بعد شهر من اليوم يفترض أن تدخل بلادنا العام الأخير لزراعة القمح المحلي، والاعتماد على الاستيراد الخارجي. القرار - وأنا أرصد هنا تصريحات متفرقة لوزير الزراعة - ليس قرار الوزارة، وإنما قرار مجلس الوزراء، والمؤسسة هي جهة حكومية تنفذ ما يصدر من مجلس الوزراء من قرارات! لماذا ستتوقف المملكة عن زراعة القمح؟ الدكتور "فهد بالغنيم" يعترف أخيراً - وهو هنا يتحدث بصفته الرسمية التي اكتسبها كوزير للزراعة منذ 12 عاما - أن إمكانات المملكة الطبيعية لموارد المياه لا تؤهلنا وغير كافية لإنتاج احتياجاتنا الكاملة من القمح! سأعود للوراء 35 عاما - تحديدا إلى عام 1400 - حينما عملت الحكومة بجهد كبير على زيادة إنتاج القمح.. شجعت المزارعين.. اشترت "طن القمح" بمبالغ عالية.. نجحت في الاكتفاء الذاتي.. استمرت في الدعم.. تضاعف الإنتاج.. أصبحت هذه الصحراء القاحلة تُصدّر القمح.. من كان يصدّق، تضاعف الإنتاج أكثر.. أصبحت بلادنا من الدول المصدرة للقمح في العالم! ظاهر الأمور مبهج.. المفارقة أن الأمور سارت في باطنها بشكل عكسي.. الفاتورة كانت مرتفعة.. تقول دراسة أعدها مركز المعلومات في غرفة الشرقية إن الدولة قامت بتخفيض سعر شراء القمح من المزارعين تدريجيا.. لماذا.. لـ"تكثيف وتنويع الإنتاج الزراعي" - هكذا يقولون - ليتراجع الإنتاج المحلي من القمح - وفقاً لمرصد السلع الغذائية التابع لغرفة الرياض - بنحو 47%! الخلاصة: القرار باستحداث وزارة أو هيئة يبنغي أن يكون له ما يبرره.. كما أن هذا القرار ليس قرآنا منزلا، متى ما انتفت الحاجة لهذه المؤسسة أو الوزارة يفترض معالجة بقائها.. سواء بإحالتها لهيئة أو خصخصتها.. أو حتى دمجها مع جهة أخرى.. توفيرا وضبطا للنفقات.. ما الذي يمنع إحالة وزارة الزراعة لـ"هيئة الزراعة"، أو "شركة مساهمة خاصة"؛ بعد أن اقتنعنا أننا لسنا بلدا زراعيا، ولم يتبق لهذه الوزارة من جهود سوى إعداد الندوات والمحاضرات للحديث عن فوائد التمور وأنواعها!