زينب غاصب عندما يطغى الجهل على العلم، وتصبح العادات والتقاليد ممهورة باسم الدين، فلا تستبعد ما يحدث على سطح محيطنا المجتمعي من تنافر في السلوك والأخلاق وبذاءات الألسن، التي أدمنت هتك الأعراض وقذفها، انتصاراً للجهل الذي انغمسوا فيه، حتى هيأت لهم عقولهم الجاهلة القاصرة أن هذا من الدين ومناصرته. بكل أسف، تابعتُ ما تعرض له الشيخ أحمد الغامدي الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، من تعدٍّ عليه وعلى زوجته، عندما ظهرت معه محجبة كاشفة عن وجهها في برنامج (بدرية)، من رد فعل مخزية من الجهلاء، المنساقين خلف منهج الجهل لا منهج الإسلام. لن أدخل في شرح وتوضيح شروط الحجاب فقد حسمها الدين الإسلامي بالقرآن الكريم في قوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) وقد فسر المفسرون من أوائلهم إلى أواخرهم بأن الجيوب هي الصدر والرقبة وما دونهن، لأن النساء في الجاهلية كن لا يسترن صدورهن، بمعنى أن أثداءهن كانت ظاهرة. وكلام الله واضح، ولو أراد الله -سبحانه- تغطية الوجه لقال وليضربن بخمرهن على وجوههن، فالله -سبحانه وتعالى جلّ شأنه -، لا يراوغ ولا يتحايل في نصوصه القرآنية المقدسة. وفسر المفسرون من أوائلهم إلى أواخرهم قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) مثل الوجه، والكفين، الثياب، والخواتم، والأقراط، والكحل، والسوار، والخضاب، وإبداء ما في الجسم من غير العورة فقط. لم يأت الشيخ أحمد الغامدي بجديد، كل هذا معروف، وموجود في كتب الأثر، والسنة، ويعرفه العلماء الصادقون مع ربهم، الذين لا يخفون العلم، ولكن هذا قدرنا ابتلينا ببعض المشايخ الذين جاؤوا على جهل، ولم ينهلوا من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- سوى ما يوافق أهواءهم بعد أن ضربوا بآراء هيئة كبار العلماء وحرفوا النص واقتطعوا منه ما يريدون، ويبترونه بتجزئته، وفصله عن نصه الحقيقي لأغراضهم في إهانة المرأة، وتهميشها، بل واستعبادها، فجعلوها دمية يحركونها لفرض وصايتهم، وتدوير مقولة (سدّ الذرائع)؛ لتبرير أفعالهم ضد المرأة، حين جعلوها سبباً في غواية الرجل، وكأن هذا الرجل لا يملك وظيفة سوى الاستجابة للإغراء، وملاحقة المرأة في الشارع، والبيت، والسوق، ليشبع شهواته منها، وكأن المرأة هي ذلك المحرك لجميع شهوات الرجال. لقد استبسل مشايخ الصحوة في إشاعة فقههم وعلمهم، الشهواني، ولم يرفعوا مبادئ الإسلام في احترام المرأة، وتقديرها، وأنها شقيقة الرجل في كل علم وقول وفعل وعمل. لم يخطر ببال هؤلاء المتمشيخين الذين حرفوا العلم الرباني وشوهوه بالقذف، والشتم، واللعن، وهتك الأعراض والتعرض لها، وجعلوا من هذا السلوك منهجاً في التعامل مع كل من يخالفهم، ويفضح جهلهم، وضآلة علمهم، أنهم يتحملون وزر هذا السلوك المخزي عن أنفسهم، وعن أتباعهم الجهلاء الذين ساروا على نهجهم،بتفسيق وتسفيه ورمي بالجهل والعلمنة كل الصادقين مع ربهم، الذين لم يكتموا علماً، ولم يخضعوا لمنهج الجهلاء وأتباعهم، ممن لم يعرفوا ديناً حقيقياً، وإلا لكان الدين هذبهم، وهذب ألفاظهم الفاسدة، ولكان كفاهم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء)، لكنهم قلبوا النهج بتحليل هذه الموبقات، لتكون منهجهم مع مخالفيهم، ليخسروا الدنيا والآخرة، عندما تؤخذ حسناتهم وتعطى لكل من تعرضوا له بالأذى اللفظي، وسيجدون رباً يحاسبهم على جميع ما اقترفوا.