عندما يشن مجموعة من الأشقياء هجوما وحشيا على قطار في بريطانيا أو حافلة في برشلونة أو مقهى في أستراليا، يأتي من يقول هذا خطأ ثم يمحو اثر تخطئته بكلمة (ولكن) أو بدائلها. هذه (اللكن) تضم في داخلها كل ما يحتاجه المجرم من تبرير، أن يبدأ تعليقه على الحادثة بكلمة (خطاء وما يجوز). عبارة مائعة، قيمتها تكمن في تغطية التبريرات اللاحقة التي سوف تمنع ضمائرنا من التعاطف مع الضحايا وسوف تحمي القتلة من الإدانة التي يجب أن تنشأ من العطف الإنساني الطبيعي وسنجد فيها أيضا ما يحمي هذا الداعية من الاتهام بدعم الإرهاب. في كل حادثة من هذا النوع يعاود دعاة الفتنة تذكرينا بالأفعال التي يقوم بها الجيش الأمريكي أو الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين. يريدوننا أن نفهم أن ما يقوم به هؤلاء القتلة ليس سوى انتقام لأطفالنا الأبرياء (المسلمين) الذين ذهبوا ضحية العدوان الٍإسرائيلي أو الأمريكي الغاشم، حققوا نجاحات كبيرة في هذا الاتجاه وشكلوا وعيا زائفا في نفوس البسطاء لا يرى في أفعال هؤلاء جريمة. عندما تقوم مجموعة إجرامية تحت ستار منظمة إسلامية لا تعرف لها أصلا ولا تعرف لها مكانا ولا تعرف لها أهدافا. تتقدم إلى الناس تحت ستار مجموعة من الشعارات الغامضة والعبارات الإسلامية التي لم يعد لها أي دلالة في عصرنا ثم يأتي بعدهم أو يسبقهم مجموعة ممن يسمون أنفسهم دعاة يرددون نفس الشعارات بما يملكون من متسع من الوقت والأمان والقدرة على ربط شعارات هؤلاء بأحداث التاريخ الإسلامي وأحداث اليوم تحت ستار ديني. يستغلون المساجد والمنابر الإعلامية المتاحة لينتهون إلى ربط شعارات هؤلاء القتلة بالتاريخ الإسلامي وبالمشكل من الفتاوى التاريخية وبالقضايا التي تواجه المجتمعات الإسلامية عندئذ يشكل هؤلاء الدعاة جسرا لهؤلاء القتلة ليصبحوا ممثلينا الأبطال في مواجهة إسرائيل وأمريكا والصفوية.. الخ. مع كل انفجار ومع كل حادثة تدعي علاقتها بالمملكة أو بالإسلام اهرع إلى مواقع دعاة الفتنة في النت. في توتير وغيرها وأتابع تعليقاتهم. في الساعة الأولى التي قرأت فيها عن هجوم طالبان الغادر على الطلبة في باكستان كان أول شيء تذكرته دعاة الفتنة ومبررو الجرائم. تابعت تغريداتهم أبحث عن رد فعلهم على هذه الحادثة. تجاهلوا الحادثة وكأنها لم تحدث! تفرغوا بالكامل لمسألة بديهية! فخروج أحد الرجال مع زوجته على شاشة التلفزيون حاسرة الوجه. أحدثوا ضجيجا حول المسألة ثم دفنوا رؤوسهم وضمائرهم فيه.. كأن جريمة تاريخية لم تحدث لأكثر من مئة وستين طالبا مسلما! طلبة صغار قتلوا على يد منظمة طالما مدحوها وأشادوا بانتصاراتها العظيمة على أعداء الإسلام والمسلمين.. كسرت طالبان قواعد اللعبة. لا يوجد بين الطلبة المغدورين في المدرسة إسرائيلي أو أمريكي أو صفوي. فبقدر ما فضحت هذه الجريمة طالبان وتوجهاتها الإجرامية كشفت لنا أن دعاة الفتنة لا يتفقون مع طالبان في العدو المشترك (أعداء الإسلام والمسلمين) بل يتوحدون معها ومع غيرها من المنظمات القاتلة في القتل بلا ضمير!. نقلا عن الرياض