مع بدء الانتخابات لاختيار رؤساء المجالس البلدية ونوابهم اليوم، تراقب الأنظار الدور الذي ستقوم به المرأة التي ولجت أغلب المجالات وأصبحت جزءا لا يتجزأ من مجتمعات العمل بمختلف تخصصاته، للدرجة التي أصبح دخولها لهذه المجالس مطلبا من البعض للمشاركة في صناعة القرار، بينما آخرون يرون أن دورها كداعمة للمرشحين هو الأهم. بين هذا وذاك استطلعت «عكاظ» آراء بعضهن حول إمكانية دخول العنصر النسائي في هذه المجالس وهل ستتوافق حياتهن مع طبيعة العمل المحلي والخدماتي، وكيف ينظرن لمن يقول إنهن أدوات تشجيع فقط. ضرورة مجتمعية ابتدرت عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي ومشرفة الحوار الوطني الدكتورة الجوهرة سعود الجميل الحديث لـ «عكاظ» معتبرة أن مشاركة النساء في المجالس البلدية أصبحت ضرورة وطنية ومجتمعية، لأنهن شقائق الرجال ومشاركتهن تفرضها احتياجات المرأة الحالية التي تتزايد في وقت تتناقص فيه الخدمات، وتزيد «نحن في بلد مسلم دستوره الكتاب والسنة أوجد أفضل الوسائل في خدمة المرأة والتي تستطيع بعلمها ومعرفتها أن تخدم فئة النساء وفق ضوابط الشريعة الإسلامية وثوابتها، وكما نجحت المملكة في التعليم تستطيع وبجدارة الإبداع في مجالات أخرى ومنها المجالس البلدية ومن نعم الله تعالى أن التقنية الحديثة سهلت التواصل وفق عاداتنا وتقاليدنا التي هي جزء من شريعتنا الغراء، فلم يعد هناك حجة من إهمال مصالح ومطالب المرأة واحتياجاتها، خاصة فئات المطلقات والأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وهن نصف المجتمع». ومضت الجوهرة بحديثها «ليس من العدل أن ينصب الاهتمام على نصف المجتمع فقط ويترك النصف الآخر، الأم المربية التي تعد شعبا طيب الأعراق، وهي النصف النابض الذي لن تسير التنمية بصورة جيدة بدونه»، مبينة أن كل مواطن ومواطنة يسعون لإعادة هيكلة المجالس وصياغة مهامها بمرونة تمكنها من مراقبة الأداء العام وتحقيق مطالب المواطنين ومصالحهم ومنح صلاحيات أوسع في الرقابة والمتابعة لا مجرد تقديم اقتراحات ودراسة مشكلات لا تسمن ولا تغني من جوع، منتظرة أن تحقق المجالس البلدية التوازن المفقود والذي تولد من إشكاليات التخطيط والتنظيم والتنسيق، حسب قولها. تحد كبير وذكرت الباحثة الاجتماعية والمساعدة الإدارية لهيئة حقوق الإنسان خيرية الزبن، أن المجالس البلدية كونت لتحقيق أعلى مستويات الرضا للمواطن والمستفيدين من خدماتها والمراجعين ووضع استراتيجيات بشكل منهجي وعلمي لدراسة الشكاوى والملاحظات والاقتراحات من المواطنين ووضع آليات محددة لقياس رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم والاستفادة من النتائج لتطوير الأداء في المنشأة البلدية، مشيرة إلى أن ترشيح المرأة في المجالس واجب لتمارس من خلاله حبها لوطنها وحرصها على المشاركة وفق أسس سليمة تسودها القيم الشفافة، منوهة إلى أن نجاح النساء في المواقع القيادية عبر العملية الانتخابية يعد تحديا كبيرا. وأردفت «أعتقد أن السبب في تأخر دخول المرأة في المجالس البلدية قد يعود لضعف الخبرة السياسية والديمقراطية والنظرة السلبية للمرأة المنبثقة من واقع المجتمع وطبيعة عاداته وتقاليده، ولكن دخولها هذا المجال يعتبر خدمة لبنات جنسها لأنها أعلم بتلمس احتياجاتهن وطبيعة الخدمات التي يرغبن فيها، ولا بد أن تدعم من قبل المجتمع وأن تخضع للتأهيل بالدورات وورش العمل قبل ترشحها، وفي تقديري أنها قادرة على تحقيق النجاح ولن يكون لها دور المتفرج والمشجع كما يقول البعض ودليل ذلك نجاحها في العديد من الدول العربية». ترسيخ ثقافة وأكدت مختصات مهتمات بالشأن المحلي على أهمية الدور الفاعل للمرأة