يسجل لنا تاريخ حقبة مجتمع المدينة المنورة في الفترة النبوية، سباقا تاريخيا للخيل، ضمن فعاليات لا حصر لها اعتادت المدينة النبوية علي تواجدها، وتشرفت بحضور رسول الله لبعض منها، وهو الراعي والداعم بسخاء لها، عطايا وجوائز يخصها للمتسابقين الفائزين في منافساتها. ورسول الله صلى الله عليه وسلم، كان معجباً ومكرما وملم بشؤون الخيل كروبا ونسبا وتغذية وإضمارا، حثّ و رغّب الناس على إكرام الخيل، فقد رأى في سوق المدينة فرسا شقراء مع أعرابي، فلوى ناصيتها بإصبعه وقال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة. من بين تلك المناسبات الرياضية التاريخية، السباق المثير الذي «جثا» فيه رسول الله على ركبتيه..تفاعلا، وتعبيرا صدوقا عن مشاعر تنتاب الإنسان إذا ما فرح وسر سرورا لحظيا مبهجاً. في هذا السباق التاريخي، شارك لرسول الله فرسه الشهير (الأدهم)، يصفه ابن كثير بأنه (كميتا) أي ليس بالأشقر ولا بالأدهم، وهو لون بين الأسود والحمرة. وقد سابق عليه صلى الله عليه وسلم عدة مرات وكان يسبق الخيل جميعها. يقول (مكحول) الصحابي الذي حضر هذا السباق: طلعت الخيل (أي أقبلت اتجاه نهاية السباق)، وقد تقدمها فرس النبي (الكميت)، وأشرف على الناس، فقالوا: الأدهم..الأدهم. وجثا رسول الله على ركبتيه عندما مر به وقد انتشر ذيله وكان معقودا، فقال رسول الله: إنه لبحر.. إنه لبحر.. (أي سريعا لا يسبق)، فسماه الناس بـ(البحر). هذه التفاعلية التي انتابت وغمرت النبي/الإنسان، المشارك الناس أوقات ترويحهم، والمستمتع بأجواء عذوبتها، لم تفت عمر بن الخطاب، الذي رصد جثو رسول الله، فقال معلقاً متأملا: كذب الحطيئة في قوله: وإن جياد الخيل لا تستفزني/ ولا جاعلات العاج فوق المعاصم. يضيف عمر: لو كان أحد ناجيا من هذا لنجا رسول الله. وعمر بن الخطاب تجلى فرحة رسول الله فتأكد ان للإنسان مشاعر وانفعالات تخرج نفسها بكل تلقائية في خضم التنافس الرياضي النظيف، ولذلك لم يتردد بأن يخطئ ما ذهب إليه الحطيئة من أنه لم يجد ما يثير مشاعره وشجونه في سباقات الخيل، وما يستحق الانجذاب والوعل والحماسة. كنت، قد علقت على هذا المشهد العظيم..جثو رسول الله على ركبتيه تفاعلا مع سبق فرسه: لعلها أروع وأجمل وأصدق لقطة فرح رياضي.. في التاريخ.