يتعرض الموظف الحكومي لظلم كبير، ومثله تتعرض سمعة وزارات وهيئات تمثل الوطن تتحدث باسمه وتعمل لأجله، والسبب غريب وعجيب، لأن دفع هذا الظلم لا يحتاج إلا لإحقاق حق واضح وجلي. تخيل أنك أحد موظفي الهيئة العامة للاستثمار، وتعمل بجد وأمانة، ثم تقرأ ويقرأ من حولك من أهلك وأصدقائك خبراً صحافياً صادراً عن جهة حكومية معنية بمكافحة الفساد، يتهم بعض منسوبي الهيئة - التي تعمل بها - بالتواطؤ للاستيلاء على المال العام، وأنت «يا حبة عيني» لم تحصل من المال العام إلا على راتبك، حتى الانتدابات والمؤتمرات والفعاليات والتنافسيات والسفرات لم يدخل في جيبك ريال واحد منها، كيف سينظرون إليك؟ وكيف ستستقر كل نظرة في قلبك عليك وعلى أولادك؟ ثم تخيل أنك بما جمعته من مال حلال واستلفت عليه من صديق أو قريب اشتريت سيارة جديدة أو منزلاً بالتقسيط المنتهي بجفاف ماء الوجه والجيب، كيف سينظر من حولك إلى ما بين يديك؟ يدفع النزيه والأمين «واللي يمشي جنب الساس» ثمن فساد بعض مفترسي المال العام ومستغلي النفوذ والوظيفة والثمن نفسه بعد حساب التضخم يدفعه الوطن سمعة وقيمة لدى المواطن وغير المواطن. أي ثقافة وتربية تسوق هنا؟ ولماذا يقامر بكل هذا لأجل حفنة من الفاسدين والمستكثرين من المال العام والخاص كلما أمكنهم ذلك؟ لماذا لا توضع النقاط على الحروف وهي حروف الوطن والثقة والأمانة؟ ألا نرى أنها بلا نقاط فاقدة للمعنى والأثر؟ www.asuwayed.com @asuwayed