لقاء - خالد الدوس: يحتفظ تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة في سجلاته وبطونه.. بأسماء ريادية.. ورموز عصامية وشخصيات قيادية.. خدمت مسيرة الرياضة السعودية بكل إخلاص ووفاء.. وقدمت عطاءات بارزة، وخدمات جليلة، وتضحيات جسيمة في حقبة البناء الرياضي وإرهاصاته.. وتركت بصماتها الخالدة محفورة في الذاكرة الوطنية. ومن هذه الشخصيات الرياضية والاجتماعية التي كان لها إسهام ريادي ودور بارز في مسيرة الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى تحديداً الأستاذ (عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ) مؤسس نادي نجمة الرياض الذي دُمج مع الشباب عام 1388هـ, وواحد ممن اشتهروا بحبهم للرياضة ودعم حركتها في حقبة لم تكن الرياضة مقبولة عند المجتمع النجدي لاعتبارات اجتماعية وثقافية، فضلاً عن انتمائه لأسرة عرف عنها الالتزام الديني والتمسك بالقيم والعادات المجتمعية. «الجزيرة».. التقت الأستاذ (عبدالرحمن آل الشيخ).. في حديث تاريخي مدعم بصور نادرة.. يكشف فيه أوراقاً من تاريخ الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى.. نتناولها عبر الأحداث التالية: البداية بحي الظهيرة * علاقتي مع الرياضة بدأت في حي الظهيرة احد الأحياء الشعبية بوسط العاصمة (الرياض) - أواخر السبعينيات الهجرية -مع فريق الحي سمي بفريق (أشبال الهلال) طبعاً لم يكن له أية علاقة بفريق الهلال الكبير بل كان يتمتع باستقلالية, ومن ابرز الأسماء التي ساهمت في وضع اللبنات التأسيسية الأولى للفريق الذي تحول لنجمة الرياض.. سعيد الشعيب وعبدالله الزرقان الشهير (بكندا) وصالح العقيل وعقيل العقيل وعمر حامد (يرحمه الله) وسعد البس وسعود الجارالله وعبداللطيف آل الشيخ.. فمنهم من انضم للهلال، ومنهم من استمر مع النجمة بعد تسجيله رسميا في مطلع الثمانينيات الهجرية, طبعاً ترأست هذه المجموعة وأشرفت على تدريبها، وأتذكر كنا نزاول التدريبات يومياً في ملعب يقال له (القوعه) بحي الظهيرة فحرصت على دعم الفريق بالكور والملابس واحتوائه منذ نعومة أظفاره.. بالإضافة إلى الدعم المباشر للفريق من رائد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الشيخ ابن سعيد-رحمه الله-. رفض الرياضة!! * كانت أعمارنا آنذاك في حدود (14 إلى 15) سنة، وبحكم أن والدي (الشيخ عمر) يرحمه الله كان يرأس جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فقد كان لا يحب الرياضة ولا يرضى ان نزاولها لأنها في نظره ضرب من العبث واللهو وليس فيها منفعة..! ومن هنا كنا نهرب داخل دهاليز الحي ونلعب مع أبناء الحي، ولما عرف الوالد مدى حرصنا على الصلاة والمحافظة عليها والاهتمام بالدراسة ومعرفته لأبناء الحارة الذين كانوا يتجمعون معنا أثناء اللعب سمح لنا وفي حدود. * تعزيز قيم التضامن * ترأسي للفريق في بداياته التأسيسية أواخر السبعينيات الهجرية دفعني للتضحية بكل شيء من اجل استمرار