المصالحة التي تمّت بحمد الله بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كانت بمثابة عودة للأصل.. ذلك أن أصل العلاقة بكل ارثها التاريخي القديم والحديث ظلت ولم تزل قيماً ومبادئ لم تكن لتغيب عن وجدان أيٍ من قادتنا الكرام حفظهم الله. ومما لا شك فيه أنّ قيم الإخاء والوفاء بين أبناء الخليج شيباً وشباباً من الجنسين تظل هي الضامن الأساسي لاستمرار قوة اللُحمّة بينهم، وهم يمثلون شعباً لأمةٍ واحدة تاريخها واحد ومصيرها واحد، تاريخ عريق بماضٍ تليد وحاضر زاهر في معانٍ سامية لن تخطئها إلا عين كليلة عليلة. انّ المصالحة التي تمت بحمد الله جاءت انهاءً لخلافات عارضة، وهي بمثابة العودة للحق وقديماً قيل (الرجوع للحق فضيلة...)، حقٌ هو لأمة العزة والكرامة، ما يجعل كل قائد حصيف حريصا كل الحرص على الحفاظ على هذا الحق، بما يحتم على كل قادة الأمة ممارسة صلاحية سلطتهم من أجل المحافظة على هذا الحق النبيل. حق به تتحقق كل الأهداف السامية، بحيث يكون التعاون والتضامن قيما تفضي الى الوحدة تعاضداً حقيقياً تتقدم به الامة وقادتها إلى المزيد من التقارب حتى الاندماج الكامل، اندماجاً ليس بمصنوع وإنما حق مكنوز في وجدان شعب الخليج منذ الأزل ليصير إلى أبد الأزمان إن شاء الله، وهذا ما يجعل تنفيذ بنود هذه المصالحة المباركة أمراً يتجاوز مجرد العهد إلى التطبيق الفوري على نسق تلقائي دون تردد، ذلك سداً للذرائع واغلاقاً لكافة المنافذ على كل متربص بمقدرات الخليج وشعبه وقادته. ولإنسان الخليج وقادة شعبه فيما حدث بالأمس وما هو حادث اليوم في عالمنا العربي على وجه الخصوص عظات وعبر، وتظل حياة البشر رحلة ما بين شتاءٍ وصيف تتخللهما أيام الربيع، فتعالوا نعش الربيع ربيعاً لنشتري ولا نبيع لأحد ونحن أولى بما نملك وإنسان الخليج يعول كثيراً على السير قدماً على طريق حفظ الأمن وتحقيق الاطمئنان في الحياة العامة والخاصة حياة السلام والوئام تترى وتتوالى والله ولي الصادقين ما صدقوا في حفظ حق بعضهم بعضا. وستظل المصالحة التي جاءت سلسبيلا مكملاً لنقصٍ كان عارضاً ايذاناً لمرحلة متقدمة -ستكون- بمشيئة الله الصخرة القوية التي يرتكز عليها الجميع كمرتكز صلب من أجل السير قدماً في مسيرة التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق الطموحات الكبيرة لهدف أسمى، ألا وهو تحقيق كيان موحد وقوي متماسك غير قابل لأي هزة مهما كان الأمر وان تعقدت المنعرجات الدقيقة التي تمر بها المنطقة العربية على وجه الخصوص ويمر بها العالم اجمع دون استثناء، ما يجعلنا أكثر يقظة وانتباهة ونحن نمثل عقداً فريداً مرصعا بقادة وشعب أهل الخليج درر في بحر يصفو وفي احشائه الدر كامن، ولا يعكر صفوه إلا ليزداد صفاءً ونقاء. شكراً لكم.. شكراً لكم... قادة دول الخليج العربية قاطبة وأنتم تتوسمون خطى الخير لأمتكم، والخير باقٍ ما بقيتم على عهد التعاضد والتعاون صادقين، رعاكم الله وأنتم سالمون، سلمت بكم البلاد وأنتم تحققون مصلحتها العليا وتعودون بالمسيرة إلى طريقها الأوحد طريق التعاون والعمل الجماعي عوداً بطيب النفع لشعب دول الخليج الذي ظلّ يتطلع إلى المزيد من أجل رؤية تحقق استمرار أمن المنطقة واستقرارها حتى يتفرغ الجميع لمواصلة برامج التنمية التي ظلت ولم تزل تسير على خطى التقدم نفعاً لنا ولغيرنا.