×
محافظة المدينة المنورة

"العنف الأسري" يرتفع 12%

صورة الخبر

«عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سرّاء شكر فكان له خير؛ وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير؛ وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن» هكذا يريح رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مؤمن ويكفيه شر الهموم والمرض هم كبير فما أغلى صحة الانسان وما أغلى حياته عليه وعلى أحبائه. المرض ابتلاء ليس للمريض فقط بل بكل تأكيد لأحبائه وأقربائه، لذا أعطى الله لمرافق المريض وخادمه أجراً لا يقل عن أجر المريض وربما يزيد، وقد مرضت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الرسول زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى عندها ليمرضها، وتخلف عن معركة بدر، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ). وقال صلى الله عليه وسلم: «ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عليه كربة من كرب الآخرة» وهل هناك تنفيس أكثر من شد أزر مريض ودعمه وخدمته في أوقات عصيبة. وإذا كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فلا عون أعظم من عون مريض. وأعطتنا زوجة النبي أيوب عليه السلام أعظم مثال لزوجة أعانت مريضا وصبرت معه بإيمان عظيم وكانت له عوناً وسنداً، فهو النبي الكريم الذي أصابته الأمراض وهجره الناس وخشوا منه العدوى بعد أن كانوا يسعدون بقربه بل ويتوددون له لما يملك من خير، صبرت زوجته معه سبعة عشر عاماً وكافأها الخالق والشافي بعودة شبابها إليها مع شفاء النبي أيوب عليه السلام وعودته هو ايضاً لشبابه وعافيته بعد معاناة لا يتحملها سوى المقربين والمخلصين والصابرين. المريض لا يشغله عن مرضه شيء فمرضه يكفيه عن تحمل معاناة آخرين أو السؤال عنهم أو الانشغال بمشكلاتهم، بينما من يرافق المريض ويقوم على راحته لا يسلم من حمل هموم أخرى بخلاف هم المريض الذي بين يديه. أوقات صعبة للغاية تمر على مرافق المريض تجبره على التحلي بضبط النفس والتحكم في مشاعر لو تركها على حريتها لآذت المريض وضاعفت آلامه. مرافق المريض هو ممرضه ومعالجه النفساني وخادمه وسكرتيره ومدبر شئونه وهو أيضاً المتحدث باسمه والمتواصل بالنيابة عنه مع أحبائه. عندما يتألم مريضه على مرافقه أن يشد من أزره ويخفف عنه بكلمات أو بأفعال تحاول أن تشغله عن مرضه، وعندما يبكي مريضه مطلوب منه أن يبتسم ويجفف دموعه ويذكره بالأجر والثواب وبعد أن يذكره ويهدئه ربما يبتعد قليلاً ليبكي بحرقة مع نفسه فدموع مريضه غالية عليه بكل تأكيد ولكن هي مواقف تتطلب عزيمة وصبرا وقوة فالقوة هنا تتسرب للمريض والضعف مع المريض يزيد من مرضه. المرافق يتعامل مع طبيب المريض ويستمع لتوجيهاته ويصير حلقة وصل بين الطبيب والمريض فيخفف عن الاثنين كثيرا من العناء. المرافق هو المسؤول عن خدمة المريض يطعمه ويسقيه ويبدل له ملابسه وإذا كان خادم القوم سيدهم فما بالنا بخادم المريض كما يراه المريض. المرافق أيضاً هو مسؤول الاتصالات ومصدر المعلومات لأحباء المريض والمقربين منه خاصة عندما يكونون بعيدين عنه وما أصعب البعد وأشده على أحباب المريض وأهله، عليه أن يضبط كلماته وانفعالاته يذكر معلومات ويحجب عنهم معلومات أخرى عليه أن يزرع فيهم الأمل كما يزرعه في كل لحظة في مريضه. الأكثر من هذا ربما يكون المرافق مسؤولاً عن اتخاذ قرار مصيري يتعلق بحياة المريض عندما تطلب موافقته على اجراء عملية حرجة وغير مأمونة العواقب لمريضه. مرافق المريض يساهم بربط المريض بخالقه والتعلق به من خلال القراءة عليه وتذكيره بأجر الصبر والاحتساب وتعليمه ما يحتاج من أمور الدين والعبادة والذكر. هو سيتألم عندما يمنع المريض من ممارسة ما يحب من أكل أو سلوك أو يلزمه بما يكرهه وسيعيش مشاعر الأم الرحيمة حينما تضيع بين الاستجابة لطلبات طفلها لتناول قطع الشوكالاته وهو مصاب بداء السكري..!. المريض حال مرضه ستتغير نفسيته ولا شك .. من المحتمل أن يكون سريع الغضب.. عنيدا.. متقلب المزاج.. محبطا.. مهموما.. متشائما.. ضيق الصدر.. وهنا سيكون دور المرافق لتفهم هذه التغيرات النفسية والتأقلم معها وتقديم الدعم العاطفي للمريض لينقله من بحر الحزن والألم إلى شاطئ السعادة والتفاؤل والأمل. مهام جسام لمرافق المريض عليه أن يتحملها بإيمان وصبر وعزيمة وأيضاً بابداع فقصص يرويها لمريضه فيها العبر والعظات ورفع المعنويات وفيها أيضاً التسلية والترفيه وسعي دؤوب لنقل المريض من حجرة المستشفى لآفاق رحبة باسترجاع ذكريات سعيدة ومواقف مبهجة وحكايات تسر النفس، وقد يستعين المرافق بمرضى آخرين يحدوهم التفاؤل والأمل ليثروا واقع المريض بتعارف وأحاديث وتجارب فمواساة المريض للمريض لها وقعها الخاص على الاثنين ولاشك. اللهم اشف كل مريض وألبسه ثوب الأجر والعافية وارجعه لأهله سالماً غانماً، اللهم أعن كل مرافق مريض وقوه وأنزل السكينة على قلبه ليكون نسيماً عليلاً يهب على انسان يعيش أصعب لحظات ضعفه وأشدها وهو على فراش المرض.