لبناء استراتيجية خاصة بها، دون الالتفات لمصالح الآخرين»، مشيرا إلى ما سماه مساعي قطرية «لبناء تحالف تكون أعمدته الرئيسة قطر وتركيا وبقايا جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية». وأضاف إسماعيل أن «ما تعهدت به قطر للدول الخليجية بشأن دعم القاهرة لا ينم عن أي شيء إيجابي لصالح مصر حتى الآن.. والدليل على ذلك أن سياسات قناة (الجزيرة) ما زالت موجهة ضد مصر.. قطر لن تسعى للتغيير، وكل ما تقوم به اليوم محاولات منها حتى لا تكون عضوا منبوذا في مجلس التعاون الخليجي».