الأحد قبل الماضي تمّ في برلين الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لسقوط جدار برلين العتيد الذي بنته الشيوعية البائدة للفصل بين أبناء شعب واحد، فكانت ألمانيا الشرقية في شرقه وألمانيا الغربية في غربه. كان عمر الجدار حين سقوطه 28 عامًا، وكان ارتفاعه أكثر من 6 أمتار ومحاطا بأسلاك شائكة وأبراج للمراقبة. وكان الويل ثم الويل لمن ضُبط محاولاً التسلل إلى الجانب الآخر. والويل يشمل أسرته، ذلك أن الوازرة تزر وزر الآخرين في عرف المستبدّين الشيوعيين. ولم يكن الجدار المرعب فاصلاً بين الأحباب والأقارب، وبين نصف المجتمع ونصفه الآخر فحسب، بل كان محاولة مستميتة من الجانب الشرقي للفصل بين ثقافتين، وبين نظامين، وبين مفهومين مختلفين للحياة وللإنسان وللمجتمع. في الجانب الشرقي كان الاستبداد في أحدث صوره البراقة، وكانت الشمولية بمعناها الواسع التي اعتبرت الإنسان ترسًا في عجلة تسيّرها الدولة حيثما شاءت وكيفما شاءت ووقتما شاءت! هي المسؤولة عن ماذا يتعلم؟ وكيف يتعلم؟ وأين يعمل؟ وماذا يعمل؟ ومتى يتزوج؟ وبمن يتزوج؟ ومتى ينجب؟ وكيف ينجب؟ وفي المقابل كان الألماني الغربي حرًا طليقًا مسؤولاً عن أفعاله متحملاً لكل مسؤولياته قلّما تهتم الدولة به سواء كان فقيرًا أو عربيدًا أو عبقريًا. وأخيرًا انهارت كل الأنظمة الاستبدادية الشيوعية باستثناء كوبا والصين مع ملاحظة انتهاج الأخيرة لخط مختلف اقترب من الرأسمالية الاقتصادية مع المحافظة على الاستبدادية السياسية. هكذا قرأ فوكوياما الياباني الأمريكي نهاية التاريخ معلنًا انتصار النموذج الغربي إلى الأبد وبكل عناصره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنه في نظر كثير من المتفحصين للتاريخ عن كثب والمتأملين لسنن الله في الكون ليس إلاّ انتصارا مؤقتًا، وأن عاقبته الانهيار من حيث انهار النظام الشيوعي.. من بوابة الاقتصاد، فالبوادر في الأفق والنهايات تقترب وأمر الله كائن مهما ظنّ القانون أنه قد بعد. في الاحتفال قالت المستشارة الألمانية السيدة ميركل: (سقوط الجدار أثبت إمكانية تحقق الأحلام، وأنه لا شيء يظل على حاله مهما كان حجم العراقيل التي قد تبدو ماثلة). صدقت ميركل، لكن علينا وعليها أن تنتظر أحلامًا أخرى جديدة سارة وسعيدة!!. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain