عندما تستضيف شاعرا بقامة مسفر الدوسري فإنك حتما تستنطق المسك كما قاله احد الزملاء، تستعيد ذائقة الشعر المسلوبة من زمن السرعة والانفلات الاعلامي، تعيد عقارب الساعة للزمن الاصيل للشعر الجميل للمشاعر الصادقة.. حضر مسفر وحضرت معه روحه النقية المحبة واخضرت وتنفست الارض العطر وبقي للشعر مكانته وحصانته من الدخلاء والمنتفعين. • لتكن البداية من الاحباطات التي تعيشها معظم الدول العربية.. لماذا لم تولد لنا نصوص توازي خط سير الربيع العربي وتحكي الواقع الاليم؟ •• بداية لا أظن أن ما يسمى بالربيع العربي قد أنتج زهورا بحجم الحلم حتى هذه اللحظة، ولم يلد شمساً توازي عتمة الصبر، ولم يكتب بداية سفر يستحق فرحنا المشتهى، المؤسف أن هذا الربيع حاصره الخريف قبل الأوان، وما تبقى منه حتى الآن ورقة أخرى من الخيبة تضاف إلى الرصيد الزاخر من الخيبات، إلا أن حسنته الوحيدة أن من اتى عليهم الربيع العربي اصبحوا على يقين أكثر بأن ما كان يعتقد أنه مستحيل في يوم ما ممكن الحدوث! هذا الربيع اغتيل قبل أن يترك مساحة لفرح أغنية أو بارقة قصيدة لتنمو فوق سور الاشواك. • هل كشف لنا الشعر الشعبي خبايا أرواح اهل الخليج ام انه كان ترفا ومتنفسا؟ •• الشعر الشعبي لدينا جمع بين هذا وذاك. • بعد هذا الركض شعرا ماذا تبقى لسفير النوايا الحسنة مسفر الدوسري؟ •• طالما بقي بي نفس آخر فهذا يبقي لي الكثير من الوقت لأحب أجمل مما كنت أحب، ولأكتب قصيدة أفضل مما كنت أكتب، ولأسمع موسيقى أعذب من تلك التي سمعتها للتو، ولأرتب لذاتي حلماً يليق بصبحي القادم. • هل افتقدت الساحة الشعبية للعمق وباتت تسطح كي يتلقف قصائدها جيل اليوم ام ان الشعراء باتوا لا يهتمون بمن يستحسن قصائدهم او يستقبحها؟ •• باعتقادي أن هذا الرأي بهذا اليقين ظالم ومجحف، فكما أن هناك الكثير من الشعر الذي لا يتعدى قشرة المشاعر وسطحها هناك شعر يستحق أن يكتب بماء الذهب على جدران الروح. • القصيدة الشعبية في أي فضاء تدور الان؟ •• تدور في فلك تكنولوجيا التواصل الحديثة بحثاً عن طريقة ملائمة للتآلف معها، بعد أن حاولت جاهدة مقاومة ترويض هذه التكنولوجيا لها وإخضاعها لشروطها وإغرائها. • شعراء المسابقات يشبههم البعض بمحلات ابو ريالين نصوصهم رخيصة طمعا في المال والهبات هل تقف مع هذا الرأي؟ •• لا أتفق مع هذا الرأي فتلك المسابقات كشفت عن كم مذهل من جمر الشعر تحت رماده الذي يطفو على السطح، أنا شخصياً فوجئت بشعراء رائعين لم أكن أعرفهم قبل تلك المسابقات حتى وإن لم يحظ عدد منهم بنصيب في الوصول لمراحل متقدمة فيها. • هل تجاوز محبوك نصك الشهير «منفوحة» ام لا تزال أسيرا لهذه القصيدة؟ •• من أراد أن يقف على أعتاب «منفوحة» فكل ما أتمناه له هو أن يطيب له المقام ما بقي هناك، ومن أكمل معي السفر بحثا عن دهشة أخرى في الشعر الذي لا تنضب هداياه فما أتمناه هو أن يكون قد وجد معي ما استحق وعثاء السفر. • هناك من وصف شخوص الساحة الشعبية بقليلي الوعي، ما المسوغات التي بني عليها هذا الرأي؟ •• في ظل هذه الثورة المعلوماتية والمعرفية الحديثة ليس هناك مسوغ لقلة الوعي لأي كان، ولكن تبقى بعض الآراء «كليشيهات» معلبة لا يرغب أصحابها في التخلي عنها رغم صدئها، وانتهاء صلاحيتها، وهؤلاء أحرار في تناول تلك الآراء الفاسدة ولكنا غير مجبرين في اقتسام وجبتهم تلك معهم. • بعض الشعراء اتخذوا من تعرية المجتمع هدفا لهم هل هذه من اهداف ورسائل الشعر؟ •• أهم رسائل الشعر هو أن يكون شعراً، وما دون تلك الرسالة خاضع للمزاج الشخصي لذات الشاعر. • تتزايد حدة العنصرية بشتى انواعها وفي الكثير من المجالات، هل اسهم الشعر الشعبي في تأجيجها ام وقف بحزم ضد الفرقة والخلافات؟ •• أعتقد أن الشعر الشعبي استخدم كغيره من الوسائل الأخرى كمطية لتسويق هذه الظاهرة البشعة. • لك تجارب اعلامية سابقة وكبيرة، لماذا اوقف برنامجك الشعري في اذاعة جدة مؤخرا؟ •• تم إيقاف البرنامج خلال شهر رمضان على أن يتم استئنافه بعد ذلك، وفعلا تم التواصل معي بعدها للعمل مجددا على البرنامج بل وزيادة مدته، إلا أنني اشترطت العمل مع مخرج آخر بدلا من المخرج الذي تم تكليفه في البداية بشكل مؤقت إلى أن يتم تعيين مخرج ثابت للبرنامج، ولكن لم يتم ذلك، ويبدو أنه نتيجة لإصراري على العمل مع مخرج آخر يتم ترشيحه من قبل إذاعة جدة لم يستأنف البرنامج، وبذلك أسدل الستار. لا تواعدني تجيني لا تجرح عيون الثواني بـ الصبر لا .. لا تواعدني تجيني .. وما تمر وتخلي أيام العمر وردة فرح من غير عطر وأصير أنا بعدك سطر .. هارب من أحضان الكتاب .. وتنساني في بحر العذاب موجة حزن .. على السواحل تنتظر .. لا تجرح عيون الثواني بـ الصبر لا .. لا تواعدني تجيني .. وما تمر قلنا وعدنا بالثمان .. صارت تسع تسع وعشر .. عشر وتسع ... عشر و [ عمر ] .. عشر وعذاب .. عشر .. وأماني تحتضر حتى عقارب ساعتي .. صارت تحاشى نظرتي ملت تفر لا تجرح عيون الثواني بـ الصبر لا .. لا تواعدني تجيني .. وما تمر.