لم تثبت دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في الثلاث سنوات العصيبة الأخيرة أنها فقط خط الدفاع الأول والأخير للمنظومة الأمنية العربية، بل أكدت دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً المملكة والإمارات مقدرة سياسية فائقة وقدرة هائلة على الفعل وعلى استقلالية قرارها السياسي والسيادي، وعلى مدى عمق الرؤية ووضوحها عندما يتعلق الامر بأمنها القومي وبحدوده، ووضح كل ذلك من خلال نجاحها في تحجيم مؤامرة الفوضى الخلاّقة المسماة بالربيع العربي التي أُدخل في أتونها قسراً عالمنا العربي والحد من تداعياتها على الأمن العربي، وبالتالي على المواطن الغلبان المطالب وحده بدفع جميع تكاليف المؤامرة، ونجاحها في فضح المتآمرين من الداخل والخارج وكشف عراب المؤامرة الجماعة الباطنية المعروفة بالإخوان المسلمين التي كانت تريد اتمام مشروع الفوضى الخلاقة بالدعوة لما أسموها (ثورة حنين) في السعودية، والمحاولات الخائبة للتآمر على دولة الإمارات العربية، وشاء الله عز وجل أن يفشل كيدهم وسعيهم أهم التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي ولا تزال تشكّل خطراً حقيقياً على شعوب ودول المجلس الطموحات السياسية للجماعة الباطنية (لا تعلن ما تبطن أبداً) المسماة الإخوان المسلمين المتغلغلة في قلوب وعقول ومعتقدات بعض أبناء جلدتنا الذين لا يزالون منخدعين بزيف أقوالها ونعومته فيدافعون عنها سراً وعلانية، رغم أن الحقائق والخيانات لا يمكن تجاهلها، والمتغلغلة في ثقافتنا ومؤسساتنا ومرافقنا العامة والخاصة ويذهب ريحهم لينقلب السحر على الساحر، فيثور الناس عليهم وتستعيد مصر حريتها من جديد بدعم وإسناد من دول المجلس وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويتنبه الخليجيون لوساوس الجماعة وسعيها الدؤوب لشق الصف الخليجي كما مزقت المجتمعات والأسر في البلاد التي وصلها طوفان (الربيع العربي)، فجاء إعلان الرياض الذي أنهى خلافات الأشقاء وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوحيد الصف العربي ودعوة الشقيقة الكبرى مصر لأخذ دورها القيادي والريادي الذي لا يكون إلاّ لمصر، ومن الواضح أن هذه المبادرة تعبّر عن حقيقة الرؤية الخليجية للعبور بالأمة العربية نحو وحدة الصف والموقف؛ لأنه يمثّل السبيل الوحيد لمواجهة الأطماع الاقليمية والدولية والفرق الإرهابية وطموحات الجماعات الباطنية الحاضنة الحقيقية المنتجة لإرهاب العصر المنسوب للمسلمين. إن الأحداث الكبيرة التي مرّت بها المنطقة العربية من احتلال العراق ومن ثم تسليمة للصفوية الطائفية وما حدث تحديداً في مصر واليمن وسورية والبحرين وضع دول مجلس التعاون في زاوية صعبة جداً (في خانة اليك كما يقال) فالهدف واضح، دول المجلس وتحديداً المملكة، تمثّل جميعها الجائزة الكبرى؛ فهي التفاحة الكبيرة التي يسعى لقطفها الجميع فوضعت في مرمى نيران المؤامرة التي تكونت معادلة صياديها من: (طائفية مذهبية + باطنية سياسية دينية + برغماتية دولية).. كل هؤلاء المتآمرون ومن ورائهم الضباع الدولية التي تقتات على البقايا والفضلات؟