لندن: «الشرق الأوسط» ابتكرت شركات الطيران درجة ثالثة متوسطة بين الدرجة السياحية أو الاقتصادية ودرجة رجال الأعمال، أطلقت عليها الدرجة السياحية المعززة أو العليا (Premium Economy). وهي أغلى ثمنا من الدرجة السياحية العادية ولكنها تقل في الثمن عن درجة رجال الأعمال. السؤال الذي يريد معظم المسافرين الإجابة عنه هو: هل تكفي الدرجة السياحية العليا لأغراض السفر المريح، خصوصا في الرحلات الطويلة، أم أن من الأفضل أن يدفع المسافر المزيد من التكلفة من أجل التمتع بدرجة رجال الأعمال ومزاياها؟ بوجه عام يعتمد القرار في الكثير من الأحيان على شركة الطيران وما تقدمه، وأيضا على طول الرحلة ونوعية درجة رجال الأعمال في الرحلات القصيرة. ولكن راكب الدرجة السياحية العليا يحصل أساسا على مقعد أكبر حجما ومساحة أكبر للقدمين ووجبة أفضل من طاقم خدمة خاص. ولكن بعض الشركات تقدم الوجبات نفسها لكل ركاب الدرجة السياحية بمن يجلس منهم في الدرجة العليا. الكثير من المسافرين الذين جربوا الدرجات الثلاث أكدوا أن الدرجة السياحية العليا تقترب أكثر إلى الدرجة السياحية عنها من درجة رجال الأعمال. وأفضلها يقدم مقعدا مريحا ووجبات أفضل وبرامج تسلية أكثر تنوعا وشاشة مشاهدة أكبر حجما ووزنا إضافيا للأمتعة. ولكن ركاب هذه الدرجة لا يستطيعون دخول قاعات استقبال درجة رجال الأعمال قبل السفر أو بعده، كما لا يدخلون إلى الطائرة من صف خاص بهم كما هو الحال مع ركاب درجة رجال الأعمال. أيضا لا تتيح لهم بعض الشركات فرصة حمل وزن إضافي للأمتعة كما هو الحال مع ركاب درجة الأعمال، ولذلك يعتقد المسافرون أن هذه الدرجة قد تمنحهم 40 في المائة من مزايا درجة رجال الأعمال وليس 50 في المائة كما هو المتوقع من درجة وسط. في الرحلات طويلة المدى (أطول من 6 ساعات) تقدم درجة رجال الأعمال فرصة النوم في مقعد يتحول إلى سرير مريح، خصوصا في الرحلات الليلية. وهذا بالطبع غير متاح لراكب الدرجة السياحية العليا، فأقصى ما يحصل عليه هو مقعد مريح يمكن فتح زاوية ميله إلى الخلف قليلا. ولذلك يشعر الراكب في درجة الأعمال بأنه فعلا مدلل، بينما يشعر راكب الدرجة العليا بأنه فقط سعيد بأنه هرب من زحام الدرجة الاقتصادية خلفه. على الخطوط البريطانية مثلا، تطلق الشركة على هذه الدرجة اسم «وورلد ترافلر بلس» وتمنح الجالس فيها 7 بوصات إضافية من مساحة الأقدام مع مقعد أكبر قليلا من المقاعد السياحية ومساحة جانبية أفضل. مجموع المقاعد في هذه الدرجة قليل ولا يزيد عن 36 - 40 راكبا، ولذلك هناك شعور بالمزيد من الخصوصية عن الدرجة السياحية. تقدم الشركة للركاب مناشف ساخنة قبل الإقلاع، وهي لمسة مستعارة من درجة الأعمال. كما يحصل المسافر على وجبة ساخنة مشابهة لوجبات درجة الأعمال ضمن اختيار من قائمة طعام مصغرة. كما تتوفر مشروبات طوال الرحلة مع إضافة لوزن الشحن. وبالطبع يحصل المسافر على هذه الدرجة على أميال جوية أعلى من الدرجة السياحية، كما يمكنه استخدام هذه الأميال في الرحلات المستقبلية في رفع درجة السفر إلى السياحية العليا أو الأعمال، ولكنه لا يحصل على أي مزايا أرضية في المطار أو في وزن الأمتعة. وتقول الشركة إنها قامت بتحسين هذه الدرجة مؤخرا ووفرت لها شاشات أكبر حجما، والكثير من المزايا الأخرى التي توفرها أكبر الطائرات العملاقة وهي «إيرباص 380». وتوفر الشركة وجبة من 3 أصناف هي المقبلات والوجبة الرئيسية والحلويات والفاكهة. كما يمكن للمسافر أن يطلب الوجبة التي تتوافق معه، مثل الطعام النباتي أو الحلال. كذلك يحصل المسافر على سماعات أذن تخفض الضوضاء وشاشة خاصة وخيار بين العشرات من الأفلام الحديثة وبرامج التلفزيون والمنوعات والكتب المسموعة والألعاب. وتسمح الشركة باصطحاب حقيبتين في المقصورة مع شحن حقيبتين أخريين، وهو ضعف المسموح له لركاب الدرجة السياحية. وبالمقارنة تقدم الشركة في درجة رجال الأعمال جناحا خاصا بالمسافر في الرحلات الطويلة ومقعدا يتحول إلى سرير ووجبات متنوعة وإمكانية الدخول إلى قاعات مسافري درجة الأعمال في المطارات ومكاتب خاصة لمراجعة