حين يعاني خمسة وعشرون حيا من أحياء جدة من ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية والسطحية فإن ذلك يعني أن جدة على وشك أن تغرق في بحيرة كامنة تحت هذه الأحياء تهدد تربتها بالتلوث ومبانيها بالتصدع وشوارعها بالهبوط، بل إن تلك المآسي لم تعد تهديدا متوقعا بل أمرا متحققا وواقعا يعاني منه سكان أحياء كثيرة في جدة. وإذا كان الأمر على هذا النحو من الخطر الذي يعرفه المخططون لمشاريع جدة والعاملون في أمانتها فإن أولى المشاريع بالتنفيذ إنما هي المشاريع المتعلقة بتخفيض منسوب ارتفاع المياه الجوفية والعمل على تصريفها، وإذا لم يكن بوسع أحد أن ينكر مشاريع الأمانة في هذا الصدد فلست أعتقد أن الأمانة يمكن لها أن تنكر بطء العمل في تلك المشاريع على نحو يجعل المواطنين يعتقدون أن تلك المشاريع تعثرت أو توقفت أو ألغيت ولم يبق منها سوى معداتها في الشوارع. إذا كانت المياه الجوفية تشكل الضرر الذي يعاني منه سكان تلك الأحياء حق المعاناة والخطر الذي تعلمه الأمانة علم اليقين فإن ما تقوم به الأمانة من مشاريع في هذا الصدد لا يمكن لها أن ترفع المعاناة عن سكان تلك الأحياء كما لا يمكن لتلك المشاريع أن تعبر عن استشعار الأمانة لذلك الخطر. وإذا كنا ندرك أن تلك البحيرات التي تكونت تحت 25 حيا من أحياء جدة إنما تولدت عن أحد أمرين، مياه الأمطار التي لم تجد تصريفا يحملها إلى البحر أو مياه الصرف الصحي التي لم تجد شبكة تحملها إلى أي جهة بعيدا عن جدة، إذا كنا ندرك ذلك فعلى الأمانة أن تدرك أن مشاريعها في هذا الصدد إنما هي مشاريع لمعالجة أضرار تسببت هي فيها حين غفلت عن مشاريع تصريف السيول وتغافلت عن مشاريع الصرف الصحي وانتهت الأمور إلى احتمال غرق جدة، غير أن الغرق سوف يكون هذه المرة في مياه الصرف الصحي وليس مياه الأمطار. Suraihi@gmail.com