برغم الخطط التطويرية التي وضعتها وزارة التربية والتعليم لحل مشكلة المدارس المستأجرة، إلا أن هذه الخطط لم تقلص كثيرا من حجم المشكلة إلى وقتنا الحاضر، حيث ما زال الطلاب والطالبات والكادر المدرسي بجميع مناطق المملكة وفي مكة المكرمة تحديدا التي تشهد قفزة تنموية هائلة، يعانون من وطأة المستأجرات ومخاطرها وسلبياتها التي تزداد يوما بعد يوم. وشكت المعلمة المتقاعدة سلوى حامد (وهي أم إحدى الطالبات اللاتي يدرسن في إحدى المدارس المستأجرة بمكة) من المعاناة التي يواجهنها الطالبات والمعلمات يوميا، فالبناء غير صالح للبيئة التعليمة وخال من وسائل السلامة حيث يتواجد بحارة ضيقة، يسكنها بعض من الآسيويين من مخالفي نظام الإقامة بالإضافة إلى التلوث البيئي المحيط بالمدرسة سواء من مياه الآسنة والقمامة المتراكمة بالإضافة إلى الحشرات والزواحف التي تدخل إلى المدرسة من حين لآخر كالقوارض والأفاعي. ويرى محمد الحربي أن ابنه قضى المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وهو يتنقل بين المدارس المستأجرة ذات المباني المتهالكة التي تشكل خطرا على حياة الطلاب، فجميع تلك المباني متعددة الطوابق ومرهقة في الصعود والترجل، كما يعاب عليها ضيق مساحة الفصول مما يجعل الحركة صعبة داخل الفصل أو أثناء الخروج منه خاصة إذا كان عدد الطلاب كبيرا بالإضافة إلى ارتفاع انتقال الأمراض والأوبئة بين الطلاب بسبب القرب بينهم وارتفاع احتمال حدوث حالات الإغماء بسبب التكدس لمن يعانون من الربو أو مشاكل صحية في جهاز التنفس، مضيفا أن غلب المباني المستأجرة لا يوجد بها فناء وكذلك عدم توفر معامل ومختبرات لعدم وجود غرف جيدة التهوية تساعد على إنشاء معامل ومختبرات، منوها بأن البعض منها يتواجد في الحواري والأحياء التي بها كثافة سكانية تعيق الحركة المرورية عند الدخول والخروج. فيما تقول فاطمة النفيعي إن أغلب المدارس المستأجرة وحتى الجديدة هي منازل وشقق لا تصلح لتكون مدارس للطلبة والطالبات، ويجب على الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم وضع جدول زمني لحل مشكلة مشاريع بناء المدرس المتعثرة في جميع مناطق ومدن وقرى وهجر المملكة؛ نظرا للمخاطر التي تنتج من استخدام هذه المباني غير المؤهلة نهائيا، كما طالبت بضرورة بناء مدارس بمواد حديثة ذات مواصفات عالية الجودة تطيل من عمر المبنى وتجعله مقاوما للتغيرات المناخية والطبيعية والحوادث وتحتوي فصولا فسيحة ومريحة مكيفة مركزيا ومكتبات حديثة وصالات رياضية متكاملة ومسارح وقاعات طعام وساحات ومخارج للطوارئ وأجهزة إنذار للحريق. وذكر الناطق الإعلامي لإدارة التربية والتعليم بالعاصمة المقدسة عبدالعزيز الثقفي أن الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة بدأت خطة طموحة للتخلص من المدارس المستأجرة وذلك في ظل توجهات وزارة التربية والتعليم بهذا الشأن، ورغم وجود العديد من مشاريع تطوير مكة المكرمة التي تمت إزالة كثير من المدارس على أثرها، إلا أن الإدارة العامة للتربية والتعليم بمكة تعمل على تقليص أعداد المدارس المستأجرة، فإذا كان مجموع المدارس في مكة يصل إلى 1530 مدرسة بنين وبنات فإن المدارس المستأجرة للبنين 116 مدرسة، بينما المدارس المستأجرة للبنات 123 مدرسة، وهو عدد معقول بالنسبة للعدد الكلي للمدارس في ظل الحركة التطويرية الخاصة بمكة المكرمة. وهناك بعض الخطوات التي تعمل الإدارة العامة عليها في ضوء توجيهات المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة محمد بن مهدي الحارثي تتمثل في العديد من الإجراءات، من بينها: العمل على توفير الأراضي سواء بالشراء أو التخصيص أو نزع الملكية وإقامة المشاريع الحكومية عليها. واستثمار المساحات في المدارس القائمة لبناء فصول دراسية ومرافق تعليمية. كما أن هناك دراسة إمكانية تعلية المباني الحكومية القائمة. وزيادة ميزانيات المدارس القائمة حسب الإمكانية. ونأمل أن نصل إلى التخلص الكلي من المباني المستأجرة.