سيعتقد بعض القراء أنني ربما أجامل جريدة الجزيرة عندما أتحدث عن «تقاليد» هذه الجريدة العريقة، بسبب ارتباطي الكتابي بها وعلاقات الزمالة والصداقة التي تربطني بأسرتها. لكنني لن أقول سوى الحقيقة عندما أتحدث عن تقاليدها، وذلك عن معرفة قديمة جداً بهذه الجريدة، حيث نشرتْ لي أول مقال حين كنت في الخامسة عشرة من العمر مُطالباً بإنشاء مصنع للتمور في منطقة الجوف التي تشتهر بمزارعها وبإنتاجها الطيب الوفير من التمور. وارتبطتُ بها أيضاً من خلال عمل والدي مراسلاً صحفياً ومديراً لمكتبها في الجوف لمدة تزيد عن خمسٍ وثلاثين عاماً. وبالتالي فإنني أزعم أنني أعرف هذه الجريدة جيداً في كل عصورها وتقلبات أزمنتها، وأزعم أن ثمة تقاليد تراكمت عبر المسيرة الطويلة لهذه الجريدة التي كنت أرى نسخاً منها في طفولتي المبكرة لدى الوالد، عندما كانت الجزيرة مجلة شهرية يقودها الأستاذ الكبير عبد الله بن خميس - رحمه الله -. هذه التقاليد الجميلة لجريدة الجزيرة ترسخت عبر الزمن وهي الآن في أبهى أشكالها، وذلك باهتمام شخصي وبالغ من الأساتذة الكرام مطلق المطلق وخالد المالك وعبد اللطيف العتيق وزملائهم في المؤسسة. ومن أجل ترسيخ العلاقة الأسرية بين المؤسسة وكتّابها والعاملين فيها ومعلنيها، تقيم لقاءً سنوياً للتعارف بين هؤلاء جميعاً، والاطلاع على أحدث التطورات الفنية والتحريرية والتسويقية التي تتعلق بمنتجات المؤسسة، وبخاصة جريدة الجزيرة، وكذلك بما يحفل به الحقل الإعلامي من تغيرات كثيرة تعمل المؤسسة على مواكبتها. هذا العام، فاتني حضور اللقاء السنوي للجزيرة الذي انعقد في دبي، وذلك لارتباطات لم يكن من الممكن تغييرها، لكنني عرفت من الزملاء الذين حضروا وشاركوا في الملتقى، أنّ المؤسسة قد عرضت خططاً تطويرية رائعة في مجال التحرير والطباعة والإعلان والأمور الفنية المختلفة، وأن النقاشات والأفكار التطويرية شارك فيها أيضاً زملاء وكتّاب من مؤسسات صحفية أخرى حرصت مؤسسة الجزيرة على دعوتهم لتعميق روح الزمالة في الوسط الإعلامي. لقد قرأت ما كتبه الزملاء والزميلات، وسمعت من بعضهم مباشرة تفاصيل اللقاء السنوي للجزيرة، فأسعدني أن يستمر لدى هذه المؤسسة الرائدة إيمانها بأهمية تعميق العلاقة الإنسانية بين العاملين في المجال الإعلامي، سواء بين منسوبيها وكتّابها أو العاملين في الوسط الإعلامي والثقافي والإعلاني من خارج المؤسسة، وسرّني ما حققته من نجاحات مفرحة تعزز صناعة الصحافة والإعلام في بلادنا. وبهذا الجهد الجميل يستحق ربابنتها مطلق المطلق وخالد المالك وعبد اللطيف العتيق وزملاؤهم وزميلاتهم كل الإعجاب والتقدير.