وضع خبراء عسكريون ثلاثة سيناريوهات روسية لاحتلال أوكرانيا، فيما قال وزير الخارجية الروسي، أمس: إن روسيا تأمل ألا تكون علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بلغت نقطة "اللاعودة" بسبب الأزمة الأوكرانية، ميدانياً، قتل خمسة جنود أوكرانيون، وأصيب ثمانية آخرون بجروح، خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، وقال المتحدث العسكري الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيف: إن المتمردين الموالين لموسكو، أطلقوا النار 33 مرة على مواقع القوات النظامية. وأوضح أن الجنود قتلوا في إطلاق نار أو بعد تفجير الغام يدوية. تطوير العلاقات مع أوروبا ونقلت وكالة الأنباء الروسية تاس، عن الوزير سيرجي لافروف، أثناء اجتماع دبلوماسيين روس وبيلاروس في مينسك عاصمة بيلاروسيا: "نحن مهتمون بتطوير العلاقات" مع أوروبا. وكرر الوزير الروسي دعوة موسكو إلى إقامة "فضاء اقتصادي وإنساني مشترك" "من لشبونة إلى فلاديفوستوك"، وهي فكرة طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكنها استقبلت ببرودة من قبل الأوروبيين. ودعا لافروف أيضا بإلحاح، السلطات الأوكرانية إلى احترام الهدنة المبرمة في سبتمبر مع الانفصاليين الموالين لروسيا في جنوب شرق أوكرانيا، والتي تنتهك يومياً من قبل الطرفين، وإلى بدء مفاوضات مع المتمردين من أجل إنهاء النزاع الذي أسفر عن سقوط أكثر من أربعة آلاف قتيل. وتابع قائلاً: "بدلاً من إجراء اتصالات (مع الانفصاليين)، شرعت كييف في سياسة خنق اقتصادي واجتماعي في جنوب شرق" أوكرانيا معقل المتمردين. وأضاف لافروف: "آمل أن يدرك زملاؤنا الغربيون الذين يؤثرون على كييف خطورة" مثل هذه السياسة. وأكد أيضاً أن موسكو ترغب في إجراء إصلاحات في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي نشرت مراقبين في أوكرانيا. واستطرد: "إننا نرفض أن تصبح هذه المنظمة أداة" في يد الغربيين ضد روسيا. سيناريوهات روسية ونقلت صحيفة "غازيتا فيبورتشا" البولندية عن الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا، وفيليب كاربير، مدير المركز التحليلي في "مؤسسة بوتوماك"، تأكيدهما إمكانية أن تقوم روسيا باحتلال أوكرانيا. وأوضح الخبيران، أنه يمكن لروسيا حشد قواتها في أوكرانيا عبر إنشاء ممر بري من روسيا إلى القرم، ومن ثم إلى الشرق الأوكراني. ووضع الخبراء ثلاثة سيناريوهات متوقعة للعدوان الروسي على أوكرانيا، وسمى الخبيران السيناريو الأولى بالخطة التكتيكية، هدفه أن تأخذ روسيا موقعاً مهماً لها في المناطق الأوكرانية التي تم وقف الأعمال العسكرية فيها، لإنشاء نقطة دخول لهجوم في وقت لاحق، وينطوي السيناريو الثاني، العملياتي على احتلال مدينة ماريوبل في أوكرانيا عبر هجمات من شبه جزيرة القرم، ومن المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا، وهذا الخيار يتطلب استخدام القوات البحرية قبل تجمد المياه في بحر أزوف في ديسمبر المقبل، والسيناريو الثالث، هو الأكثر تدميراً لأوكرانيا، ويتضمن احتلال مدن خاركوف ودينبرو بيتروفسك وزاباروجي وخيرسون ونيكولاييف وأوديسا. وبذلك تفرض روسيا سيطرتها من بريدنيتسروفييه في مولدافيا إلى الشرق من