نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي لم يمضي على توليه الرئاسة ثلاثة شهور، بعض القرارات الاقتصادية من عقل رجل أعمال وليس من منظور رجل سياسي، وهو يضع بكل أنانية مصلحة الأمريكيين نصب عينيه، رامياً بكل المصالح السياسية والأمنية واستقرار السوق العالمية وارتداداتها السلبية، عرض الحائط. من جهة أخرى، حين نعرف المردود الذي سيجنيه رجل الأعمال والرئيس الأمريكي من الضرائب الجمركية المفروضة سيجعلنا ندرك هذه المغامرة التي يصر ويساوم عليها، فما فتئ ترامب وهو يذكر إن الرسوم الجمركية هي منفعة ستعود على الشعب الأمريكي بالوفرة، فهي ستخلق المزيد من الوظائف في المصانع، وتقلص العجز الفيدرالي، وتخفض أسعار المواد الغذائية، وتسمح للحكومة بدعم الرعاية الاجتماعية الذي فرطت فيه. ولنتذكر جملته أبان الخطابات الانتخابية حين قال: «الرسوم الجمركية هي أعظم شيء تم اختراعه على الإطلاق». لذا، وخلال ولايته الأولى نجح ترامب في فرض الكثير من الرسوم التي ساهمت في مساندة الاقتصاد الأمريكي في أزماته التالية، ووفقا لهذا النجاح فالرجل يعول كثيراً على ما يؤمن به. الفكرة أن هذه الضرائب التي لن تكون على الشعب ولا على رجال الأعمال من الشعب ولا على المشاريع التي تقام على الأرض الأمريكية، بل على ما سماها «الجهات الأجنبية». وعائداتها سوف تسدد لتستكمل برنامج خفض الضرائب على الأسر الأمريكية الذي عمل به في دورته الأولى. هذه الضرائب هي تكملة لخطة «الحمائية» التي بدأها، وستؤدي إلى رفع أسعار الواردات، وحماية المصنّعين المحليين، وتحمي السوق من التنافسية الضارة، وتساهم في زيادة الاستثمار في الصناعة المحلية وبالتالي زيادة الصادرات، وستكون بديل لمعاقبة الدول «المارقة» على ممارساتها التجارية بدعم مصدّريها أو إغراق السوق بالمنتجات بأسعار منخفضة بشكل غير عادل، كما أنها مصدر دخل سيدر الكثير من السيولة على الخزانة الأمريكية. ووفق تقارير اقتصادية فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% من شأنه أن يدر 2 مليار دولار، و20% سيساوي 3.3 مليار دولار بين العامين 2025 و2034، في الوقت الذي صرح به الرئيس الأمريكي أنه ووفق حساباته من المرجح أن يدر مشروع الضريبة الجمركية حتى العام القادم مليار دولار، قبل الأخذ في الاعتبار تأثير الضرائب على انكماش الاقتصاد الأمريكي. هذه السياسات لا أعول عليها كثيراً في الحقيقة لأنها وفق متغير «مزاجي» يغلب عليها الضبابية، ولا تستقيم مع الأسواق المترقبة للأحداث. فوارد أن تتغير أو تلغى بأي قرار أو حدث. ولكن لنتعلم من الدرس ما يجب تعلمه ولتفادي أي خسائر تقع فيها الأسواق المحلية، الدروس المستفادة أن الأولوية هو للاقتصاد المحلي الذي يجب حمايته وفق نظام «للحمائية» حتى لا تتسبب الازمات العالمية في غرقه. كذلك، فإن أكثر الأسواق تضرراً بالطبع هي سوق المضاربات والمراهنات في العالم والتي خسرت الكثير، وهذا حال الرهانات، ولكن أغبط الناجي الوحيد والرابح، والذي يعتبر المعلم وهو الملياردير الأمريكي وارن بافيت الذي لا يزال يؤمن بحكمته القديمة في أن الفائدة المحدودة مع الربح، أفضل من فوائد كبيرة مع مخاطرة عالية، والبيع في الرخاء أفضل من الخسارة في الأزمات الطارئة. @hana_maki00