مع تعيين عدد جديد من الوزراء، تسنح الفرصة لهم لأن يكتبوا في صحائف أعمالهم الوزارية البيضاء مشروع إعادة هيكلة إجراءات وزاراتهم، وتخليصها من معظم بيروقراطياتها، وإسراع الاعتماد الجدي لتطبيقات الحكومة الإليكترونية، وتفتيت مركزية المسؤولية، ومنح صلاحيات اتخاذ القرار للجهة المسؤولة عن اتخاذه؛ وليس تجميع كل ذلك في أنبوب بيروقراطي واحد، أوّله عند أصغر موظف وآخره عند الوزير. عندما نقول إعادة هيكلة الإجراءات نعني هيكلة أساليب العمل، وطريقة إنجازه، والمدة التي يستغرقها لتنفيذه، وعدد الخطوات التي يمر عليها ليتم. فهنا تكمن معظم شكاوى الناس، وتعطيل مصالحهم، وتفشي البيروقراطية، وانعدام الشعور بقيمة الوقت لدى الموظف المؤدي للخدمة فينكوي المراجع بناره. وكم رأينا من معاملة كان من المفترض أن تمر من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، فنراها تمر من النقطة (أ) إلى النقطة (ج) ثم النقطة (د) ثم تصل إلى النقطة (ب) محطتها المنطقية المفترض وصولها إليها منذ البداية. أسباب ذلك كثيرة ولكن النتائج هي تكوين إمبراطوريات بيروقراطية، وإيجاد أعمال لمن لا عمل له، وتحميل جهاز الدولة لأعباء مالية وإدارية دون تحقيق مقابل فعلي من حيث تحسين الأداء. لذا فإن اهتمام معالي الوزراء بما ذكرته هي إحدى الفرص الحقيقية لهم لأن يصلحوا ما فسد على مدى أعوام طويلة. ولا يعني هذا بأن ذلك بسبب سابقيهم، بل يعني بأن زمانهم غير زمان سابقيهم، وتحدياتهم غير تحدياتهم. إعادة هيكلة الإجراءات في وزارة ما، غير إعادة هيكلة الوزارة إدارياً؛ ولكن الإدارات النموذجية الفاعلة تُبنى عادة على تحقيق الحد الأعلى من تنفيذ المهام الإدارية، في أقصر وقت، وفي أقل عدد من الخطوات. ولو فعل معالي الوزراء ذلك لرضي عنهم ولي الأمر، بعد الله، ولذكرهم الناس زمناً طويلاً. m.mashat@gmail.com