حتى هذه اللحظة، في دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي تجري أحداثها الآن في الرياض نجمان فقط: النجم الأول دون منازع هو: جمهور المساندة والتشجيع اليمني الذي ضرب بالأحداث المروعة التي تعصف ببلاده عرض التجاهل، وضرب بالطائفية والقبائلية والمناطقية عرض الإلغاء وأجمع دون عُقَدٍ على الوقوف إلى جانب الفريق الذي يمثل الوطن ومؤازرته ودعم صموده أمام الفرق الأخرى. النجم الآخر بالمنافسة مع الفرق الأخرى هو: المنتخب اليمني نفسه الذي قدم أنموذجا مميزا في أداء الأدوار المطلوبة في تسعين دقيقة داخل المستطيل الأخضر ضمن المباريات التي خاضها حتى الآن. ما سبق يدفع بنا -محلّياً- إلى أن نسجل الآن تساؤلا ناريا محزنا: (لماذا غاب الجمهور السعودي تحديدا عن حفل افتتاح البطولة؟ ولماذا تخاذل ونكص عن تشجيع المنتخب بهذا الشكل التراجيدي المزري؟ ولأنني غير متخصص في المسألة الرياضية، أقصد أنها ليست اهتمامي الأول ولا أجيد التوغل في القاموس الرياضي، قمت بطرح هذا التساؤل والاستغراب على المتخصصين والمهتمين والمتابعين، فتحددت الإجابات والتحليلات في ثلاثة أسباب، أو لِنَقٌلْ في ثلاث قضايا: 1 أن عدم فوز (الهلال) الذي لعب باسم الوطن على (سيدني) ما زال يخيم بظلاله على آمال الجماهير التي ما برحت تتجرع مرارة الخيبة بسبب ما حصل في تلك المقابلة المصيرية التي يستحيل تعويضها بأي شكل. 2 أن المنتخب لم يحقق في السنوات الأخيرة أي فوز أو بطولة، بل بعكس ذلك، وهذا ما حدا بالجماهير إلى أن تردد مطلع قصيدة الشاعر الراحل محمد الثبيتي: (غريقٌ بليل الهزائم سيفي.. ورمحي جريح.) 3 سقوط المسألة الإعلامية تماما، وعدم الاحتفاء في وسائل الإعلام بالتبشير بقدوم البطولة إلى حد أن كثيرا من الجماهير لم يعلم بالبطولة إلا عند بدء حفل الافتتاح!! ولأن هذا التناول يضج بمختلف الأسئلة، لا مفر من تسجيل السؤال الأزلي أمام المعاناة و أمام الجمهور وأمام التاريخ: (من المسؤول عن هذه الدراما الغريبة العجيبة؟ وكيف يمكن الخروج من هذه الأزمة الرياضية الاجتماعية الوطنية؟ أسجل ذلك؛ لأن من المفترض والواجب والمطلوب أن نخرج الآن من سياق المؤاخذة والرثاء والبكاء بين يدي ما حصل إلى فضاء المعالجة والحلول والتعويض وفتح الصفحات الجديدة. هذا هو ما ينبغي الآن؛ لأن الانشغال بما كان وبما حصل واستعادة ظروف التجارب المؤلمة لن يصنع المعجزات ولن يفيد بأي مردود. وبرغم كل الاحتمالات لا مناص من الاعتراف والإقرار بأن هناك خللا ما ولا محيد عن أن إزالة هذا الخلل من مسيرة الحياة الرياضية بخاصة والاجتماعية بعامة. وفي ختام هذا اللقاء الذي آمل أن يكون ختامَهُ مسكٌ وعنبر، أسجل خالص الامتنان والشكر والتقدير والاعتزاز لكل من: القناة الرياضية السعودية الأولى، وقناة (عمان) الرياضية اللتين أسعدتا الجماهير وبخاصة السواد الأعظم الذي لا يتمكن من الزحف صوب المدرجات، وقامتا بنقل المباريات وتغطيتها بشكل جميل.