بروكسل: عبد الله مصطفى قالت الحكومة البلجيكية إنها ملتزمة بتبادل المعلومات والممارسات الضرورية الأخرى التي تخدم قضية مواجهة التشدد وعودة المقاتلين من سوريا والعراق، وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرس، خلال تصريحات نشرت في بروكسل أمس، وأدلى بها الوزير على هامش زيارة يقوم بها حاليا إلى ماليزيا وسنغافورة، مضيفا أن موضوع انتشار الفكر المتشدد بين الشباب شكل أحد الموضوعات الرئيسة خلال المحادثات الثنائية على هامش الزيارة، كما كانت موضوعا رئيسا في محاضرة ألقاها في معهد سنغافورة للشؤون الدولية، وتحت عنوان «سنغافورة وبلجيكا شركاء في التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، ما شروط النجاح؟». وأوضح رايندرس نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية بالقول إن مشكلة التشدد وعودة المقاتلين من سوريا ليست مشكلة بلجيكية أو غربية، وإنما هي مشكلة عالمية، ولمح الوزير إلى أن سنغافورة رغم أنها بلد فيه الأمان، فإنها تواجه التحديات نفسها، «ويتساءل الناس هنا: كيف انتشر الفكر المتشدد؟ وكيف جرى إقناع الشباب بالسفر للقتال في بلد بعيد جغرافيا؟ ولهذا لا بد من العمل السياسي لكي نجد حلولا مشتركة ونعمل من أجل الوقاية وتفادي تفاقم الأمر، ولهذا جرى الاتفاق بين بلجيكا والحكومة في سنغافورة على تبادل المعلومات والممارسات الجيدة في هذا الصدد». وأشار الوزير إلى قضية مهدي نيموشي الذي يشتبه في تورطه بحادث إطلاق الرصاص داخل المعبد اليهودي في بروكسل في مايو (أيار) الماضي، مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص، وقال الوزير اتضح فيما بعد أن نيموشي قام قبل وقت قصير من تنفيذ العملية بزيارة إلى ماليزيا وسنغافورة، وأقام فيها لفترة من الوقت، وأغلب الظن أنه حدث هذا في شهر مارس (آذار) الماضي، وهناك تحقيقات تجرى حاليا بشأن الأماكن التي تنقل فيها نيموشي قبل تنفيذ الحادث في بروكسل. وفي أواخر يوليو (تموز) الماضي، جرى الكشف في بروكسل عن قيام رجال التحقيق في قضايا الإرهاب باستجواب 5 أشخاص هم صاحب عقار في حي مولنبيك ببروكسل وزوجته و3 من الجيران، وكان المهدي قد استأجر غرفة في العقار لمدة شهر ونصف قبل وقوع الحادث، وقالت وسائل إعلام بلجيكية في بروكسل إن الأشخاص الـ5 ذكروا في أقوالهم أنهم لم يتحدثوا مع المهدي واقتصر الأمر فقط على تحية الصباح والمساء. كما أشار الإعلام البلجيكي إلى أن المهدي الذي كان في سوريا جاء إلى بلجيكا، وظل يبحث عن عمل لفترة من الوقت، وسبق له العمل كهربائيا في «روباي» البلدة التي كان يعيش فيها في فرنسا، وعانى من عدم وجود فرص للعمل. كما أظهرت التحقيقات أن المهدي اختفى قبل أيام قليلة من الحادث، وأنه في الغالب قام بالتخطيط بمفرده لتنفيذ الحادث بعد أن اشترى من بروكسل السلاح والكاميرا التي عثر عليهما بحوزته أثناء القبض عليه في إحدى الحافلات القادمة من هولندا عبر بروكسل إلى فرنسا، وكانت تصريحات صدرت ببروكسل أفادت بوجود ما يزيد على 3 آلاف من الشباب الأوروبي يقاتلون حاليا في سوريا والعراق ومعظمهم من أصول إسلامية وعربية. كما ينظر القضاء البلجيكي حاليا في قضية تتعلق بتسفير الشباب للقتال في الخارج، وخاصة في سوريا والعراق، وتضم قائمة المتهمين عناصر من جماعة الشريعة في بلجيكا التي اتهمتها السلطات بأنها تضطلع بدور كبير في هذا الملف، ولكن مسؤول الجماعة فؤاد بلقاسمي نفى الاتهامات، وتضم اللائحة 46 شخصا يحاكم 37 منهم غيابيا لوجودهم خارج البلاد في سوريا والعراق. ومن بين المتهمين يوجد 7 أشخاص ممن اعتنقوا الإسلام ويعتبر 16 شخصا من بين المتهمين بمثابة قيادات في جماعة «الشريعة في بلجيكا»، وعلى رأسهم المغربي فؤاد بلقاسمي الموجود حاليا في السجن، ويواجهون أحكاما قد تصل إلى السجن 15 عاما، بينما هناك أعداد أخرى كان لها دور مساعد في أنشطة الجماعة ويواجهون أحكاما قد تصل إلى 5 سنوات بالسجن. كما يواجه 13 شخصا منهم اتهاما يتعلق باختطاف وسجن زميل لهم في سوريا يدعى جيجوين (19 عاما)، ولذلك يعتبر الأخير متهما وضحية في الوقت نفسه. ومسألة تسفير الشبان صغار السن إلى مناطق الصراعات، وخاصة سوريا والعراق، للمشاركة في العمليات القتالية تثير منذ فترة قلقا في الأوساط السياسية والأمنية والاجتماعية، بعدما أعلنت السلطات أن هناك 350 شخصا سافروا بالفعل، وأحبطت محاولات أخرى بسبب التأثر بالفكر الراديكالي وخاصة عبر الإنترنت.