الحدود الروسية-الأوكرانية. وبحسب الخبيرين، فإن هذا السيناريو يحتاج من روسيا إلى إشراك الطيران و20 ألف جندي. وهذا السيناريو سيكون ضربة قاضية لأوكرانيا، حيث ستفقد كييف بعده 40% من سكان البلاد ومعظم المناطق الصناعية. قلق غربي وأثارت سياسة روسيا تجاه أوكرانيا الكثير من القلق لدى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حذرت خلال زيارتها لأستراليا من أن التأثير الروسي الصريح في شرق أوروبا يمكن أن يؤدي إلى حريق واسع. ورأت ميركل أن جمهوريتي مولدوفا وجورجيا اللتين كانتا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً، بالإضافة إلى دول غرب البلقان من الدول التي يحاول الكرملين إظهار اهتمامه بها. وتنظر مولدوفا بعين القلق إلى الصراع الدموي في شرق أوكرانيا، حيث ينتابها خوف كبير من أن روسيا يمكن أن تنقل القلاقل إلى هذا البلد الصغير الذي يقع بين رومانيا وأوكرانيا والذي يعيش به نحو 20% من السكان الناطقين بالروسية من إجمالي 5ر3 مليون نسمة. ومنذ اندلاع نيران الأزمة الأوكرانية تتعالى أصوات الانضمام إلى المملكة الروسية في إقليم ترانسنيستريا على الحدود الشرقية لمولدوفا الذي انفصل عن مولدوفا منذ عام 1990 . وقالت وزيرة خارجية ترانسنيستريا، نينا شتانسكي، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "الاتحاد مع روسيا هو هدف رئيسي لسياستنا الخارجية". وتشير بعض التقديرات إلى أن نحو ألفي جندي من قوات حفظ السلام الروسية لقوا حتفهم في الصراع الدموي عند منطقة دنيستر الحدودية بين مولدوفا وروسيا، منذ تسعينيات القرن الماضي. لذلك، فإن كل المعركة الانتخابية الحالية التي تسبق انتخابات يوم 30 نوفمبر الجاري المصيرية في مولدوفا تتركز على روسيا. وتطمح حكومة العاصمة كيشيناو للانضمام للاتحاد الأوروبي، وأبرمت بالفعل اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في حين ترى المعارضة هناك أن مستقبل البلاد سيكون أفضل من خلال التقارب من الاتحاد الجمركي الذي تسيطر عليه روسيا. كما أن هناك خلافاً في التوجهات السياسية في جمهورية جورجيا جنوب القوقاز بين معسكر يميل للاتحاد الأوروبي وآخر موال لروسيا. وتتهم المعارضة هناك، رئيس الحكومة إيراكلي جاريباشفيلي بأنه يميل لروسيا بشكل مبالغ فيه عند اتخاذ قراراته. وتظاهر الآلاف مطلع الأسبوع الجاري، في تبليسي ضد سياسة الحكومة بعد خلاف داخل مجلس الوزراء بشأن السياسة الموالية للغرب التي تنتهجها الحكومة. سخونة النزاع ويزداد النزاع السياسي سخونة على خلفية الانفصال المثير للجدل لإقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللذين اعترفت روسيا باستقلالهما عقب حرب قصيرة مع جورجيا عام 2008 وهو ما ينتقده الغرب. غير أن موسكو لا ترى على ما يبدو أن مناطق نفوذها تقتصر فقط على جيرانها المباشرين بل تتدخل في شؤون شبه جزيرة البلقان. وتتمتع طريقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحكم بإعجاب الكثير من رؤساء حكومات صربيا ومقدونيا ومونتنجرو (الجبل الأسود)، حيث يميل أمراء النفط الذين يسيطرون بشكل واسع على وسائل الإعلام والأحزاب المنظمة بشكل صارم، طبقاً لمبدأ القيادة لاستنساخ النموذج الروسي.