رياض عبدالله الزهراني الطائفية ورم خبيث قاتل ومواجهته تتطلب جهوداً كبيرة؛ فاستقرار المجتمعات مرهون بالسلم الاجتماعي بين الأفراد. حاول بعض من انجر خلف تنظيمات وحركات وشعارات مضللة ضرب تعايش المجتمع فوجه رصاصات الغدر والخيانة نحو أبناء وطنه فكانت النتيجة أرواحاً طاهرة صعدت إلى السماء ووقفة صمود من أبناء المجتمع مستنكرة ورافضة تلك الجريمة النكراء. المجتمع السعودي ليس استثناءً عن بقية المجتمعات فهو مجتمع متعدد في كل شيء طوائف وآراء واتجاهات وأعراق تجمعهم قواسم مشتركة ووطن واحد متعدد في كل شيء، حاول من اعتدى على أحد مكونات المجتمع جر المجتمع إلى صراع طائفي دموي مستفيداً من حالة الاحتقان التي أنتجتها ظروف إقليمية وتسببت بزيادة حدتها آراء ومواقف بعض من لا يؤمنون بالتعددية والتعايش الاعتداء الآثم الذي استهدف مواطنين شيعة في أحد مواقعهم بقرية الدالوة جريمة بشعة ودموية هدفها دق مسامير الاقتتال الطائفي بجسد الوطن الواحد وهيهات أن يكون ذلك طالما العقلاء كثر بوطننا الكبير. وقف المجتمع وقفة صادقة فالجميع أدان واستنكر تلك الجريمة الغادرة وغير الأخلاقية وذلك دليل على رفض المجتمع بكل أطيافة للطائفية ووجهها القبيح، فالطائفية تبدأ بكلمات وتنتهي بدموية، والصراعات الطائفية وعبر التاريخ ابتدأت بكلمات وآراء فتطورت لخلافات سياسية وانتهت لدموية أهلكت الأخضر واليابس، صيانة وحدة المجتمع وتعدديته وحرياته تتطلب جهوداً كبيرة تنويرية وقانونية، فالطائفة الشيعية في الوطن وغيرها من الطوائف مكون مهم من مكونات النسيج الاجتماعي الوطني لهم حقوق وعليهم واجبات لكن هناك من يحاول إلحاق الضرر بتلك الطائفة وبغيرها بشتى الطرق والوسائل وهناك من يستثمر بعض الخلافات والاختلافات لتحقيق غايته في إحداث شرخ بالصف الوطني، الطائفة الشيعية تدفع ثمن تجاوزات بعض المحسوبين على المذهب الشيعي في العالم الإسلامي وتلك عملية معقدة أنتجها بعض الغوغائيين من كلا المذهبين السني والشيعي، وإلا فصوت العقل يقول لماذا يدفع الإنسان ثمن تجاوزات لم يكن في يوم من الأيام طرفاً فيها بأي شكل من الأشكال! صيانة المجتمع تكون بقوانين تجرم كل من يمس الوحدة الوطنية بأي شكل من الأشكال ووحدة الأوطان تعني التعددية والتعايش بين أفراده، فالخطاب المتطرف يجب أن يتوقف وتوزيع الاتهامات والتشكيك يجب أن يتوقف ومراجعة الخطاب الديني بدءاً من المنابر والمناهج يجب أن تبدأ حلقاته فالتطرف ليس محصوراً بفئة معينة بل موجود في كل فئة فغياب الوعي والتنوير والمراجعات الفكرية والفقهية والحوار والتعايش الحقيقي المصان بقوانين واضحة أوجد ذلك التطرف الهمجي الذي لا يقيم للإنسانية والقيم وزناً. مدينة الأحساء أرض تختزل التعايش في أبهى صورة فهي مدينة المذاهب والاتجاهات الفكرية احتوت الجميع فكانت شمساً مشرقة ونموذجاً فريداً في عالم تتلاطم أمواجه وستبقى كذلك رغم أنف كل من يحاول جرها لأتون الظلام، مجتمعنا السعودي المتعدد والمتنوع لن يقع ضحية من يعيش في كهوف الظلام ولن يقع ضحية متطرف أياً كان انتماؤه سنيا أو شيعيا فالوسطية والاعتدال قيمتان يؤمن بهما المجتمع السعودي ويدعو لصيانتهما بإجراءات قانونية وتنويرية وفكرية فالوسطية ممارسة والتعايش والتعددية كذلك فالبداية تكون بمحاصرة ومقاومة كل رأي متطرف يمس فئة أو ينال من أخرى فالتحريض سبب والرأي المتطرف سبب كل الأسباب دفعت بالظلاميين لاستهداف مواطنين لا ذنب لهم سوى أنهم يختلفون عنا في المذهب لكنهم متفقون معنا في قواسم كثيرة يعيشون بيننا منذ آلاف السنين فالاختلاف طبيعة بشرية والاتفاق كذلك فلنصن الاختلاف ونحقق التعايش والتعددية بإجراءات تصون السلم الاجتماعي فمصل الطائفية القاتل هو التعايش بين الأفراد والجماعات والطوائف ولا يكون التعايش تعايشاً حقيقياً في ظل آراء ومواقف تستهدف الآخر وتميزه عن غيره لأسباب عرقية أو دينية أو مذهبية ضيقة!