دفعت السيول المصاحبة لأمطار مكة المكرمة هواة التصوير إلى توثيق لحظات القلق والانتظار لكن الهواية لم تمنع الكثير منهم من المطالبة بسرعة إنشاء سد وادي صايف كي يقف السد متراسا ضد المخاطر المحتملة، وكان سكان حي صايف وحي الندوة شمال العاصمة المقدسة فوجئوا بالأمطار وتداعياتها والمخاطر المصاحبة لها فعززوا من جديد طلباتهم بضرورة اتخاذ التدابير والاحتياطات الضرورية لمنع حدوث فواجع محتملة .. وكانت «عكاظ» رصدت في جولة ميداينة في الأحياء نبضات السكان، ويقول سعود القرشي: في حي صايف تعودنا على السيول وهي تنحدر من أعالي الجبال ثم تنساب نحو الوادي لتدهم في طريقها البشر والشجر والمركبات. واضطر الأهالي إلى وضع مصدات أسمنتية لمقاومة هدير السيل وعنفوانه ومنعها من دخول بيوتهم الشعبية. يضيف القرشي أن الأمطار الأخيرة التي جرت في وادي صايف أخلت الشوارع تماما ولم يبق فيها غير السيارات المحطمة وحاويات النفايات فيما اضطر السكان البقاء على شرفات ونوافذ منازلهم لمراقبة الموقف أولا بأول يتابعون المشهد وتوثيق تلك اللحظات المرعبة. ويتذكر العم عالي القرشي تاريخ وادي صايف الذي يعد من أكبر أودية التنعيم وأكثرها تجمعا لمياه السيول، والحي يعود تاريخه إلى سنوات تليدة والسيول الأخيرة هي الأعنف، حيث اتسع الحي وامتد فيما ضاقت مجاري السيول وهو الأمر الذي أدى إلى الجريان الكبير والأضرار. وبحسب العم عالي فإن الحي يقع على أطراف وادي معروف منذ القدم لدى كبار السن والسيل لا يفقد طريقه في العادة كما يشاع عند عامة الناس (درب السيل للسيل). سيارة سابحة متعب السلمي استعاد مشهد فيضانات تسونامي الشهيرة، كما يقول، حيث ارتفع منسوب مياه السيول الجارفة نحو مترين تقريبا عن مستوى سطح الأرض في مشهد يحبس الأنفاس. وأضاف السلمي كنت على شرفة بيتي لحظة هطول الأمطار مستمتعا بالأجواء الجميلة، وسرعان ما رأيت أمواج السيل تتلاطم بين جانبي الشارع المجاور لمنزلي.. رأيت سيارة أحد الجيران وهي تسبح كقطعة الفلين فوق النهر الجاري وهي تترنح بين بيوت الجيران في منظر مرعب. ويتحدث السلمي عن خطورة تسرب مياه السيول لعدادات الكهرباء .. وليس هناك من حل عاجل غير إنشاء سد أسمنتي في أعلى وادي صايف لتعمل المصدات على تخفيف جريان السيول وتضعف حدة جريان الوادي بهذا الشكل المخيف. ويأمل السلمي من المسؤولين في أمانة العاصمة زيارة الحي والوقوف على الطبيعة وتقييم الوضع بواسطة الخبراء وكبار السن منبها في ذات الوقت من مغبة ما اسماه التهاون في إيجاد حل ناجع للإشكالية. في حي الندوة قال المواطن عيد حضيري إنه تابع السيول مع أسرته من شرفة بيته ورأى السيل ينساب نحو طريق المدينة عبر الشارع الرئيسي على ارتفاع مترين وجرفت المياه العنيفة سيارة نجله من الحي إلى جسر حي البحيرات دون أن يعترض السيل أي مصد أو عبارة. إلى ذلك بدأت شركات النظافة في رفع المخلفات حول جسر البحيرات وحي صايف والندوة وشوهدت حزمة كبيرة من معدات الأمانة تمارس مهامها في الموقع في سباق مع الزمن لإنجار العمل في أقرب وقت، لكن الخطورة تكمن أن السيول الجارية شكلت حفرا عميقة في مختلف المواقع مما يهدد سلامة المارة كما زادت الصخور والنفايات من أعباء عمال النظافة.