"بعد فراقكم امتلأت عيوننا دمعاً، واشتعلت النار بقلوبنا..." بهذه الكلمات افتتح رثاءه لزملائه الذين سبقوه وراحوا ضحايا الواجب... فهل ينال رثاء مماثلاً يهز القلوب كما فعلت هذه الكلمات؟ إنه أحد ضحايا تفجير منطقة أورتوكوي بإسطنبول، الذي استهدف أشهر الملاهي الليلية بالمدينة ليلة رأس السنة، بعد أن بدأ العام الجديد لتوه. فبين أكثر من 40 شخصاً لقوا حتفهم في التفجير الذي وقع خلال الساعات الأولى من صباح الأول من يناير/كانون الثاني 2017، تم التحقق من بعض هويات الضحايا، ومنهم الشرطي ذو الـ21 ربيعاً، واسمه "بوراك ييلدز"، بحكم أنه كان أول الضحايا. وقد ثم تسليم جثته للمستشفى، وأقيمت جنازته صباح الأحد 1 يناير/كانون الثاني 2017 بحضور الكثير من الأقارب والأصدقاء. الغريب أن بوراك ييلدز حضر قبل ثلاثة أسابيع فقط من مقتله جنازة أصدقائه وزملائه في المهنة، الذين قُتلوا خلال الأحداث الإرهابية الأخيرة "بملعب بيشكتاش" 10 ديسمبر/كانون الثاني 2016، التي استهدفت نقطة انتظار للشرطة، وأدت لمصرع نحو 38 شخصاً. يُقبِّلون الخوذات من خلال جولة في حسابات مواقع ا الخاصة ببوراك ييلدز، تبيَّن أنه كان كثير التفاعل مع كل ما يخص مهنته كشرطي، حيث كان قد نشر صورة له برفقة والدته يوم تخرجه في مدرسة الشرطة، معلقاً على الصورة بعنوان "هذا كله من أجلك أمي". وبعد الأحداث الإرهابية الأخيرة التي كان ملعب بيشكتاش مسرحاً لها، شارك الشرطي متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة حزينة، ينعى من خلالها فراق زملاء مهنته، وشهداء الوطن، جاء فيها: "بينما قبَّلت أمهاتكم رؤوسكم، تجرؤوا هم على إسقاط الخوذات التي تحميها، أحلامكم وضعت على نعش، من يكترث لعمركم 20، 21، 22 سنة، هل يمكننا قياس شجاعتكم ومروءتكم بالنسبة لأعماركم، بعد فراقكم امتلأت عيوننا بالدموع، واشتعلت النار بقلوبنا، لن تموت كراهيتنا تجاه من يقف خلف الحادثة. فليرزق الله صبرَه لعائلاتكم، وليجعل مثواكم الجنة يا إخواني". أثارت هذه الرسالة موجةً من التعاطف مع الشرطي، من خلال العديد من المواقع والصحف التركية، وكذلك الرأي العام التركي، الذي هزَّته كلمات ييلدز في رثاء زملائه، كما أبكاهم موتُه هو ومن معه في الانفجار الأخير.