انطلاقا من دورها في الأسرة لتعزيز وترسيخ ثقافة التوجه نحو صناديق الاقتراع لانتخابات مرشحي المجلس البلدي للدورة المقبلة، كما نوهن أن للمرأة كمواطنة أو مسؤولة لا يقل أهمية عن الرجل في المشاركة والتفاعل مع الخدمات البلدية بالأحياء السكنية، حيث ترى الناشطة الاجتماعية، الأخصائية النفسية نوال الزهراني أن المرأة ركيزة أساسية في رفع سقف الوعي الاجتماعي بشكل عام، ولها دور تنموي فاعل ورائد في مختلف المجالات، لذلك من حقها الترشح للمجالس البلدية ومن لم تكن ترغب فلتساند من لديهن الاستعداد لخوض التحدي. وفي ما يخص الوعي بثقافة الانتخابات البلدية قالت إن الأمر لا يقل عن دورها القيادي في نهضة فعالية المواطنة وتعزيز المشاركة وترسيخ أولى أبجديات صناعة القرار، مضيفة «للمرأة دور كبير في انطلاق الفكر المجتمعي وإدراك حقوقه والتسليم بواجباته، وأظن أن مشاركتها في صناعة القرار هو بحد ذاته مسؤولية تتقنها وتدركها بثقة ووعي، لذلك نحن ننتظر منها أن تهز جذع النخلة بقوة الثقة التي منحها لها الله لتتساقط رطب الخير وتنطلق من لحظات المخاض هذه نحو ميلاد تعقبه سنين من التنمية». تكامل أدوار من جانبها، أوضحت الناشطة الاجتماعية في حملة «بلدي» فاطمة الطويرقي أن هناك سعيا لإثبات أن للمرأة والرجل دورين متكاملين في نشر الوعي بين المواطنين بخصوص أهمية المشاركة بفاعلية في الانتخابات سواء بالترشح أو التصويت للأعضاء، مضيفة أن للمرأة دورا بارزا في هذا المجال لأنها أكثر ملاحظة للخدمات مثل النظافة في الشوارع والأحياء وكذلك تصريف المجاري ومشاريع الأنفاق والكباري نظرا لأنها تهتم بسلامة وصول أبنائها للمدارس والجامعات لذا نجد اهتمامها بقطاع الخدمات البلدية واضح جدا، آملة تفاعل المرأة مع الأمر بهدف تحسين مستوى الخدمات. وفي السياق نفسه تؤكد الاستشارية النفسية والاجتماعية الدكتورة فوزية أشماخ أن للمرأة دورا فاعلا في تحفيز أفراد الأسرة للاتجاه نحو صناديق الاقتراع، إذ أنه يقع عليها دور تحفيز التفكير والتفاعل لإيجاد بيئة مجتمعية تقدم مستوى أفضل للخدمات التي يستفيد منها المجتمع في الأحياء السكنية، لأنها تتميز بقوة الملاحظة وبالتالي تقدم المقترحات المفيدة من خلال مشاركتها في المجالس البلدية. دخولها تأخر كثيرا أما سيدة الأعمال ومدير عام مؤسسة إيمان لخدمات تطوير الأعمال إيمان فلاتة، فترى أنه ليس هناك مانع من دخول المرأة في المجالس البلدية، معتبرة أن هذا الأمر تأخر كثيرا عن موعده، متسائلة «لماذا لم تدخل المرأة في هذا المجال حتى الآن ؟، علينا أن لا نتحدث عن توافق طبيعتها مع طبيعة العمل الذي ينبغي القيام به عبر هذه المجالس لأن هناك وطنا ومجتمعا وليس رجل وامرأة حسب تصنيف البعض، ولو تحلى كل منهما بالوطنية والكفاءة فهما جديران بالتصدي لكل قضايا التنمية المحلية». وتؤكد رئيسة رواق وأديبات ومثقفات المدينة المنورة وعضو مجلس إدارة جمعية طيبة للتنمية الاجتماعية جمال السعدي، أن عدم الالتفات إلى دور وجهد المرأة في هذا المجال فيه تجاهل لكفاءتها وخبرتها والإيمان بوجهة نظرها، والاعتقاد بأن مثل هذه الأمور ذكورية بحتة غير منطقي فهي قادرة على فعل كل شيء لخدمة مجتمعها، وننتظر دخولها للمجالس البلدية لتلمس احتياجات المواطن من الخدمات والمرافق وغيرهما. معالم غير واضحة وفي الجانب الآخر رفضت مديرة إدارة التخطيط والتطوير بكلية العلوم جامعة طيبة نسرين قطان، الجزم بنجاح المرأة في هذا المجال، وقالت «لا أجزم بمدى نجاح المرأة أو فشلها في المجالس البلدية لأن الرجل حتى الآن لم يثبت نجاحه بالصورة التي كنا ننتظرها، كما أن طبيعة الأعمال في المجالس البلدية غير واضحة المعالم».