تواجه الحكومة البريطانية ضغوطا لتعيين قاض للتحقيق بشأن ما إذا كانت وكالات الاستخبارات التابعة لها متواطئة في عمليات تعذيب لأشخاص يشتبه في تورطهم في الإرهاب قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. وقال نائب رئيس الوزراء نك كليغ إنه سيدعم تحقيقا قضائيا بعدما تبين أن مسؤولين بريطانيين عقدوا عشرات الاجتماعات مع نظرائهم الأميركيين. وذكر مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع في تقرير أن تقنيات الاستجواب التي انتهجتها وكالة الاستخبارات المركزية ترقى إلى التعذيب مما ترتب عليه حملة إدانات موسعة. ولم تتم الإشارة إلى بريطانيا ولا حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في التقرير. واتخذت السلطات الأمنية الأميركية إجراءات صارمة في أعقاب الهجمات في نيويورك وواشنطن في محاولة لتحديد ملابسات ما حدث ومنع تعرض الولايات المتحدة لهجمات جديدة، ولم ترد أي إشارة في تقرير الكونغرس الأميركي الصادر الأربعاء بشأن سوء معاملة المعتقلين إلى دور محتمل لأجهزة الاستخبارات البريطانية، لكن أجزاء واسعة من التقرير حجبت، الأمر الذي يثير تكهنات مفادها أن التقرير لم يأت على دور حلفاء الولايات المتحدة في عملية تسليم المشتبه فيهم، التي كانت تقتضي تسليمهم إلى دول أخرى للتحقيق معهم ومحاولة استخلاص المعلومات منهم، وذلك باستخدام أساليب عنيفة معهم، ومنها التعذيب، ويذكر أن بريطانيا من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في حملتها الأمنية ضد تنظيم القاعدة الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات نيويورك وواشنطن. وتنكر أجهزة الاستخبارات البريطانية ضلوعها في تعذيب المشتبه فيهم، لكن هناك أسئلة متزايدة بشأن ما إذا كانت هذه الأجهزة قد تواطأت مع نظيرتها الأميركية في تعذيب المشتبه فيهم، بمن فيهم مواطن بريطاني اعتقل في معسكر غوانتانامو في كوبا، وأكدت الحكومة البريطانية أن مسؤولي أجهزة استخباراتها تواصلوا مع مسؤولي أجهزة الاستخبارات الأميركية قبيل نشر تقرير مجلس الشيوخ الأميركي الذي خلص إلى أن «سي آي إيه» عذبت مشتبها فيهم متهمين بالإرهاب خلال عمليات الاستجواب، وقالت ناطقة باسم الحكومة البريطانية إن حكومتها لم تطلب حجب أجزاء من التقرير قبل نشره، لكن الناطقة أضافت أن هذه الطلبات إن قدمت للمسؤولين الأميركيين، فإنها لم تستهدف دور بريطانيا في تعذيب المشتبه فيهم. وكانت الحكومة البريطانية قالت الأربعاء إنها لم تطلب حجب أجزاء من التقرير، لكنها تقول الآن إن مثل هذه الطلبات إن وجدت فإنها جاءت «لأسباب متعلقة بالأمن القومي». وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لصحيفة «الغارديان» إنه لم يتم طلب إجراء أي تنقيح لإزالة أي إشارة إلى مشاركة بريطانية في أي من عمليات التعذيب المزعومة أو تورط، وأن أي تعتيم «كان سيستند إلى أسباب متعلقة بالأمن القومي بالطريقة التي ربما فعلناها مع أي تقرير آخر». وأضاف كليغ أنه سيؤيد تحقيقا بقيادة أحد القضاة إذا ذكرت لجنة الاستخبارات والشؤون الأمنية في البرلمان البريطاني التي تجري تحقيقاتها، أن هناك تواطؤا مع الـ«سي آي إيه»، مما يترك تساؤلات من دون إجابة. ومن ضمن الأساليب التي استخدمت: الإيهام بالغرق والصفع وتعريض المشتبه فيهم إلى مواقف التوتر والحرمان من النوم». وقالت رئيسة لجنة مجلس الشيوخ الأميركي، ديان فينستيان، التي أعدت التقرير: «إن هذه الأساليب ترقى إلى مستوى التعذيب». ويمكن أن يضر تقرير مجلس الشيوخ بحزب «العمال» المعارض الذي كان في الحكومة خلال برنامج الاستجوابات للـ«سي آي إيه» الذي أنهاه الرئيس الأميركي باراك أوباما في عام 2009.