أكد الشيخ حسن الصفار أن مشاركة سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في مواساته الكريمة لأسر الضحايا في حادثة الدالوة الإجرامية وموقف هيئة كبار العلماء وسماحة المفتي العام إلى جانب سرعة القبض على المجرمين وتلاحم أبناء الوطن خففت المصاب. وأضاف أن الحادث عزز الضمير الوطني، وحرك مشاعر الوحدة في نفوس الجميع. وقال إن حمل أهالي الأحساء لصور شهيدي القوات الأمنية في مسيرة التشييع وذهاب وفد كبير من الشخصيات الشيعية لتقديم العزاء والمواساة لأهالي الشهيدين في القصيم وحائل، يحملان دلالة كبيرة وواضحة على تقدير الجميع لتضحيات رجال الأمن وإنجازاتهم المشهودة في حماية أمن الوطن والمواطنين. ووصف الصفار موقف هيئة كبار العلماء وسماحة المفتي العام بالموقف المسؤول في التصدى للأخطار والتحديات. وحث الصفار مركز الحوار الوطني على تعزيز دوره المأمول في مواجهة التعصب والعمل على نشر ثقافة الحوار. • رغم فداحة الجريمة التي وقعت في الدالوة وأرادت الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، إلا أن النتيجة جاءت مخيبة لآمال الإرهابيين، كيف تنظر إلى اللحمة الوطنية بعد الحادث؟ •• حادثة الأحساء الأليمة عززت الضمير الوطني، وحركت مشاعر الوحدة في نفوس جميع المواطنين الغيورين على أمن الوطن واستقراره. لقد كانت صدمة عنيفة أشعرت الجميع بخطورة التحدي الذي يواجه الوطن من الجهات الإرهابية التي تريد إشعال نيران الفتنة، فاندفع الواعون من أبناء الوطن من مختلف المناطق والمشارب ليعبروا عن رفضهم لتلك التوجهات الإجرامية وليعلنوا تمسكهم بالوحدة والتلاحم الوطني، ما أظهر بلادنا وشعبنا في أروع موقف وأجمل صورة، بحمد الله وتوفيقه. مواساة كريمة • كيف تصف لنا مشاعر أهالي الضحايا والالتفاف الشعبي بعد الجريمة النكراء؟ •• من سقطوا برصاص الغدر هم شباب في مقتبل أعمارهم، أحدهم يتيم ليس لعائلته وأخواته أخ غيره، وإصابتهم جاءت مفاجئة وغير متوقعة أبدا، فهم يعيشون في قرية هادئة، وكانوا يؤدون شعائرهم بهدوء، خرجوا بعد أن استمعوا إلى محاضرة فاستقبلهم المجرمون بالرصاص، الذي اغتال أحلامهم، وأثكل أمهاتهم وفجع أهاليهم، لكن هؤلاء الأهالي رغم هول الفاجعة يمتلكون رصيدا عاليا من الإيمان بقضاء الله وقدره، وكان لمواساة سمو وزير الداخلية وسمو أمير المنطقة الشرقية وسائر المسؤولين وكذلك تعاطف جموع المواطنين من مختلف أنحاء المملكة، كان لذلك أكبر الأثر في تخفيف المصاب على الأهالي المثكولين وفي رفع معنوياتهم، وإشعارهم بأن الوطن بقيادته وشعبه يقف معهم في محنتهم، ويتضامن ويتعاطف مع معاناتهم. الشائعات والصور النمطية • عرفت الأحساء بالتسامح الذي يعيشه الأهالي فيما بينهم، ما هي أسس هذا التسامح الفريد؟ •• التسامح الذي يعيشه أهالي الأحساء فرضته طبيعة التنوع الذي يألف فيه الناس الاختلاف، ويتعرفون عليه عن قرب، ليس عبر الإشاعات والصور النمطية، وهذا ما هو حاصل في الأحساء، فأبناء السنة يختلطون بالشيعة، والشيعة يتداخلون مع السنة، فلا مجال للاتهامات والدعايات المغرضة. وهكذا فإن تداخلهم الاجتماعي، يعرفهم على بعضهم بعضا بشكل مباشر، في التزاماتهم وسلوكهم الاجتماعي، وطباعهم الأخلاقية، كأبناء مجتمع واحد. تقارب وتآلف وتسامح • نود أن نتعرف على طبيعة اللقاءات بين علماء السنة والشيعة في الأحساء ومدى استمرار تلك اللقاءات لخدمة الوطن؟ •• اللقاءات بين العلماء السنة في الأحساء أكثر انسيابية وحصولا في الماضي كما حدثني القاضي الأسبق باقر أبو خمسين والسيد إبراهيم بن عبدالله الخليفة، وغيرهما، وهناك من العلماء السنة والشيعة في الأحساء مخلصون صادقون يسعون لتأكيد التقارب والتآلف والحفاظ على ميزة التسامح الثمينة في المجتمع. ونأمل أن تشكل هذه الحادثة الأليمة حافزا لتكثيف التواصل بين العلماء والدعاة على مستوى الوطن. مركز الحوار الوطني • السؤال يقودنا إلى الحديث عن مركز الحوار الوطني.. كيف ترى دوره في المرحلة المقبلة فيما يتعلق بمزيد من الحوار المجتمعي؟ - الآمال كانت معقودة على المركز في الحوار والوقوف أمام اتجاهات التعصب والتشدد المذهبي، وبالطبع لا ننكر الجهود التي يقوم بها المركز على صعيد نشر ثقافة الحوار، وجمع ذوي الرأي في مختلف المناطق والتوجهات في ملتقياته، فهي جهود تأسيسية نأمل أن تهيئ المجتمع أكثر لقبول الرأي الآخر. تقدير لكبار العلماء • بادر سماحة مفتي عام المملكة وهيئة كبار العلماء بإدانة جريمة الدالوة ماذا يمثل لكم ذلك؟ •• هيئة كبار العلماء على رأسها سماحة المفتي، ليست مجرد موقع ديني علمي، بل هي جزء من كيان الدولة، وتعلم أهمية التصدي للأخطار، لذلك كانت المسؤولية تفرض على هيئة كبار العلماء المبادرة إلى اتخاذ الموقف المسؤول، وبحمد الله لم تتأخر عن ذلك، بل كانت المبادرة سريعة وصريحة لا تقبل اللبس والتأويل، وهذا ما يستحق الإكبار والتقدير، ويزيد ثقة كل المواطنين بمتانة وصلابة مؤسسات الدولة في مقابل الإرهاب ومحاولات الفتنة والفرقة والتخريب. إن موقف المفتي العام وهيئة كبار العلماء فوت الفرصة على المغرضين والحاقدين، وأثار الارتياح والاطمئنان في نفوس المواطنين. صور شهداء الأمن • أطاحت الأجهزة الأمنية بالمتورطين في الجريمة في وقت قياسي وفي أكثر من مدينة وقدم رجال الأمن أنفسهم شهداء لحماية الوطن والمواطنين ما هي كلمتكم للشهداء وأسرهم؟ •• إن رفع أهالي الأحساء لصور شهيدي القوات الأمنية، في مسيرة التشييع وذهاب وفد كبير من الشخصيات الشيعية لتقديم العزاء والمواساة لأهالي شهيدي الأمن في القصيم وحائل، يحمل دلالة كبيرة وواضحة على تقدير الناس لتضحيات رجال الأمن وإنجازاتهم المشهودة في حماية أمن الوطن والمواطنين. وحين نرى الانفلات والفوضى في بلدان أخرى، تسفك فيها الدماء، وتنتهك الأعراض، وتستباح الحرمات، فإن ذلك يجب أن يدفع لتقوية المؤسسة الأمنية في بلادنا، لتحمي الوطن من شرور الإرهاب، ومن كل عدوان على أمن المواطنين، ونسأل الله تعالى للشهداء المغفرة والرحمة، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وحق لهم أن يفخروا بأبنائهم المضحين بحياتهم في خدمة الدين والوطن. • ما الدور المطلوب من العلماء لحماية الوطن ومواطنيه من الفتن وشرور الأشرار؟ •• المطلوب من علماء الأمة ودعاتها توعية أبناء الأمة وتذكيرهم بالمبادئ الأساسية في دينهم، وفي طليعتها حماية وحدة الأمة من التفرق والتنازع والاحتراب، هذه الوحدة التي أعدها الله تعالى مظهراً لعبادته وتقواه حيث يقول تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)، فمن لا يلتزم نهج الوحدة لا يعبد الله حقيقة ولا يتقيه. وواجب العلماء أن يؤكدوا على التزام نهج العدل والإحسان، ويجب أن تكون العلاقة بين المواطنين على أساس الإحسان والاحترام المتبادل، لا القطيعة والإساءة كما يحرض عليها المتطرفون. وواجب العلماء دعوة الناس للاجتهاد في تطوير حياتهم، وبناء أوطانهم، وإنجاح مشاريع التنمية. تنقية الأجواء • ما هي كلمتك لإخواننا الشيعة في هذا الظرف؟ •• أقول لإخواني الشيعة ما أقوله لإخواني السنة، إن وطننا أمام تحد خطير، حيث تريد قوى معادية تحويل بلادنا إلى ساحة اضطراب، وعلينا جميعا أن نعي خطورة المرحلة، وأن نسد الثغرات التي يريد الأعداء والمغرضون النفوذ من خلالها، بتنقية أجوائنا، وأن لا نسمح للمعارك والصراعات في البلدان الأخرى أن تمتد إلينا، فكلنا شركاء في هذا الوطن الغالي، ولا مستقبل لنا إلا في ظل أمنه وعزته وقوته. • ظهرت تيارات وجماعات أنتجت جيلا يكفر هذا وذاك دون وازع ديني أو أخلاقي، كيف ترى خروج هذه الجماعات وما هي أسبابها؟ •• التيارات والجماعات المتطرفة تنطلق من سوء فهم للدين، وتغذيها قوى سياسية طامحة وأخرى خارجية حاقدة تريد هدر ثروات الأمة في الاحتراب الداخلي، وتعويق مسيرة التنمية. نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا من كل مكروه، وأن يوفق قيادتنا لتحقيق تطلعات الشعب والوطن.