< كان فرانك باسكومب أفضل ما حدث لريتشارد فورد. اخترع الثاني الأول، وتبادل الأدوار معه. حين طُرد الصحافي الرياضي بات روائياً، وبطله تحوّل صحافياً حين فشل روائياً. أطلّ باسكومب في 1986 في «الصحافي الرياضي» وعمل بائع عقارات في هادام، نيو جرزي، حيث عــاش «حياة عادية لا تصفيق فيها مثلنا كلنا». ظهر باسكومب مرة كل عقد كما فعل رابيت أنغستروم، بطل جون أبدايك. عاد في التسعينات في «يوم الاستقلال» التي كانت الرواية الوحيدة الحائزة على جائزتي بوليتزر و فوكنر للرواية في سنة واحدة، ثم في «موقع الأرض» في 2006 التي افترض اختتام السلسلة بها. «فلأكن صريحاً معك» الصادرة عن «بلومزبري» مجموعة أربع قصص ترصد انتقال باسكومب من الوجع الى التفرّج. فقد طفلاً وزواجاً وحلماً، وبات في الثامنة والستين أقل ميلاً الى الاجتماع وأكثر عرضةً للغضب. يخشى الوقوع، ويكره النظر في المرآة التي تعكس وجه عجوز. تدور القصص قبل عيد الميلاد في 2012 بعد إعصار ساندي الذي دمّر شاطئ جرزي، حيث انتشرت رائحة الكارثة كثيفة، ثقيلة. يعيش مع زوجته الثانية سالي التي ترى الحياة حدثاً يؤدي الى آخر في حين يعتبرها نجاة من الفشل المتكرر. يعيده اتصال الى الشاطئ. اشترى آرني بيته القديم الذي قذفه الإعصار الى الطريق، ويطلب الآن رأيه كخبير في العقارات. يفوّت موعداً مع طبيب الأسنان ليرى بائع السمك الفاخر الذي بشّعته عمليات التجميل. يقول إنه يبدو بأحسن حال، وينصحه ببيع أرض البيت لمن يريد بناء منزل على ذوقه. تخرج سالي لمواساة المتضرّرين. لم تقتصر الخسائر على الأملاك وحدها، إذ جُرحت فكرة أميركا عن نفسها كأمة. يستعد للخروج والقراءة للعميان حين تقرع امرأة سوداء أنيقة في معطف أحمر ميلادي الجرس. اسمها مسز باينز، وعاشت في بيته طفلة. حين كانت في السادسة عشرة ساق والدها أمها وشقيقها الى الطبقة السفلى وقتلهما، ثم انتحر. كان قتلها أيضاً لو لم تتأخر في المدرسة. يفكر وهي تتحدّث بفشله، موت طفله رالف في التاسعة بمرض راي، وتحوّله خفيّاً. تقول إن «السود يثقلون على أنفسهم في محاولتهم أن يكونوا طبيعيين. لا عجب أننا مكروهون. أنا كنت سأكره عرقي أيضاً». تصعق العنصرية القارئ وتتكرّر. يدعو فورد الأفارقة الأميركيين زنوجاً، ويشــبّه طبيباً باكستانياً ضاحكاً بالقرد. يذهب إلى دار الرعاية ليزور آن، طليقته من ثلاثة عقود، التي جعلها مرض باركنسن أجمل قليلاً. يقول إنه سيعود الأسبوع المقبل إذا كانت لا تزال حيّة. «إنه الحب تقريباً». يغلّف زيتاً لمحرك السيارة هدية لنفسه، ويسمع مذيع الراديو يقول: «إذا كان اسمك فرانك باسكومب يريدك إيدي مدلي أن تزوره. إنه يحتضر». في المستشفى يقول لصديقه إنه لا يبدو بحال جيدة، فيرد أن عليه أن يخبره قبل أن يموت أنه نام مع آن. لا ينزعج. كان عجوزاً إلى درجة سينسى الأمر غداً على الأرجح. «لست غاضباً من أحد. الجرح الذي لا تحسّ به ليس جرحاً. الوقت يصلح الأمور، معظم الأحيان». بعد الحب > تنتقل روز تريمين زمناً ومكاناً في مجموعتها القصصية الخامسة، وترصد عزلة أبطالها نفسياً وفيزيقياً. يغيّر الحب بحضوره وغيابه عالم «العاشق الأميركي» الصادرة عن «شاتو أند وندوس»، وتبدو الشخصيات عاجزة عن العثور على بديل وسط الخواء الكالح. والخواء كالح سواء عاشت في روسيا الأمبراطورية، الريف الإنكليزي الجورجي، كورنوول الثلاثينات، أو النورماندي إثر انتصار الحلفاء. في قصة العنوان تهيم بث بتاديوس، المصوّر الأميركي المتزوج، وترافقه إلى باريس الستينات. يعيشان في مونبارناس البوهيمية، وسط مناخ متداخل من الملذات والعدمية، ويعرّفها الى أشكال الجنس غير التقليدية. تحمل منه فيختفي فجأة، ويتركها تتدبّر إجهاض الطفل وحدها. تعتقد أنها ستنساه إذا كتبت عنه، وتكافأ بالثروة والشهرة حين يقبل القراء على روايتها، لكن الأميركي يبقى هاجساً مقيماً