مسيرة الفريق وتعزيز أواصره، ففي نهاية تلك الحقبة انتقلنا للمنطقة الشرقية وأقمنا معسكراً هناك، ولعبنا العديد من اللقاءات الودية مع بعض فرق المنطقة، وقد تكفلت بمصاريف المعسكر, كما كنت احرص على إقامة معسكرات ترفيهية في البراري أثناء إجازة عيدي الفطر والأضحى، وكل ذلك من أجل استمرار الفريق وتسجيله رسمياً.. وصار اللاعبون مضرب مثل في ترابطهم وتآلفهم وحبهم لبعض. * وعي واتزان *عندما بدأ الفريق النجماوي يخطو خطوات جديدة تستحق المناصرة والدعم.. فكرت في تسجيله رسمياً أثناء حركة تصنيف الأندية عام 1380هـ، خاصة بعد تدعيم الفريق بلاعبين من الاعتماد (قبل حله) أمثال عبدالله بن سالم وفهد بن منيف (سعدا) وسالم حبيب وجليل محمد وغيرهم فتقدمت بخطاب للشيخ عبدالرحمن بن سعيد-رحمه الله - طالبت فيه تسجيله رسمياً، وقد أبدى ابومساعد تفاعله الكبير ودعمه لهذا الطلب بكل اهتمام.. وبالمناسبة ابو مساعد واجه صعوبات اجتماعية وثقافية، وهناك من حاربه في مشروعه الرياضي البنائي، غير انه تعامل مع هذه المعوقات وإرهاصاتها.. بحكمة ووعي واتزان. * رئاسة «ابن حيزان».. *رفضت اللجنة الرياضية بوزارة المعارف الموافقة على تسجيل فريق (أشبال الهلال) لسببين: الأول تحويل واستبدال مسمى الفريق نظرا لكون الهلال يحمل هذا الاسم، فتم الاتفاق على اختيار اسم (النجمة) والسبب الآخر عدم وجود شهادات ميلاد لبعض اللاعبين باعتبار أنهم صغار السن فاضطررت بنفسي ان استخرج هذه الشهادات من احد المستشفيات في وقت قياسي حتى لا يفوتنا قطار التسجيل..! وبعد استكمال الشروط اللازمة تم تسجيل (النجمة) رسميا وتصنيفه بالدرجة الثانية.. ندب أبو مساعد سكرتير النادي آنذاك (فهد بن حيزان) ليرأس أول مجلس إدارة لنادي النجمة بعد اعتذار ناصر بن جريد لظروف سفره للخارج وباتفاق الجميع، تم تحديد شعار الفريق (الأزرق والبرتقالي) الذي كنت احرص على إحضاره من لبنان!. * استفدنا من نجوم الهلال!! * شكلت مقرات أندية العاصمة الهلال والنصر والنجمة وقربها من بعض بحي الظهيرة دعما قويا لصالح فريقنا.. وأتذكر اذ لم يكن لدى بعض لاعبي الهلال تمارين كانوا يزاولونها مع فريقنا بحكم ان ملعبنا كان يقع بجوار ملعب الهلال... وأبرزهم مبارك العبدالكريم وصالح امان وسلطان بن مناحي والكوش وابن موزان.. ولاشك بان وجود هؤلاء اللاعبين ساهم كثيراً في ارتقاء مستوى النجمة نظراً لاحتكاك لاعبينا مع هؤلاء أصحاب الخبرة والمستويات العالية سيما وأن لاعبي النجمة كان معظمهم صغار السن. * الإشراف الإداري * لعبت في بدايتي كجناح ايمن، ثم تحولت لمركز رأس الحربة والحقيقة اعتز ببعض المدربين الذين اشرفوا على تدريب الفريق وأبرزهم خضر رمضان واحمد عبدالله والكنج، واستفدنا كثيراً من توجيهاتهم الفنية وقدراتهم التدريبية آنذاك، ولكون الفريق كان يضم مهاجمين بارزين لم استمرطويلاً في الملاعب وتحولت للإشراف الإداري قبل الدمج التاريخي. * النصر منافسنا..! * بدأت