صراحة نواف العايد : أقر وزراء السياحة ووزراء الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وثيقة موحدة لتحقيق الترابط والتكامل بين قطاعي السياحة والثقافة في دول المجلس، متضمنة رؤية شاملة لتطوير العمل المشترك بين هذين القطاعين على مدى خمس سنوات (في المدة ما بين 2017 – 2021 م)، واعتماد السياحة محركاً رئيساً للتعريف بالتراث الثقافي والحفاظ عليه، خصوصاً مع تعرضه للعديد من المخاطر التي تهدد الهوية الخليجية المشتركة لدول مجلس التعاون المعتمدة على العمق الإسلامي والعربي. وجرى اعتماد الوثيقة، التي أعدتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة العربية السعودية بالتنسيق من الوزارات المعنية بدول المجلس لتركز على أوجه التلاقي بين قطاعي السياحة والتراث الثقافي ودور ذلك في ربط المواطن الخليجي بتاريخ وطنه والتعرف على الملامح التاريخية التي قامت عليها دول المجلس لتعزيز وتوثيق التعاون بين هذين القطاعين. واشتملت الوثيقة على ستة محاور رئيسة جاء على رأسها محور تأصيل الهوية الخليجية لمواطني دول المجلس والاستفادة من التراث الثقافي في تعزيز الانتماء الوطني واعادة مكانة التراث الى قلوب مواطني دول المجلس وجعله ثقافة معاشة بالتوازي مع تعزيز دور المتاحف والمؤسسات الثقافية الوطنية التي من شأنها تحديد ملامح الهوية الخليجية المشتركة. أما المحور الثاني فيركز على إبراز أهمية التراث والثقافة والسياحة في مسارات التنمية والمساهمة في دعم الاقتصادات الوطنية عبر تحفيز الاستثمار في مشاريع التراث الثقافي في دول المجلس، وعقد الشراكات مع القطاع الخاص في مجالات التراث، إلى جانب تحديد الاجراءات والآليات التنفيذية لوضع خطط مستقبلية لتنمية قطاع التراث الثقافي وتشجيع السياحة البينية بين دول الخليج. وركز المحور الثالث على التدريب والتعليم وتنمية الموارد البشرية ونشر المعرفة بالتراث الثقافي لكافة شرائح المجتمع وذلك عبر ادخال التراث الثقافي كمادة علمية أو معرفية في المناهج التعليمية والتدريبية، إضافة الى تبادل الخبرات المعرفية والعلمية في مجال التراث الثقافي. وأكدت الوثيقة على ضرورة التسويق السياحي والثقافي لدول المجلس على المستويات العربية والدولية ووفق خطط مدروسة مرتبطة بالشأن السياحي وذلك عبر اعداد أجندة خليجية مشتركة للفعاليات التسويقية، الى جانب إعداد استراتيجيات وسياسات موحدة للترويج والتسويق للمنتجات السياحية الثقافية مع ابراز ما تشهده دول المجلس من حراك للمحافظة على التراث الحضاري والثقافي للمنطقة برمتها. ويشير المحور الخامس من الوثيقة الى وضع ضوابط خليجية مشتركة لتنمية مواقع التراث الثقافي في دول المجلس وتوظيفها لدعم السياحة الثقافية ووضع الأكواد والمواصفات الفنية الوطنية والخليجية وذلك بعد التعميم على الدول الأعضاء بمعايير الأنظمة الخاصة للتراث الثقافي على المستوى الوطني، والتعميم على الأعضاء المواثيق والمعايير الخليجية ومتابعة التنفيذ من خلال الطلب من الدول الأعضاء تزويد الأمانة العامة للمجلس بأي أنظمة أو تشريعات أو قوانين مختصة بحماية التراث وربطهم ببرنامج زمني لتنفيذ ذلك. وركزت الوثيقة على ضرورة تعزيز العمل المشترك على مستوى السياحة الثقافية وذلك من خلال تشجيع المؤسسات المشتركة المعنية بالتراث الثقافي الى جانب تشجيع قيام المشاريع والبرامج المشتركة بين الدول الأعضاء في المجلس، واعداد أجندة ثقافية مشتركة للفعاليات والأنشطة المشتركة في التراث الثقافي والعمل على تحضير ملفات مشتركة لمواقع التراث العالمي، في الوقت الذي جرى تكليف مركز التراث العالمي بالبحرين لمتابعة ملفات مواقع التراث العالمي والعمل على استحداث فعاليات دورية مشتركة بدول الخليج أسوة بالفعاليات الرياضية والاقتصادية. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد طالب في الاجتماع التأسيسي لوزراء السياحة في دول الخليج الذي احتضنته الكويت عام 2014 بربط بين السياحة والثقافة والتراث لوضع أسس للهوية الوطنية وربط الشباب ببلادهم وتاريخهم وتعزيز الانتماء لهويتهم، ودعا إلى ضرورة عقد لقاء سنوي للمسؤولين عن السياحة مع نظرائهم المسؤولين عن الثقافة بهدف رسم أطر الهوية الوطنية ومتابعة تعزيزها في نفوس مواطني دول المجلس عموماً والشباب والنشء منهم خصوصاً، وأعاد سموه طرح هذه المبادرة على نطاق أوسع في اجتماع المجلس الوزاري العربي لوزراء السياحة في الدول العربية الذي احتضنته الشارقة أواخر عام 2015 م، مقترحا سموه عقد اجتماع مشترك لوزراء السياحة والثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تطوير مسارات تدمج السياحة بالسياحة الثقافية والتراثية، والمحافظة على المكنوز التراثي لدول الخليج، وتفعيل الترابط المستقبلي بين مواطني المجلس عن طريق السياحة الثقافية والتراث، وربط المواطنين بأوطانهم ليعيشوا تفاصيل هذه الأوطان وملحمة بنائها. وجاء تبني الجامعة العربية بتاريخ (11 أغسطس الماضي) المشروع الثقافي التوعوي نحكي عن أوطاننا استمرارا لما طرحه سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في هذا المجال.