×
محافظة القصيم

(الجزيرة) حظيت بتكريم خاص محافظ البدائع يتوج حراء ببطولة ملتقى الشباب

صورة الخبر

كان يتوسط المجلس، فقد طرأ تغيير في هيئته جعله يتصدر المجالس ويقدم عند الأبواب، إنه يمثل سمتا عزيزا على نفوسنا، نجلّه ونحترمه لمظاهر التدين التي تظهر عليه. وهذا التوقير فوق المعتاد جعل المجال غنيمة لمن يريد أن يتشبه بطلبة العلم ويسوق نفسه من نافذة الخير، ويجمع ما شاء من الدنيا بآية وحديث. تسنم قيادة المجلس، فهو محور الحديث، ولكنه لم يكن مرتاحا لوجودي، وتخلى قليلا عن فصاحته التي كان يغالب بها لسانه، ليشير إلي مرحباً بأهل الرياض، ويقول بصوت مرتفع "أنتم والله محظوظين يا أهل الرياض، عندكم ابن باز وابن عثيمين وابن تيمية"، فتبسمت على استحياء ومررتها له، وليتني لم أفعل. سمعت ممن في تلك الجلسة تعريضا بعدد كبير من أهل الخير، وكلما أثني على شخص من القريبين أو البعيدين بأنهم أهل صلاة قال غفر الله لي وله، "لا يغرنكم.. ذلك نفاق"، ثم يأتي بحديث الخوارج وصفاتهم الإيمانية. فإذا ذُكر له كاتب أو مسؤول بشوش ويقابل الناس بوجه طلق اعترض في التو والحال قائلا "لاتغرنكم ألاعيب العلمانيين والليبرالين، مظاهرهم ناعمة ولدغاتهم مثل الثعابين السامة"، لم يبق أحد في تلك الليلة لم يعرّض به إلا الذين يؤمن بفكرهم وتتلمذ على أيديهم. فشل دراسياً، ولم يكمل المتوسطة، كان على هامش المجتمع والجماعة، حتى زين له الشيطان طريقا مأمونا لتسويق جهالته، وحمقه وغبائه، ويجد له قبولا في مجتمع محب للخير. ولو أن أحدا في المجلس أكثر علماً وفقهاً لا يتمتع بتلك الهيئة التي عليها صاحبنا حاول أن يصحح معلومة أو يحاجج ذلك الدعيّ فإن أحدا لن يعيره اهتماما، فهو إما منافق أو علماني أو ليبرالي أو عدو لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ينفر من سماع الموعظة. المشكلة أن هذا الصنف من البشر تم تفريخه عنوة ومن قبل شبكات تتحكم في أدمغة هؤلاء الجهلة، فلا تجده إلا مروجاً لأفكارهم، رسولا لأهدافهم، يصرفونه كيف شاءوا. فهو مرة يسفه أحلام كبار العلماء ويشكك في نزاهتهم، وتارة أخرى يضحي بنفسه مرتديا حزاما ناسفا لأنهم أغروه وأغووه بوعود لم ينزل الله بها من سلطان، وأحيانا يترك والديه العجزة، وأطفاله، وزوجته البائسة متجهاً نحو ثغر من الثغور مضحيا بكل شيء وراءه دون أن يتوقف عند فتوى عالم موثوق، ولا حتى عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ففيهما فجاهد" فقد حشوه عددا من الفتاوى تجيز له عقوق الوالدين. هذه العينة من البشر الآن تتصدر مجلس تويتر، مهمتهم قذف الناس، وانتهاك أعراضهم، يتسمون بالمجادلة ليحيدوا عن الحق مبررين لأنفسهم آثاما عظيمة، تصدق عليهم الآية: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليل)، وإذا تناهى إلى مسامعهم شبهة تمس من لا يتفقون معه في التوجه فإنهم يسخّرون كل ما أوتوا من حشد لتدمير سمعة ذلك الإنسان دون أن يتوقفوا عند قوله تعالى (ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلو هو أقرب للتقوى)، ويعرضون عن قوله تعالى (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، فهم ليسوا في دائرة المؤمنين المخاطبين بهذه الآية، ولا ينطبق عليهم الوعيد. يتصيدون الشائعات ويصنعونها أحيانا لإسقاط الأخيار، فهم على عداوة معهم لأنهم أهل حق بيّن فيغيرون منهم، ويشعرون بالحنق عندما يرون مسلما ورعا لايحمل بين جنبيه ذلك التناقض الذي ينامون ويصبحون عليه. إنهم دعاة سوء. مشغولون بترويج الإشاعات وتشويه كل جميل في هذا الوطن، وكل عامل مخلص، فقد تحولوا إلى وباء ينهش استقرار هذا المجتمع وأمنه، بل من المفجع أن العدوى بدأت تنتقل إلى بعض الأجهزة الرسمية والرقابية التي باتت تصدق ما يروج من إشاعات ولا تتوقف عند الحقائق المجردة. زارني مرة مسؤول يحقق في قضية تهم سمعة وطن، وتتعامل مع مخالفات مالية وإدارية لموظف فاسد، وسألته أين وصلتم، فأجابني: الرجال مسكين والهيئة تتحرج أن تدينه. هل هذا منطق أم هو عدوى البؤس الذي يغتال قيم العدالة والمسؤولية، ويقوض ركنا شديدا من أركان أية كيان؟ فأين القاعدة الشرعية ولا تزر وازرة وزر أخرى؟