، الجميع تفاجأ من سرعة حركة الخليجيين في لم الصف وتجاوز الخلافات التي أُريد لها أن تكون مقوضة وقاضية لمجلس التعاون الخليجي، كذلك فوجئ الجميع من قدرة الفعل لدى الخليجيين وقوة التأثير المحلي والعربي والإسلامي والدولي، وتفاجأ من مدى وضوح الرؤية المشتركة ومن مستوى التلاحم وعمق التكامل وقوة صلابة الموقف الخليجي خصوصاً للمملكة العربية السعودية ولدولة الإمارات العربية المتحدة، ولاشك أنها في الجانب الآخر تشكّل مفاجأة سارة للخليجيين وللعرب وللمسلمين وللشعوب المحبة للسلام، وهي كذلك تمثّل ولادة أمل جديد يشرق من ضفاف الخليج العربي الجميع ينتظر إشراقته مجدداً من الدوحة، الجميع ينتظر ويترقب خطوات نوعية تتماشى ونوعية التحديات التي لا تزال تتربص بدول المجلس والتي يأتي في مقدمها الأطماع الإقليمية التوسعية للطائفية الصفوية، وما تمتلكه من قوة ناعمة منظمة وفاعلة على الساحة الدولية مكنته من اختراق منظومات صنع القرار السياسي والرؤية الثقافية والإعلامية الغربية، وبما لديه من مكنة إعلامية وثقافية هائلة عاملة في الأرض العربية والفضاء العربي، ومن خلال بعض المواقع الخليجية نجحت للأسف في اختراق والتغرير بالبعض، ومع ذلك بقي المكون الشيعي في دول مجلس التعاون وطنياً صلباً متماسكاً ومتلاحماً مع باقي المكونات الخليجية، ولكن الطائفية الصفوية تظل تمثّل تهديداً مباشراً لمسيرة المجلس. من أهم التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي ولا تزال تشكّل خطراً حقيقياً على شعوب ودول المجلس الطموحات السياسية للجماعة الباطنية (لا تعلن ما تبطن أبداً) المسماة الإخوان المسلمين المتغلغلة في قلوب وعقول ومعتقدات بعض أبناء جلدتنا الذين لا يزالون منخدعين بزيف أقوالها ونعومته فيدافعون عنها سراً وعلانية، رغم أن الحقائق والخيانات لا يمكن تجاهلها، والمتغلغلة في ثقافتنا ومؤسساتنا ومرافقنا العامة والخاصة، وتكمن خطورة هذه الجماعة في القدرة على التخفي والتلون والخداع وقدرتها الهائلة على تسويق نفسها وأفكارها من خلال إمكانياتها التنظيمية (غير المعلنة) والآلة الثقافية الضخمة، من خلال تركيز سيطرتها على التعليم والنشر المكتبي، وينتظر الجميع خطوات تشكّل حراكاً عاماً نخبوياً وشعبياً فاعلاً يستكمل الخطوات الدفاعية والاستباقية التي قام بها قادة المجلس، خصوصاً في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ينتظر الجميع خطوات تفعل جميع منظومات دول المجلس الأخرى الثقافية والاعلامية والتعليمية والاجتماعية والسياسية لتكون في مستوى حركة وتميز المؤسسة السياسية والمؤسسة الأمنية، يترقب الجميع خطوات ينتظر أن تعزز وتضيف مزيداً من الدعم الشعبي الحقيقي والمتميز بالنضج السياسي الذي أبدته شعوب دول مجلس التعاون، وكان لها بالفعل على الأرض الدور الأول والرئيس في إفشال المؤامرات التي استهدفت وحدة دول مجلس التعاون، واستهدفت أمنه واستقراره وهددت وجود دوله ذاتها، ولاشك أن هذه اللحمة الوطنية شكلت أرضاً ثابته وقفت عليها القيادة السياسية الخليجية بكل شموخ وعزة وأنفة وبصيرة ثاقبة، ولا شك أيضاً أنها مثّلت دفعاً مهماً للقيادة السياسية وعزز من قوة وصلابة مواقفها السياسية وفاعليتها في مواجهة الأطماع والطموحات، وجعلتها قادرة على أخذ زمام الأمور؛ لتكون مصائر دولها وشعوبها بيدها لا رهينة بيد الآخرين، وجعلها كذلك قادرة على الذود عنه بكل جسارة وجرأة وبمنتهى القوة وبكل شراسة أن تطلب الأمر، فالحر لا يكون مصيره إلاّ بيده ومجلسنا مجلس للأحرار فقط. * عميد كلية الإعلام والاتصال ورئيس تحرير جريدة "المسلمون" الأسبق