لا أخفي إعجابي بهدوء وحكمة وبعد نظر سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ففي كل مرة يخرج فيها يقدم دروسا للوعاظ والدعاة ولشرائح المجتمع كافة، ولعل آخر تلك الدروس هو ما تحدث عنه، بعد حادثة خروج عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "سابقا" الشيخ أحمد الغامدي بصحبة زوجة كاشفة الوجه. الشيخ الغامدي خرج بصحبة زوجته وهي كاشفة الوجه عبر برنامج تلفزيوني بثته قناة mbc، الحادثة قابلها تطرف في الرأي، فالضد تطرفوا في السخط حد "القذف"، ومن يناصره أيضا تطرف لدرجة أن البعض قال إن الغامدي أعاد للمرأة كرامتها. وبين حالتي التطرف في الرأي خرج المفتي بتصريح مثير للاهتمام والتأمل، فرغم ما يراه من خطأ كبير وقع فيه الغامدي، إلا أنه لم يتعرض له بسوء وبدأ حديثه في تبيان خطأ الغامدي وزوجته بالأدلة الشرعية، وأن غطاء الوجه يأتي كعبادة، لا كما يتوهم البعض في وصفه له بالعادة، قبل أن ينصحه بالمسارعة إلى التوبة والدعاء له، عندما قال "ورسالتي للشيخ الغامدي أن يتقى الله ويخافه، وأطالبه بأن يتوب إلى الله، وأن يتراجع عن خطئه قبل أن يلقى الله على حاله السيئة، وأسال الله أن يفتح على قلب الغامدي ويرشده للصواب". خطاب المفتي في حالة الغامدي، وفي حالات سابقة تدخل فيها بالنصح والموعظة الحسنة هو ما نحتاج إليه في مجتمعنا عندما نخاطب آخرين نراهم على خطأ، وقد جانبهم الصواب في أقوالهم وأفعالهم. هيئة كبار العلماء في السعودية، التي تضم نخبة من العلماء الربانيين غير الباحثين عن السمعة والشهرة، كما يفعل البعض، هم صمام الأمان في بلادنا، وهم من نستمد منهم النصح والإرشاد والفتوى. بالفعل هم صمام الأمان، فكم من فتنة وقفوا أمامها بالمرصاد ووأدوها في مهدها وجنبوا شرورها البلاد والعباد، ولعل آخرها فتنة "داعش"، وكم من فعل وقول "شاذ" وقفوا له بالموعظة الحسنة نصحا وإرشادا واحتواء دون تنفير وإبعاد. هيئة كبار العلماء كلمتهم نافذة ومسموعة، ويلقون كل تقدير من المجتمع والقيادة، ولعل الأمر الملكي الذي صدر في 2011، القاضي بحظر التعرض أو المساس بالسمعة أو الكرامة أو التجريح أو الإساءة الشخصية إلى مفتي عام المملكة أو أعضاء هيئة كبار العلماء خير برهان على التقدير واستشعار دورهم كصمام أمان للوطن.