سجلت القطاعات الإنتاجية والخدمية الرئيسة في دول المنطقة نشاطاً لافتاً، كما وتيرة الحركة التجارية والمالية وهي الأعلى منذ أزمة المال العالمية. ورُصد تجاوز قطاعات اقتصادية كثيرة مستوى النشاط المحقق في الفترة السابقة لأزمة المال. وعزت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي ذلك إلى «حزمة المشاريع المتنوعة التي تشهدها اقتصادات دول المنطقة». ويُعتبر مستوى النشاط الحالي «مؤشراً حقيقياً قادراً على إظهار نقاط القوة والضعف في الوقت المناسب، كما يعكس النتائج الإيجابية لحزمة القوانين والتشريعات والإجراءات المتصلة بضبط الأسواق ومراقبتها، ومنحها مزيداً من الشفافية والحد من الانحرافات». وأضاف التقرير عاملاً آخر للنجاح الاقتصادي الحالي والمتوقع في دول المنطقة، تمثل في تواصل تنظيم المعارض والمؤتمرات التي تغطي معظم النشاطات الاقتصادية إقليمياً وعالمياً». ولاحظ أن دول المنطقة «تأتي في طليعة دول العالم على مستوى جودة الاقتصاد وحداثة التشريعات والفرص الاستثمارية القائمة كماً نوعاً، ما يمنحها أفضلية في الاستثمار المحلي والخارجي ويمكّنها من جذب الاستثمارات». وتوقع أن تتواصل النشاطات والمؤتمرات المتخصصة في الفترة المقبلة، مستفيدة من «ارتفاع وتيرة الحركة الاستثمارية في كل القطاعات». وتبدو الصورة «أكثر جاذبية لدى الحديث عن كثرة المشاريع التنموية والمتصلة بالبنى التحتية التي تنفذها دول المنطقة، مروراً بقطاع الطاقة والمشاريع التجارية التابعة للقطاع الخاص وصولاً إلى التوجهات الاستراتيجية، وفي مقدمها «إكسبو 2020» و «كأس العالم 2022»، إذ تتواصل الاستعدادات لها حالياً». وتظهر وتيرة التسارع الاقتصادي المسجلة «نجاح دول المنطقة في قدرتها على التنظيم واستحواذ حصة مرتفعة من النشاط المالي والاستثماري على مستوى العالم، وكذلك قيادة القطاعات الإنتاجية والخدمية، حيث تتنافس الشركات العالمية من كل الاختصاصات والخلفيات للفوز بجزء من المشاريع الجاري تنفيذها وتلك التي في طور التخطيط». الأبنية الخضراء وأشار تقرير «المزايا» إلى أن أسواق الإمارات «تشهد تطوراً كبيراً في قطاع الأبنية الخضراء تحديداً، فيما باتت دول الجوار أكثر قرباً وقناعة إلى تبني معايير الاقتصاد الأخضر لما لذلك من نتائج إيجابية على كل القطاعات والنشاطات المتصلة». وذكر أن الإمارات «تستحوذ على 67 في المئة من عدد المشاريع المصنّفة تبعاً للنظام «ليد»، والتي تتبنى معايير «الاقتصاد الأخضر». وتوقع أن تساهم هذه المعايير في «خفض استهلاك الطاقة في هذه المشاريع بنسبة 70 في المئة في السنوات المقبلة». وكان لهذه التطورات «أثر إيجابي على أسواق مواد البناء التي تتجه إلى إنتاج مزيد من مواد البناء التي تلبّي متطلبات المباني الخضراء ومعاييرها، ما يشكل فرصاً استثمارية كبيرة لقطاع صناعة مواد البناء خلال هذه الفترة وتلك المقبلة». ويتزامن ذلك مع «ازدياد الطلب في السوق على مواد البناء المستدامة لتلبية التشريعات الخاصة بالمباني الخضراء في دول مجلس التعاون الخليجي، والجهود الرسمية لاعتماد معايير الاستدامة في المشاريع القائمة وتلك قيد التنفيذ». ولفت التقرير إلى أن الطلب على الحديد بكل أشكاله «ارتفع بنسبة 3.5 في المئة في الدول الخليجية خلال هذه السنة، نتيجة