تبدو تجربة المنتج الفلسطيني عبدالسلام أبوعسكر على مقدار من الاستثنائية، إلى درجة يمكن اعتبارها ظاهرة إعلامية فلسطينية وعربية، فهو الذي بدأ مسيرته الإعلامية مع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987، تمكّن بدأب من التحوّل إلى مؤسسة إعلامية فلسطينية متكاملة، تقوم بتغذية الكثير من القنوات الفضائية العربية وغير العربية، وغالبية وكالات الأنباء العربية والعالمية. وفي وقت بدأت مؤسسة أبوعسكر الإعلامية عملها من قطاع غزة في البداية، فإنها سرعان ما توسّعت وتمدّدت وانتقلت من غزة إلى الضفة الغربية، والقدس، ورام الله، والأراضي الفلسطينية المُحتلة عام 1948، فضلاً عن عواصم عربية وأوروبية عدة، في مسعى لتلبية هاجس أساس يتمثل في نقل الصورة الفلسطينية من مواقع الأحداث، وإيصال الخبر الفلسطيني في شكل آني ولحظي، إيماناً بدور الإعلام، بخاصة المرئي منه في إطار القضية الفلسطينية، التي تبقى من ناحية أولى قضية العرب المركزية، كما هي قضية شخصية لكل إعلامي فلسطيني. التحوّل الأبرز في مسيرة عبدالسلام أبوعسكر سيكون في انتقاله، مع الاحتفاظ بعمله التلفزيوني، إلى حيّز الإنتاج السينمائي، من خلال مؤسسة «سينيبال فيلمز»، التي تولّت في العام الماضي (2013)، إنتاج الفيلم السينمائي «فلسطين ستيريو»، من تأليف وإخراج رشيد مشهراوي؛ الفيلم الذي تدور أحداثه في الضفة الغربية، وأمكنه المشاركة في المسابقة الرسمية في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، ومهرجان تورنتو، والكثير من المهرجانات السينمائية حول العالم. كما سيقوم أبوعسكر، أخيراً، لمصلحة قناة «الغد العربي»، وعبر «سينيبال فيلمز» بإنتاج الفيلم الوثائقي الفلسطيني «رسائل من اليرموك»، للمخرج رشيد مشهراوي، أيضاً، في ما يبدو أنها شراكة إنتاجية إبداعية ومالية، ليكون هذا أول فيلم وثائقي يتم تصويره داخل مخيم اليرموك (جنوب دمشق) المُحاصر منذ قرابة عامين، والذي يقدم جوانب من الحياة اليومية في مخيم اللاجئين الأكبر في الشتات، وهو يتعرّض لمأساة فظيعة تمثلت في تهجير عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، وتدمير أجزاء واسعة من المخيم، في إطار الحرب السورية الدائرة. لدى الإعلامي عبدالسلام أبوعسكر الكثير من المشاريع السينمائية المُقبلة، منها فيلمه «صباح الخير يا غزة»، الذي أخرجه بنفسه عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، صيف 2014، وفيه سرد شخصي وذاتي لمأساة إنسان يقبع عاجزاً في رام الله، بينما أهله وأقاربه وأصدقاؤه وزملاء العمل يتعرّضون للقصف الوحشي المدّمر والمميت، ليكون الفيلم بوحاً شفيفاً ورقيقاً، يقول حكاية غزة ومأساة أهلها ببراعة. لم يفارق أبوعسكر عمله التلفزيوني اليومي، الإخباري اللحظي، ومعه فريق عمل من شباب إعلاميين محترفين يتواجدون في أماكن الخطر، تماماً على حافة الموت، ولا يتردّد في مشاريعه السينمائية التي يقول لنا إنه ماضٍ في تحقيقها. لن نسأله من أين له المال لمغامرات إنتاجية سينمائية... نعرف أنه يأكل من التلفزيون... ليطعم السينما. لا شك في أن عبدالسلام أبوعسكر يدرك أن التلفزيون للنسيان والسينما خالدة.