شحن الأمتعة ومنافذ خاصة لدخول الطائرة. وفي بعض الرحلات للشرق الأوسط وشمال أميركا توفر الشركة مقاعد هادئة للنوم أطول فترة ممكنة قبل تقديم وجبة الإفطار قبيل هبوط الطائرة. * حساب التكلفة * بينما تختلف أسعار المقاعد وفقا لموعد الحجز وجهة الرحلة، فإن مقاعد الدرجة السياحية العليا تزيد في المتوسط عن أسعار الدرجة السياحية بنسبة 85 في المائة، إذا كان الحجز قبل السفر بفترة طويلة. ولكن هذه النسبة تتقلص كلما اقترب موعد السفر، أحيانا إلى نحو 10 في المائة فقط إضافية، ولذلك فإن المسافر الذي يطلب تذكرة السفر قبل موعد الرحلة بوقت قصير عليه أن يسأل عن أسعار الدرجة السياحية العليا لأنها تكون متقاربة كثيرا مع أسعار الدرجة السياحية العادية. ويجمع خبراء السفر على أن قيمة تذكرة السفر في هذه الدرجة تكون جيدة حينما لا يزيد الفارق بينها وبين الدرجة السياحية العادية عن نسبة 15 - 20 في المائة نظرا للراحة الإضافية التي توفرها مقاعد هذه الدرجة. أما في ما يتعلق بحساب التكلفة بين السفر في الدرجة السياحية العليا مقارنة بدرجة رجال الأعمال، فإن فارق السعر يكون في الغالب بنسبة 65 في المائة أعلى في درجة الأعمال. وتقدم درجة رجال الأعمال مزايا إضافية، منها مساحة أكبر للقدمين بنسبة 50 في المائة وإمكانية طي المقعد بدرجة أكبر أو تحويله إلى سرير وفقا للرحلة، وخيارات متنوعة من الطعام والشراب. وفي الرحلات القصيرة عادة ما يكون الاختيار مقصورا على الدرجة السياحية ودرجة الأعمال، وهنا تشبه درجة الأعمال إلى حد كبير الدرجة السياحية العليا. * مقارنة الشركات * وفي ما يتعلق بالدرجة السياحية العليا وما تقدمه الشركات المختلفة يمكن ملاحظة التالي: - أكثر الشركات كرما في عرض المقاعد هي شركة «فرجن أتلانتيك» التي توفر 21 بوصة لكل راكب، بينما أسوأ الشركات في عرض المقاعد هما شركتا «كوندور» للطيران والخطوط الصينية «تشاينا إيرلاينز»، حيث لا يزيد عرض مقاعد كل منهما عن 17 بوصة. - في مجال الترفية تقدم أغلبية الشركات في هذا القطاع أفلام فيديو وفق الطلب، بينما يقتصر تقديم شركات أخرى على برامج تلفزيون مبرمجة على الشاشة دون اختيار. ولكن أسوأ الشركات في هذه الفئة هي الخطوط الكندية التي لا تقدم أي ترفيه تلفزيوني بالمرة على طائراتها القديمة من طراز «بوينغ 767»! ولكنها على الأقل تقدم الفيديو على طائراتها الأحدث. - نصف الشركات تقريبا تقدم نقطة شحن للكومبيوتر المحمول بغض النظر عن نوع وعمر الطائرة، ولذلك فالمسافر لا يمكنه أن يعتمد على أن الشحن متاح على الطائرة. ولا تشمل المقارنة أي شركات عربية، ولكن معظمها يوفر طائرات حديثة عليها تسهيلات الشحن. - بعض الشركات توفر أيضا نقاط الاتصال الساخنة المرتبطة بالإنترنت بحيث يمكن للمسافر إجراء الاتصالات والبريد الإلكتروني أثناء السفر الجوي. ومن الشركات التي توفر هذه الخدمة شركة «إيروفلوت» الروسية والخطوط الكندية والصينية والبريطانية واليابانية والنرويجية وشركات «فرجن» و«سكاي لينز» و«كوندور». - بوجه عام تتفوق شركات الشرق الأقصى في الدرجة السياحية العليا ومنها الأسترالية «كوانتاس» وطيران نيوزلندا واليابانية. وتنضم إلى القائمة أيضا الخطوط البريطانية و«فرجن أستراليا» والخطوط الاسكندنافية والفرنسية. والخلاصة أن هذه الدرجة لها مزاياها من حيث درجة الراحة ونوعية الترفيه والطعام وأحيانا وزن الأمتعة أيضا، ولكنها لا توفر مزايا درجة رجال الأعمال التي تبدأ من أرض المطار في معاملة متميزة لا تنتهي إلا بوصول الطائرة إلى جهة السفر. والعامل الحاسم في المعادلة هو التكلفة. لو كانت الدرجة السياحية العليا لا تزيد عن الدرجة السياحية بأكثر من 20 في المائة فهي أفضل بالتأكيد. وعلى الراكب أن يقرر إذا ما كانت مزايا السفر الإضافية في درجة رجال الأعمال تبرر دفع زيادة في الثمن تبلغ 65 في المائة إضافية على الدرجة السياحية العليا. وأحيانا في الرحلات الطويلة تكون راحة السفر أفضل من أي تكلفة. وفي كل الأحوال يمكن للمسافر أن يسأل شركة الطيران لترفيع درجة السفر، ولكن هذا موضوع آخر.