×
محافظة المنطقة الشرقية

اختتام ورش عمل وحدة البرنامج الوطني لتطوير المدارس بحائل

صورة الخبر

التنشئة وبناء الإنسان عملية تراكمية مستمرة؛ لذلك هي الأهم والأصعب في دور المجتمع عامة، والأسرة خاصة، لكنها في هذا العصر تتسم بالعشوائية والضبابية وضياع الهدف، ربما بسبب التطور التقني والمعرفي وثورة الاتصالات التي أحدثت خللا هائلا في النسيج الاجتماعي، وباتت تؤثر سلبا في الدور التربوي وزادت من صعوبته بدلا من تطويعها وتوظيفها. فتقنيات الاتصال الحديثة اختطفت التواصل الاجتماعي الحقيقي لصالح العالم الافتراضي، حتى أخذ زمام المبادرة وأمسك بخيوط التشكيل النفسي والعقلي الفردي والجمعي، ويكاد أن يزيح الأسرة والمجتمع عن دورهما الأصيل، خصوصا أن مجتمعاتنا تقليدية في بنائها، أي تعد الأسرة المصدر الأساس لحاجات الناشئة والحاضن الأهم لهم لسنوات طويلة ويتكامل معها التعليم حتى يتم التخرج، وبعدها يبدأ الشاب والفتاة خوض غمار الحياة ومواجهتها بكل متاعبها. فماذا لدى الأسرة ومؤسسات المجتمع اليوم لتقدمه من وعي وخبرات وانضباط في ظل طغيان تأثيرات التواصل الإلكتروني، والاستغراق في العالم الافتراضي الذي يسلب الإرادة الحقيقية. في العالم الافتراضي ارتفعت شكوى الكبار من شحنائه ومعاركه وإساءاته ومن خبائثه وخبثائه، ويقع في براثنه كثير من الشباب من الجنسين، ومع ذلك قليل هم الذين يراجعون أنفسهم ليتنبه الإنسان ويستعيد دوره الحقيقي في الحياة الواقعية التي يخدم فيها نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه. وأعتقد أن مجتمعاتنا تواصل خسارتها من الاتزان النفسي، ومن الوقت الذي يتسربل من الطلاب والطالبات وأوقات العمل، وخسارة فرص الاستفادة الحقيقية من هذا التطور في المعارف النافعة والتدريب على مهارات التفكير الإيجابي والأفكار البناءة. وهنا تبحث عن الأسرة، فلا تجد إلا عزلة فيما بينها وغياب تأثيرها. في المقابل، أين دور الإعلام الذي يعزز دور الأسرة في التنشئة، ويسهم في بناء حقيقي للناشئة وتناول قضاياها رغم السيل الهائل للبث الفضائي، فالأسرة اختزلتها معظم الفضائيات في (المطبخ) وأكلات يومية حلوها ومالحها، ومسلسلات وأعمال درامية يطغى فيها الغث على السمين، وليتها تسهم في اكتشاف المواهب في كل مجال مثلما شغلت الناس بمواهب الفن فقط. وتعالج قضايا الشباب وتعزز وعي الأسرة والمجتمع بدورهما وبحقوق الأوطان، وهكذا تضيع بوصلة التنشئة بوتيرة متسارعة عن اتجاهها الصحيح بين مطرقة العالم الافتراضي وسندان الإعلام الفضائي وطوفان الاكتئاب المزمن وعلى مدار الساعة جراء مآسي الأمة وأخبار الإرهاب وجماعاته الضالة المجرمة. فهل من عودة للوعي والروح الأصيلة؟!.