اعتمدت معظم المدن والمحافظات في بلادنا في عمرانها على قاعدة التوسع الأفقي بسبب توفر الأراضي واتساع مساحة البلاد ووجود أراضٍ مخططة في كل مدينة أو محافظة إما أنها مملوكة أو معدة للتوزيـع منحا للمواطنين، وقد طبقت قاعدة التوسع الأفقي عشرات السنوات فأدت إلى نتائج بعضها سلبي فقد أدى التمدد العمراني إلى اتساع مساحات تلك المدن والمحافظات والضغط على جهات الخدمات لتوفير البنية التحتية لها من ماء وكهرباء وصرف صحي وهاتف، كما أدى ذلك إلى ارتفاع مستمر في أسعار الأراضي الصالحة لبناء مساكن عليها لأن أي مواطن يكون لديه فضول أموال أو يحصل على قرض من صندوق التنمية العقارية لا بد له من توفير أرض لإقامة مشروعه عليها فأصبح الطلب أكثر من العرض وأضحت المخططات تباع قطعها في زمن قياسي ثم يتم تداول أراضيها فترتفع أسعارها حتى تصبح أغلى من ثمن شرائها بعدة مرات ولاتزال ترتفع مع مرور الأيام والأعوام حتى تصبح في بعض الأحيان بعشرين وثلاثين ثمنها عند نزول المخطط للبيع والشواهد على ذلك كثيرة. ولأن وتيرة البناء الأفقي لم تتوقف فقد بدأنا نسمع شكوى عن شح في الأراضي الصالحة لمشاريـع الإسكان ولغيرها من المشاريـع الحيوية مثل بناء المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية وإن وجدت فبأسعار فلكية قد تفوق تكاليف ما سوف ينشأ فوقها من مشاريـع، ولذلك فإن هناك من يطرح فكرة الاتجاه الرأسي للبناء في المدن والمحافظات لاسيما الكبيرة والمتوسطة منها، اعتمادا على تغيير المزاج الشعبي والنظرة الاجتماعية نحو هذا النوع من البناء فقد أصبح لدى الناس إقبال على الشراء في الأبراج السكنية بجدة وغيرها وبعض هذه الأبراج توفر خدمات مميزة لمالكي الوحدات السكنية وقد لا تتوفر في المخططات السكنية، وأسعار تلك الوحدات متفاوتة وفي متناول معظم المحتاجين للسكن وقد يقل سعر بعضها عن سعر أرض في مخطط بعيد غير مكتمل الخدمات ويمكن لوزارة الإسكان بناء أبراج في حيز من الأرض لو وزع على هيئة منح سكنية لما اتسع إلا لعدد محدود من الناس ولكن تحويله لأبراج فإنه يمكن للموقع نفسه إسكان مائة أسرة، عبر قاعدة التوسع الرأسي بدل الأفقي فلا يكون هناك إرهاق للخدمات قد تعجز جهات الاختصاص عن الاستمرار فيه أو حتى صيانة ما نفذ منه مستقبلا، وهذه المطالبة الحالمة يمكن أن تتحقق على أرض الواقع في حالة وجود إرادة قوية وأفعال صادقة!.