قلنا ونقول ونؤكد للقاصي والداني أن وحدة هذا الوطن وتماسكه وأمنه واستقراره ليست معروضة في سوق نخاسة الإرهاب والتطرف، ومزاد العملاء والخونة وقادة الفوضى. وحدة الجزيرة العربية عصية على المتربصين بتمزيقها، ولن تكون -بحول الله وقوته، مهما بلغ مكر الدسائس الخبيثة- ساحة هشة كتلك التي حدثت على أراضي دول فاشلة. أيها الأعداء المتربصون نقول لكم بصوت واحد: أرضنا ليست كأرضكم؛ لأنها فيها قبلة المسلمين، وفضاؤها ليس كفضائكم؛ لأنه يعج بعطر التكبير والتهليل، وشعبها ليس كشعبكم؛ لأنه يتكئ على دعوة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر). ونؤكد لكم أيها الأعداء الحاقدين أيضاً، أن الشيعة في هذا الوطن، هم إخوان وجيران وأهل، وزملاء في العمل والإنتاج، ولن نكون مثلما أردتم لشعوبكم في إيران والعراق ولبنان واليمن، بل إننا جميعاً سنةً وشيعةً في هذا الوطن نقتدي برجال الدين الأفاضل، الذين يحملون راية التسامح، ولغة نبذ التطرف والطائفية، ومنهم رجل الدين الفاضل في النجف الشيخ محمد رضا المظفر، رحمه الله، الذي ذكر في كتابه «عقائد الشيعة»: «بلى إن المسلمين لو وفقوا لإدراك أيسر خصال الأخوة في ما بينهم وعملوا بها لارتفع الظلم والعدوان من الأرض، ولرأيت البشر إخواناً على سرر متقابلين، قد كملت لهم السعادة الاجتماعية، ولتحقق حلم الفلاسفة الأقدمين في المدينة الفاضلة، فما احتاجوا -حينما يتبادلون الحب والمودة- إلى الحكومات والمحاكم ولا إلى الشرطة والسجون، ولا إلى قانون للعقوبات وأحكام للحدود والقصاص، ولما خضعوا لمستعمر ولا لجبار ولا استبدَّ بهم الطغاة، ولتبدلت الأرض غير الأرض وأصبحت جنة النعيم ودار السعادة». يا من انغمسوا في ملذات سموم الحقد والكراهية، وابتليت بهم الأمتان العربية والإسلامية، يا من يكيدون في ظلمات الليل وحُجر الكراهية خطب وفتاوى تمزيق الأمة وطائفية المذاهب، يا من ينفقون الأموال والعمولات الرخيصة على أسلحة القتل والتدمير، بضاعتكم ردت إليكم على رغم آلام الدماء في الدالوة بالأحساء. موتوا بغيضكم وأنتم تسمعون وتشاهدون وزير الداخلية في الحسينية، وحشود الآلاف من كل مناطق المملكة يُعزون ويواسون إخوانهم، ويقفون بالتضامن معهم يداً واحدة. موتوا بغيضكم أيها المتآمرون على الأمة، بعد أن رأيتمونا في هذا الوطن ننتقد ونختلف، ولكننا في الملمات جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالحمى والسهر، يا من غرر بهم، احثوا التراب على وجوه فشلت في التآمر، وانفروا منها خفافاً وثقالاً، فليس لهم مكان بيننا، وكيدوهم بنخيل واحة الأحساء، الذي ازداد بهاء وجمالاً. قولوا للحاقدين إن السنة مسحوا دموع إخوانهم الشيعة فى الدالوة، وقبلوا جبين مشايخهم، وذكّروهم أن من استشهدوا دفاعاً عن الرجال والنساء، هم من إخوانهم السنة. الدماء الطاهرة السنية الشيعية أحيت واقع التاريخ وفضائل التسامح والجيرة والقربى والمحبة، التي سطرتها سيرة آباء وأجداد، كانوا عبر عقود من الزمان يصنعون من جريد النخيل وسعفه بيوتاً، وينشدون ال «يا مال» على مراكب تجوب ضفاف الخليج العربي، وعندما يحين وقت الصلاة يتوجهون بأفئدتهم لعبادة الخالق، جل في علاه، يُصلّون على الأنبياء ويسلمون على الآل والصحب تسليماً كثيراً، وحين يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض «وقت الغروب» يقتسمون ما أفاء الله عليهم من الرزق البحري لؤلؤه وسمكه، ويُودِّع الشيعي أخاه السني، ويحرص السني على المرور على أخيه الشيعي في صباح يوم آخر، ورحلة أخرى للبحث عن الرزق الحلال. لقد وفقهم الله على هذه الأرض الطيبة لإدراك أيسر خصال الأخوة فيما بينهم، وكانوا حقاً قدوة وإخواناً على سرر متقابلين في حياتهم الدنيا، وفى الأسبوع الماضي وعلى أرض الأحساء، وعلى رغم آلام الجِراح، أحيا أبناء الوطن الواحد إرث الآباء والأجداد في ملحمة وطنية نادرة، في زمن تتداعى فيه حدود دول فاشلة. إنها رسالة من أبناء هذا الوطن، قوية المبنى وسديدة المعنى، بليغة العبارة واضحة الإشارة، قالوا للمتآمرين في الخارج: «موتوا بغيضكم»، ولقيادتنا بالداخل: «نحن على العهد معكم، نؤيدكم ونبايعكم، ومستعدون للتضحية والفداء من أجل أمن ووحدة الوطن، ونستحق ويستحق وطننا الغالي الكبير المزيد من مبادرات التغيير والتطوير، وحملة صارمة للقضاء على الفساد، هدفنا جميعاً حكاماً ومحكومين تعزيز وحماية جبهتنا الداخلية التي هي الحصن المتين ضد من تسول له نفسه أمراً». * كاتب سعودي. alyemnia@