في صحوها ونومها. تطلّ أغنية «الأوراق الميتة» في «فستان جولييت غريكو الأسود الصغير» التي تعجب من الطرق التي تفصلنا الحياة بها عمن نحب. تتحوّل فيها فتاة محافظة من خارج لندن إلى ملهمة فنان في باريس. في «لوسي وغاستون» تصاب إنكليزية بخواف البحر بعد سقوط طائرة زوجها الحربية فيه. يصبح قبر جفري، وتشعر أنها ستدوس على وجهه إذا سبحت. في «مدبّرة المنزل» تتردّد الكاتبة دافني دو مورييه على منزل في كورنوول البحرية في 1936. تجذبها مدبّرة «ماندرفيل» البولندية مسز دانوسكي، وتنام معها. تصعق «داني» حين تكتب دو مورييه «ريبيكا» وتجعلها مسز دانفرز الغيورة الشريرة، بدلاً من أن تصورها محبة، حنونة كما رأت نفسها. في «أسير» ينشأ أوين في مزرعة ثم يعيش في كوخ عليها حين يحتلها الغرباء لإمضاء العطلة فيها. يعالج عزلته بصنع بيوت للكلاب المهجورة هناك، ويرى ذلك مثالاً على الوضع البشري. الميل الى التخلّص ممن وما نعتقد أننا سنحبه لنكتشف العكس. يجد نفسه في صراع مع مالكي المزرعة الجدد حول بيوت الكلاب. تُسرق وقود التدفئة، وعليه الخيار بين ترك الكلاب تعاني من الصقيع في الثلج خارجاً أو إدخالها الى منزله. قبلة واحدة بين تلميذة ومعلّم في «جغرافيا إضافية» تبعدها من طفولتها الى الأبد. «الأبواب المغلقة» تفصل بين أم شابة يائسة وطفلتها التي تدرس في مدرسة داخلية. تنفي شرلي والديها الى كوخ العطلة في «منظر البحيرة العليا في الخريف» حين تعود الى المنزل بعد فشلها مغنية ريفية في ناشفيل. يصحبها موسيقيون صاخبون وعشاق مراوغون، فيهرب وولتر ولينا باركر، وهما يقنعان نفسيهما أنهما سعيدان بعيداً من بيتهما. تجمع «مهرّج أستابوفو» رجلين تعسين في زواجهما. ليو تولستوي الذي يفرّ من زوجته الكونتيسة صوفيا ليمرض في محطة قطار قرب موسكو، ومدير المحطة إيفان أوزولِن الذي يتحايل على حياته بالنكات وعشيقة. يشتدّ المرض على الكاتب، وخلال احتضاره تصل زوجته المتملّكة والصحافيون فيجهد أوزولِن لإبعادهم. يفكر أن التاريخ قصده وعاش معه، وها هو يهجره الآن. «القطارات تأتي وترحل، تأتي وترحل خارج بابي نهاراً وليلاً وأنا أعيش بلا حركة. أفهم الأمر الآن. وجهتي هنا. أنا منفّذ وصية الكونت تولستوي بعد موته». من طلب العلا > وقفت شابة في التاسعة عشرة تطلب من المارة الإجابة عن أسئلة مسح عن المساواة بين الجنسين. توقّف 83 في المئة من الرجال حين كانت تنتعل حذاء ارتفع تسعة سنتيمترات مقابل 47.7 حين هبطت الى سطح الأرض بحذاء مسطح، علماً أنها ارتدت الملابس نفسها مع الحذاءين. ذكرت مجلة «أرشيف السلوك الجنسي» الصادرة على الإنترنت أن باحثين من جامعة جنوب بريتانيي اختاروا عينة عشوائية من 180 رجلاً و180 امرأة من مناطق المشاة في بريتانيي، ولم يفاجَأوا حين بقي عدد النساء اللواتي توقفن في الحالين للإجابة عن أسئلة الشابة هو نفسه. وفي امتحان آخر، ارتفع عدد الرجال بنسبة النصف لالتقاط قفاز سقط من يد امرأة إذا كان حذاؤها عالياً. توحي الدراسة، على محدوديتها، أن سلوك الرجال يتغير تجاه النساء وفق مظهرهن وارتفاع أحذيتــهن. أقدم الأحذية المرتفعة انتعلها اللحّامون في مصر القديمة تفادياً للسير على بقايا الذبائح المدمّاة. بائعات الهوى في روما القديمة اعتمدن أيضاً الكعب العالي لكي ينتبه الرجال إليهن وسط الحشود. رفضته النسويات لأنه يساهم في فرض نموذج مضاد للنســـاء. الأسترالية جرميــن غرير تساءلت كيف تعرف المرأة المسافة التي تعبرها سيراً، أو سرعتها في العدو إذا لم تخلع حذاءها العالي؟ عالم الاجتماع الفرنسي جان - كلود كوفمان رأى أن الكعب العالي لا يحقّر النساء بل يزيد من قوتهن. إنه أداة مهمة في «رِجل» المرأة الراغبة في لفت الرجل، لأنه يبديها أطول قامة، أكثر ثقة جنسياً بنفسها وذات مؤخرة بارزة وحسّية. الإغراء أولاً وأخيراً، قال، ليس أكثر من لعبة.