الزخم الاستثماري في القطاع العقاري ومشاريع البنية التحتية». ويُعتبر «معرض الخمسة الكبار» الدولي للبناء في المنطقة الذي استضافته دبي خلال الأيام الماضية، «فرصة ذهبية للشركات العاملة في قطاع البناء ويمنحها مجالاً أوسع لعرض منتجاتها وتسويقها على المستويين الخليجي والعالمي وعرض التطورات التقنية في القطاع، فضلاً عن رغبة الشركات في تطوير حضورها في الفعاليات المحلية والإقليمية والعالمية، للاطلاع على الفرص المتاحة في مجالات الإنشاء». ويحمل المعرض معه «نتائج إيجابية على مستوى خطط التوسع والنمو في الشركات، ويأتي ذلك في ظل المنافسة القوية في قطاع مواد البناء على جودة المنتجات والأسعار والحصص في السوق». في المقابل «شهد الحدث مشاركة واسعة للشركات السعودية عبر ارتفاع عددها إلى 100 مقارنة بـ 25 شركة في نسخة العام الماضي، في ظل تزايد قناعة هذه الشركات بأهمية الحدث، الذي يشكّل فرصة مثالية للأعمال والتواصل مع الأطراف الإقليميين والدوليين في مجال البناء»، ويعزز أيضاً «إمكان حصولها على أحدث التطورات والتقنيات المتعلقة بصناعة مواد البناء في وقت تشهد المنتجات الوطنية السعودية تحسناً كبيراً على مستوى المنافسة في أسواق البناء العالمية حالياً». وأكد تقرير «المزايا» أن حجم العقود الإنشائية الكبير «يعطي مبرراً حقيقياً لترجمة الحراك الحاصل في قطاع المعارض والمؤتمرات والفعاليات العقارية، ووتيرة النشاط المالي والتجاري المسجل حتى الآن». 195 بليون دولار واستناداً إلى البيانات «بلغت قيمة العقود في دول مجلس التعاون الخليجي 195 بليون دولار، ما يعكس حجم الفرص الاستثمارية المتاحة، إذ تستحوذ المملكة العربية السعودية على 50 في المئة من الإجمالي، والإمارات نسبة 31 في المئة». ولم يستبعد «وصول عدد عقود الإنشاءات إلى 23 بليون دولار في الكويت حتى نهاية العام الحالي، كنتيجة لخطط الحفز الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة حالياً ومستقبلاً». ولم يغفل التقرير «انعكاس النمو الحاصل في قطاع البناء في شكل إيجابي على قطاع مواد البناء والمواد المتصلة بالمباني الخضراء، والتي تشهد طلباً متزايداً، وتتطلب مزيداً من الاستثمارات لتوطين الخبرات وجلب التقنيات لتعزيز الاستفادة من النشاط الحالي». وخلُص التقرير إلى أن المعارض والفعاليات العقارية المتنوعة والمتواصلة التي شهدتها الساحة العقارية منذ بداية السنة والمتوقعة العام المقبل «ستمثل مصدراً مهماً للتوقعات الخاصة بالقطاع العقاري، وستظهر طبيعة الطلب وحجمه ومستوى الطلب الحقيقي ومصادره». وبات ممكناً لهذه الفعاليات أن «تحدد حجم الاستثمارات الرئيسة والثانوية التي يتطلبها قطاع الإنشاءات والقطاعات المساندة وفي مقدمها قطاع مواد البناء». ورجح أن «تحمل التوجهات الخاصة بالاقتصاد الأخضر والتطبيق الإلزامي لمعايير المباني الخضراء، طلباً نوعياً على مواد البناء، ما يستدعي مزيداً من الاستثمارات النوعية على مدخلات هذا القطاع ومخرجات». في حين سيكون للقطاع الصناعي «دور رئيس في الاستحواذ على نصيب متصاعد من الحراك المسجل والمتوقع في قطاع الإنشاءات، من خلال تطوير قدراته وأدواته وآليات الإنتاج لدية لتلبية كل أنواع الطلب على المواد الداخلة في عملية البناء وفي كل الأوقات».