في يوم اللغة العربية، يعود الناس هذه الأيام إلى ذاكرتهم مع تعلمها، كم منا يترحم على معلم الأدب والعربية والنصوص والشعر والبلاغة؟ إنه يوم يتيح لنا تذكر العباقرة الذين كان لهم إسهامهم في تطور اللغة وجمالياتها، من أصحاب المعلقات العشر، مرورا بالخليل بن أحمد والأصمعي وابن المقفع والجاحظ والمتنبي والمعري، وغيرهم ممن صنع المحتوى العربي الأصيل. إنه وجه من الوجوه المشرقة للاحتفال باللغة أن نستعيد قيمتها، في زمنٍ طغت عليه أدوات التعلم باللغات الأخرى، وهذا ليس خطأ إذا ما حوفظ على تعلم العربية وإتقان أدبياتها من أبنائها ممن يتعلمون بالجامعات والمدارس العالمية، ذلك أن اللغة العربية هي مكون ثقافي مهم، وليست مجرد ألفاظ ومفردات تتداول في صيغ التخاطب. برغم الضعف الذي تعاني منه اللغة العربية؛ لأنها لم تخدم بتسهيل تعليمها بما يتواكب مع الوسائل المتطورة، غير أنها لا تزال عبقرية ــ كما يقول أدونيس ــ الذي يصفها بهذا الوصف عن عمد بوصفه شاعرا، والشاعر لديه القدرة على معرفة مستوى انصياع اللغة وغناها وإبهارها؛ لأنه يختار مفرداته مثلما يختار الجواهرجي مجوهراته. لكن اللغة لا يمكنها أن تطور بمعزلٍ عن شجاعة أهلها، فالأمم التي انتشرت لغاتها كانت قوية شجاعة مقدامة على مستوى اكتشاف الثقافات. خذ ــ مثلا ــ الفرنسية والألمانية، كلها لغات لأدباء وفلاسفة كانوا شجعانا في التبحر بالعلوم والنظريات، فلم يخافوا الأسئلة، ولا أرهبهم التجديد. ليس لنا فضل في بقاء العربية وعدم اندثارها، فالقرآن الكريم حرس أطرافها وقبض على تلابيبها من الضياع والاندثار، لكن القيمة التي يمكن أن نفاخر بها، هي أن نجعل لغتنا الجميلة مشوقة للصغار، جاذبة لهم، بالتفنن في تبسيطها وعرضها، ليقع المتعلم لها على مكامن الجمال والثراء فيها. إن لغة كل أمة هي ثقافتها وهويتها ولا يحافظ على ثقافة من لا يحبها ويؤمن بها! نقلا عن عكاظ