×
محافظة مكة المكرمة

رئيسان لـ «نادٍ شهير» أمام القضاء بتهمة «غسل أموال» والتطبيق على أراضٍ خالية

صورة الخبر

يا سبحان الله، فرغم كل الحزن وكل الحنق وكل الدموع التي سكبت على ضحايا جريمة الدالوة في الأحساء لكن المؤمن تعود أن يحمد الله في المنشط والمكره، ويعلم أن كل سواد يعقبه بياض، وكل ليل يتلوه نهار، ورب ضارة نافعة.. وهكذا. لقد أظهرت هذه الحادثة الشنيعة مدى التلاحم الشعبي بين أهل هذه البلاد، واتضح ذلك من خلال الحجم الكمي والنوعي للاستنكار والتنديد الذي تشارك فيه علماء هذه البلاد ومفكروها ونخبهم الثقافية والشعبية على نحو لا أذكر له مثيلاً مقاربا، إلا عند تلاحم المواطنين مع الدولة خلال غزو العراق للكويت في مواجهة فتنة انقسام العرب في ذلك الوقت، حين وقفت بعض الدول العربية مؤيدة أو صامتة حيال هذا الغزو الهمجي ليكون غزو العراق للكويت استفتاء شعبيا واقتراعا عفويا على الولاء لهذا الوطن، ولعل حادثة دالوة الأحساء تدفعنا لتعزيز اللحمة الوطنية من خلال التداعي بجميع أطيافنا الشعبية لنبذ أسباب الفرقة، وذلك من خلال وضع التشريعات والأنظمة التي تجرم الفرقة أو التنابز بالطائفية أو العرقية أو القبلية أو المناطقية، والسعي حثيثا نحو تصفية كل المنابر الرسمية وغير الرسمية، والتي يقع تحت لوائها مسؤولية مراقبة خطب وخطباء الجمعة، بحيث يتم تحاشي الخوض في أي موضوع يمكن له أن يتسبب في إثارة الفتنة الطائفية، متكلين في ذلك على أن أي أحد لن يكون بمقدوره تغيير الآخرين مثلما يعجز الآخرون عن تغييره تبعاً لقناعات النشوء والتربية، وسيسري لزوم المراقبة على القنوات التلفزيونية التي أسهمت – بلا شك – في صعود المد الطائفي وتفشي الكلام في هذه الفروقات المذهبية في المجالس العامة والشعبية، بحيث صارت من المواضيع التي يستغرقها كلام الصوالين وملتقيات الناس الذين صارت تحاصرهم هذه القنوات الطائفية في كل اتجاه على نحو يكرس الفرقة ويستدعي كل طائفة ضد الأخرى، ومن هنا تقع المسؤولية على الدولة في محاصرة هذه القنوات والسعي -ما أمكن- لمنعها وتحريمها كما هي تفعل تجاه قنوات التفسخ الأخلاقي، ولا بد من معاقبة كل من تسول له نفسه استسهال تكفير الآخرين واتهام المختلفين في المذهب وتخوينهم في الانتماء وفي العقيدة، والحرص على وضع الخطط التي تكفل للجميع في هذا الوطن العيش بصفاء وسلام لا تشوبه لمزات طائفية أو تنابزات مذهبية أو معايرات قبلية أو استهزاء مناطقي. وعلى الدولة من الآن سن القوانين التي تعاقب كل الطائفيين في كل الاتجاهات، وعدم التسامح أو التهاون أو المحسوبية في التطبيق؛ بحيث يكون الوطن ومصالحه المظلة التي ينعم تحت ظلها كل أبناء هذه البلاد بكافة اختلافاتهم ومشاربهم وطوائفهم. كما يجب تنقية المناهج وتنظيف عقول المعلمين من هذه الانحرافات، ولن يتم ذلك إلا من خلال إقامة دورات تدريبية توعوية لتبيان المخاطر وإلقاء الضوء على العقوبات التي يجب أن تطال كل من يغرس هذه الفتنة في نفوس الناشئة، ومعلوم أن السعي في هذا المسار الوطني يقتضي المنع التام لطرح أي نوع من الأسئلة على برامج الفتاوى التي تتعمد إثارة هذه الفتنة من خلال بعض الأسئلة التي تحمل رائحة طائفية ومحاولة إلباسها حكما دينيا عبر استفتاء بعض العلماء والمشايخ. إن من مقتضيات العدل والمساواة بين المواطنين أن يتم التعايش على حد سواء بين الجميع بعيدا عن العنصرية والمذهبية والمناطقية والقبلية، والتي تشكل قنابل موقوتة تهدد الوحدة الوطنية التي ترعى الجميع تحت سماء هذه البلاد بلا تفرقة أو تغيير. وألا نسمح بأي حال من الأحوال لسوسة الطائفية بكل أشكالها أن تنخر جذور نخلتنا السامقة في هذا الوطن الذي ننعم فيه ولله الحمد بالأمن والرخاء والتعايش تحت ظل الشريعة المحمدية.