مشاركتنا في دوري الدرجة الثانية بعد تصنيف الفريق رسمياً حيث احتكرنا بطولات المنطقة الوسطى (3) مرات متتالية وكان فريق النصر من الفرق المنافسة لنا، ففي عام 1385هـ وبعد حصولنا على بطولتي الوسطى والشرقية.. لعبنا أمام بطل الغربية (...) !! لتحديد بطل المملكة للدرجة الثانية وخسرنا فقط النتيجة وكسبنا المستوى وتقديراً لعطاء الفريق الفني والخلقي صدر قرار وزاري عام 1386هـ يقضي بترفيع نادي النجمة ضمن أندية الدرجة الاولى (الممتاز حاليا) وبالمناسبة يعتبر فريقنا أول ناد في تاريخ الرياضة السعودية ينال هذا الشرف الاستثنائي بقرار وزاري معتمد. * يوم خسرنا بطاقة الصعود!! * أتذكر بعد حصولنا على بطولة المملكة للدرجة الثانية عام 1384هـ قابلنا فريق شباب الرياض (الشباب حاليا) الذي كان يحتل المركز الاخير في سلم الترتيب لدوري الدرجة الاولى (الممتاز حالياً) بالمنطقة الوسطى وكان وقتها مهدداً بالهبوط وتقرر ان نلعب مع الشباب مباراتين لتحديد الهابط والصاعد (بالمناسبة كان النظام آنذاك ينص على ان الفريق الذي يحصل على بطولة المملكة للدرجة الثانية) يلعب مع صاحب المركز الأخير في دوري الدرجة الأولى لقاءين يتحدد خلالهما هوية الصاعد) فخسرنا الأولى وكسبنا الثانية وتقرر اقامة مباراة فاصلة وخسرناها بصعوبة وفقدنا فرصة الصعود معها. قرار منصف..! * جاء قرار ترفيع فريق النجمة الذي صدر عن معالي وزير العمل والشئون الاجتماعية ليصبح ضمن أندية الدرجة الأولى في المنطقة الوسطى إنصافا بحق فريقنا الذي اشتهر إفراده باللعب الجماعي الجميل والباصات القصيرة المحكمة, يدعمهم روحهم القتالية وإخلاصهم الكبير لشعار فريقهم، حيث تم إعداد الفريق بصورة تكفل استمراره ضمن أندية الدرجة الأولى فتم إحضار بعض المدربين أمثال احمد عبدالله وعبدالله الكنج وأصبح إفراد الفريق يؤدون التمارين فترة صباحية واخرى مسائية وسط اهتمام ومتابعة إدارية كبيرة. * صعدنا بقرار وزاري !! *عندما صعدنا لدوري الكبار عام 1386هـ بقرار وزاري (استثنائي) تضمن ترفيع الفريق لمصاف الدوري نجحنا في تقديم أفضل المستويات والنتائج وأبرزها فوزنا على الهلال صاحب الشهرة الواسعة آنذاك مرتين وحصلنا على المركز الثاني في الدوري عن مستوى المنطقة الوسطى.. ورغم قلة خبرة اللاعبين إلا أن فريقنا قدم نفسه بصورة لافتة للأنظار.. جعلت معظم الأندية الشهيرة تحاول ضم لاعبيه.. وأتذكر جيداً في أول مشاركة في الدوري الممتاز طلب الأمير عبدالله الفيصل- رحمه الله- زيارته في المنطقة الغربية وتشرفنا بالسلام عليه وقدم دعماً خاصاً للنادي وكانت هذه الزيارة التاريخية فرصة للعب مع أندية الغربية الشهيرة الوحدة والأهلي.. لقاءات ودية حضرها رائد الرياضة ورئيسه الفخري. (الدمج) أبعدني عن الرياضة ! * في عام 1388هـ وبعد صدور قرار دمج الأندية الرياضية وإعادة صياغة تنظيمها وتوحيد مسمياتها بطلب من الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب آنذاك.. تم دمج فريقنا مع فريق شباب الرياض (الشباب حالياً) واختار الشبابيون الاسم وحملوا شعار النجمة (الأزرق والبرتقالي) ورشح الشيخ عبدالحميد مشخص -رحمه الله - لرئاسة النادي بعد الدمج التاريخي.. طبعاً استفاد الشباب من نجوم الفريق.. أمثال ابن بريك وسعده وعبدالله بن سالم وعبدالعزيز الجويعي وعبداللطيف آل الشيخ وعبد الله المهنا وغيرهم.. في حين قررت هجران الوسط الرياضي بعد الدمج احتجاجاً على هذا القرار المجحف بحق ناد سبق زمانه لو استمر في الساحة فسيكون له شأن آخر لكن..!! وتفرغت لاهتماماتي الأدبية والكتابية. ترسانة نجوم * كانت مباريات الفريق وحتى تمارينه في تلك الأيام الفارطة تشهد إقبالاً وحضوراً جماهيرياً يفوق بالطبع جماهير فريقي شباب الرياض وأهلي الرياض.. لأن الجمهور الذواق دائماً يبحث عن المتعة والروعة وفريقنا وبدون مجاملة كان يملك ترسانة من النجوم والمواهب الشابة لا يقلون عن مستوى نجوم الهلال مبارك العبدالكريم وسلطان بن مناحي وصالح أمان وامثال فهد بن بريك هداف الفريق الفذ وشقيقي عبداللطيف آل الشيخ (اخطر جناح في عصره) وعمر حامد قائد النجمة وعقله المدبر وجليل بن محمد وسعدا وبقية الأسماء الذهبية التي سيظل تاريخ النجمة يتذكرها كثيراً. * رجال أوفياء * حين ندب الشيخ ابن سعيد.. (فهد بن حيزان) لرئاسة فريق النجمة لم يأت برغبة أو (بنفس راضية) كما يقولون..! لا سيما وانه كان يعمل سكرتيرا بنادي الهلال في عهد رئاسة ابومساعد، طبعا معروف بحبه وميوله لفريقه ومن الصعب ان يتخلى عن ناديه الذي عشقه منذ نعومة أظفاره ولكن تقديرا للرمز الراحل قبل التكليف.. ولاشك ان رجال النجمة الأوفياء الذين تقدموا للعمل تطوعاً في السلك الإداري مع الرئيس المكلف (فهد بن حيزان) أمثال عبدالرحمن بن محمد آل الشيخ وعلي الغامدي (سكرتير النادي) وعبدالكريم الخطاف وعبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ وغيرهم من أصحاب الامكانات المادية.. استطاعوا ان يرسخوا حب النجمة في وجدان الرئيس المكلف ودعمه وتفعيل دورهم في خدمة ناديهم. مصلحة الفريق أولاً.!! * تميز فريق النجمة في تلك الحقبة بوفرة اللاعبين أصحاب المستويات الفنية والمهارات العالية بمعنى ان هناك كان من هو أفضل مني فنياً في المجموعة، لذا لم تكن مشاركاتي كثيرة رغم ان سلطة الفريق بيدي، فأنا في فترة من الفترات كنت (الرئيس والمدرب والكابتن) ولكن وضعت مصلحة فريقي فوق كل اعتبار وأكثر مشاركاتي مع الفريق كانت في الدرجة الثانية وأتذكر أول مباراة رسمية مثلت بها الفريق كانت أمام النصر في دوري المنطقة (أوائل الثمانينيات) وكسبناه. وأصبح اهتمامي بالفريق فنيا وإداريا واشرافيا. *** البطاقة الشخصية الاسم: عبدالرحمن بن حسن بن عمر آل الشيخ. تاريخ الميلاد: من مواليد الرياض عام 1366هـ. الحالة الاجتماعية: متزوج وأب لـ: خالد 37 سنة، هشام 33 سنة، عبدالله 22 سنة، بندر 20 سنة، سلطان 18سنة، وأربع بنات.