الإرهاب، نشط في أسبوع واحد، في السعودية ومصر وتونس وسوريا والعراق، بفعالية شيطانية. في السعودية هجم قتلة داعشيون على مواطنين بالأحساء، وقتلوا وجرحوا أبرياء تجمعوا في حسينية. فرّ الإرهابيون، لاحقهم الأمن السعودي، ومن شاركهم الجريمة، في مناطق متفرقة، قتل بعضهم، وقتلوا هم ضابطا وعسكريين من حماة الأمن السعودي. في تونس إرهاب جديد من نوعه، استهدف حافلة عسكرية، فيها مدنيون، يؤدي لقتل 5 جنود. في مصر سلسلة من التفجيرات والضحايا وقنابل معلقة في الجسور. حصيلة أسبوع في منطقتنا، وأغلبها سلوكيات إرهابية جديدة. في السعودية كان رد الفعل على جريمة الأحساء رائعا على مستوى الدولة والمواطنين. الأمن السعودي كان تحت الاختبار عقدين في محاربة الإرهاب، كان على الوعد، والإعلام السعودي كان له دور حاسم. والقضاء السعودي مؤخرا، كان له دوره، ولاحظنا صدور أحكام مشددة في الأشهر الأخيرة، بعد سنوات من المداولات، خاصة أن القضاة كانوا تحت طائلة التهديد الإرهابي. بكل صراحة، فإن الحلقة الأضعف في منظومة المواجهة السعودية، هي مرفق الدعوة والثقافة الدينية والخطابة، والجهة المعنية بهذا المجال في الدولة هي وزارة الشؤون الإسلامية. د. توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» حول جريمة الدالوة، إنه قد «جرى التعميم على كافة خطباء المساجد في مناطق المملكة، لتخصيص موضوع الخطبة عن الحادثة (...) للتأكيد على المجتمع باللحمة الوطنية». وقال: «من لم يلتزم، لا مكان له بيننا». كلام شافٍ، ولكن الواقع يقول إن الأداء على الأرض ليس على مستوى المأمول، خاصة إذا عرفنا أن عدد الجوامع والمساجد في السعودية يزيد عن 30494 جوامع ومساجد. من يراقب خطاب هذه الجوامع؟ من يدقق الكلمات والمواعظ التي تلقى على المصلين؟ من يرصد أدعية «القنوت» التي يحتال بها بعض المتعاطفين مع «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» على إبداء الدعم والمساندة للجماعات الإرهابية؟ هناك دول عربية وضعت الكثير من الضوابط، سواء الدستورية، أو الإجرائية، لعدم ترك هذه الأماكن بعيدة عن نظر الدولة؛ مثلا المغرب والإمارات، والآن مصر، هناك تجارب فريدة في ضبط خطب الجمعة والمواعظ، لا نقول بنسخها، فلكل بلد سمته الخاصة، ولكن المهم المغزى. أعطي مثالا واحدا على الفجوة بين المرغوب والواقع على الأرض لدى الوزارة، فهي أصدرت تعميما قديما شهيرا بمنع مكبرات الصوت الخارجية في المساجد، وقصر الصوت، باستثناء الأذان، على داخل المساجد، وصدرت فتوى مؤيدة للشيخ الراحل محمد بن عثيمين بهذا، ولكن هذا القرار منذ صدوره ليس له أثر على الأرض، وكثير من أئمة المساجد ينفي وصول هذا التعميم له! وقادة الوزارة يؤكدون كل رمضان وجود هذا القرار ووصوله للأئمة، الواقع يقول إن المكبرات صماء عن التعميم العتيد، كأن الوزارة تخاطب كوكبا آخر! الصراحة صابون القلوب، وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية هي الحلقة الأضعف في منظومة الملحمة السعودية المجيدة بمحاربة الإرهاب. m.althaidy@asharqalawsat.com